بعد التقارير الأخيرة لمكتب السلامة الغذائية، الذي يحذر من ارتفاع منسوب المبيدات في بعض المواد الغذائية، ارتفع القلق في أوساط المستهلكين، خاصة بالنسبة للمواد، التي تستعمل يوميا كأغذية مثل الشاي والنعناع وبعض الخضروات والحوامض. كشفت التقاريرعن مشاكل خطيرة على مستوى المراقبة، حيث كان المجلس الأعلى للحسابات قد أعلن، السنة الماضية، ضعف عملية المراقبة، لاسيما أن السلطات المختصة تكتفي فقط بمراقبة مستوى بقايا المبيدات في الخضر والفواكه الموجهة للتصدير، أما التي يستهلكها المغاربة فلا تراقب! رغم أن تلك المبيدات لها آثار خطيرة على صحة الإنسان، إذ منها ما يسبب السرطان، وما يسبب تشوه الأجنة، وما يؤثر على القدرة على الإنجاب، وغيرها من الأضرار التي قد تنجم عن تراكمها في أنسجة المستهلك. التقرير، الذي نشر في يونيو 2018، كشف أرقاما صادمة تميط اللثام عن وضع مأساوي، حيث إن المواد الغذائية المستوردة لا تخضع لمراقبة كافية بخصوص مستوى المبيدات. فالشاي مثلا يأتي على رأس المواد التي يستهلكها المغربي دون أن يكون قد خضع لمراقبة ما يحتويه من سموم ومواد مسرطنة، وحتى في حال مراقبة جودته، يكتفي بفحوص طبقا للمعايير الصينية، بدل اعتماد المعايير الأوروبية المتشددة فيما يتعلق بصحة المستهلك. مسؤول عن أحد المختبرات المتخصصة في المجال، أكد استمرار عدد من الفلاحين بضيعات مختلفة في استعمال مبيد فلاحي «محظور» ومشهور بين الفلاحين، مما ينذر بخطر على صحة المستهلكين للخضر والفواكه على الصعيد الوطني. المتحدث أشار، أيضا، إلى كون الوضع يزداد سوءا بسبب غياب مراقبة الجهات المختصة للضيعات الفلاحية، وكذلك أماكن بيع تلك المواد الكميائية «المحظورة» دوليا، إلى جانب غياب أي أبحاث مشتركة بين وزارة الفلاحة ووزارة الصحة والمختبرات التابعة لهما حول إحصائيات الإصابة بمرض السرطان، وكذلك القصور الكلوي، الذي بات في ارتفاع لافت. المسؤول أوضح أن العديد من الدراسات الوطنية كشفت أن ثمار الفواكه تحتوي على الأثر المتبقي من المبيدات أعلى من المسموح به دوليا، وهذا بدوره يشكل خطرا كبيرا، محذرا من أخطار تلك المبيدات، مشددا على أهمية ترشيد استخدامها لما تسببه من حالات تسمم حاد ومزمن للإنسان. تعرض الإنسان بطرق غير مباشرة، عن طريق استهلاك (المواد الغذائية والماء والهواء) الملوثة بآثار المبيدات، يؤدي إلى الوفيات والسرطانات، وضعف الحالة الجنسية، وقد يسبب في النهاية العقم. وبالنسبة إلى المرأة الحامل، فإن هذه السموم تنتقل من الدم إلى مشيمة الأم ومن ثم إلى جنينها، وتسبب تشوهات خطرة للجنين. ويبقى المواطن المغربي تحت رحمة جشع المستوردين والمهربين والمتلاعبين بالمواد الغذائية الفاسدة، وبتواريخ نهاية الصلاحية، خصوصا مع غلبة الاقتصاد غير المنظم على إنتاج ونقل وتوزيع وتخزين وبيع المواد الغذائية، وضعف أجهزة المراقبة وتداخل الاختصاصات بينها.