إن التحديات الكبيرة التي تواجه الجالية المسلمة في الدنمارك، وهي تخطو منهكة بالحواجز المعترضة سبيلها للمشاركة في بناء مجتمع ترى نفسها جزء لا يتجزأ منه، كبيرة ولا بد من تذليلها… وقد بتنا الآن نتحدث عن الجيل الثالث، ولربما الجيل الرابع والخامس، حيث يستدعي التحدي تفعيل المشاركة الحقيقية في جميع الاستحقاقات، من انتخابات بلدية وبرلمانية تشريعية، كما يستدعي الظرف الحالي كذلك الاعتناء بدور الإعلام لينهض بالجانبين، التثقيفي والتنويري، ويُسْنِدَ عمليات تعديل الصورة المغلوطة التي وقع إشاعتها في المجتمع الدنماركي، والتي غالبا ما يسعى الإعلام بشكل أو بآخر باعتمادها الى الزج بالجميع في دائرة السلبية لإنعاش الأحكام المسبقة المتناولة للجميع، وذلك من خلال التغطية "البروبرغاندا"التي لا تخدم الاندماج والسلم المجتمعية في الدنمارك عموما… لهذه الأخطاء الإعلامية ولمثلها وجب الاستناد إلى الثقافي والفكري، والاعتماد على إعلام جادّ ورصين تتبناه الجالية المسلمة في الدنمارك، وبدون ذلك فسوف نظل كبش فداء في جميع محطات بلدنا الدنمارك، السياسية والإعلامية، رغم أننا مواطنون نحلم حلم هذا الوطن ونسعى لرقيه وتطوره ونمائه، لنا ما لبقية المواطنين من حقوق وعلينا ما عليهم من واجبات. لقد رأينا من خلال المتابعة والمشاهدة والقراءة في وسائل الاعلام الدنماركي توظيف بعض أخطاء الجالية المسلمة في الدنمارك من طرف الاعلام وتسويقها على أنها عامة يقترفها كل المسلمين دون استثناء، كنوع من التخدير والمغالطة للرأي العام الدنماركي. فالمسلمون الذين يصل عددهم اليوم في الدنمارك إلى قرابة نصف مليون مواطن، ليسوا كلهم كما يراهم الإعلام، نسخة واحدة وكتلة متجمدة، بل هم في الواقع نسيج مغاير تماماً لتلك الحملات الإعلامية المغرضة؛ فمن خلال الإحصاءات الرسمية تبين أن الجالية المسلمة منسجمة مندمجة في المجتمع الدنماركي الى أبعد الحدود، رغم بعض الأخطاء من هنا وهناك، وهذا موجود في جميع دول العالم، حيث لكل قاعدة استثاء. كما أدعو الإعلاميين والسياسيين في الدنمارك لمعرفة واقع الجالية الدنماركية في بلدان الاتحاد الأوروبي أو في بلد تمثال الحرية في أمريكا مثلا، ليعرفوا حجم التقوقع والبعد عن الاندماج في مجتمعات يعيشون فيها لعقود.. نحن نتأثر كثيرا لما يشيعه الاعلام عن المسلمين، حيث يجعلهم غولا وبعبعا يخيف به المجتمع الدنماركي باستمرار، وعليه فقد رأينا من جانب المسؤولية الأخلاقية القيام بمبادرة لتصحيح الصورة المشوهة للمسلمين في الدنمارك وتعديلها من خلال إبراز – بالحجة والدليل – أن المسلمين الدنماركيين عربا وعجما، هم من أهم وأوائل من يساهم في تطوير هذا البلد ويحافظ على أمنه وسلامة مجتمعه والبعد به عن كل ضرر قد يتعرض إليه. الصورة التي يغفل عنها عمدا الاعلاميون والسياسيون في الدنمارك، أن هناك في مجتمعنا طاقات دانماركية مسلمة تحمل أسماء، محمد وعبد الله وفاطمة.. تقوم بأعمال على قدم المساواة مع جميع الدنماركيين في مختلف المجالات الحيوية للمجتمع، غير أنها بقيت في ركن الظل ولا أحد يتحدث عن إنجازاتها الرائعة لخدمة هذا الوطن الذي نحبه ونسعى لرقيه. لدينا كم هائل من الدكاترة والممرضين والشرطة والجنود وحراس الليل والنهار في جميع القطاعات العمومية، والمعلمين والأساتذة والمهندسين من الرجال والنساء على حد سواء، وهم جنود يعملون في الخفاء، لا أحد يجد في نفسه الجرأة والشجاعة والأخلاق للحديث عن دورهم الايجابي والرائع والمؤثر في المجتمع الدنماركي. لذا فإنّا نسعى من خلال إبراز دور هؤلاء وغيرهم إظهار الحقيقة وتعديل الصورة وتصحيحها، كي نذهب عنها تشويه سنين فاقت الثلاثين سنة، عسى أن يسهم ذلك في استفزاز الخير في الصحافة، فيقلعوا عن دورهم غير الإيجابي وغير الخادم للمصلحة العليا للدنمارك.