تقع رواندا بإفريقيا الوسطى بين الكونغو، تانزانيا، بروندي، وأوغندا، وهي دولة صغيرة نسبيا على مستوى المساحة لكن أكثر كثافة، حيث يعيش حوالي 10 ملايين رواندي في مساحة لا تتعدى 25 ألف كيلومتر مربع. شهدت رواندا بين عامي 1993 و1995 حربا أهلية بين الأغلبية من عرقية الهوتو -التي تشكل أكثر من 80% من السكان- وقبائل التوتسي التي تشكل النسبة الباقية. وقد اقترب عدد ضحايا مذابح الإبادة من مليون قتيل من عدد السكان البالغ آنذاك نحو 11 مليونا، واضطر أكثر من مليونين من الهوتو إلى الهرب من شبح الانتقام إلى زائير المجاورة، وفي الداخل ازدحمت السجون بأكثر من 120 ألفا من المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة. وبعد تلك الحرب تمكنت الجبهة الوطنية من السيطرة على البلاد، وعُين كاغامي نائبا للرئيس بيزي مونجو، لكن البلاد غرقت في الفوضى في السنوات الخمس التي تلت الحرب، وفشلت الحكومة في إيجاد حل. عاشت البلاد أسوأ فتراتها على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وبدا الأفق ضيقا أمام مونجو وحكومته، فتنازل عن منصبه إلى نائبه كاغامي عام 2000. ومع تولي كاغامي للسلطة، شرع في تنفيذ خطة من عدة محاور، في مقدمتها تحقيق المصالحة المجتمعية، وإنجاز دستور جديد حظر استخدام مسميات الهوتو والتوتسي، وجرم استخدام أي خطاب عرقي. ونجحت خطط الحكومة المتنوعة في تحقيق المصالحة بين أفراد المجتمع، وعاد اللاجئون إلى بلادهم، ونظمت محاكم محلية لإعادة الحقوق وإزالة المظالم. ومن القرارات التي اتخذها رئيس البلاد والتي أدخلته في صراع مع قوى دولية “فرنسا”، بعدما عمد إلى تغيير لغة التدريس في المقررات التعليمية من الفرنسية إلى الإنجليزية. وفرض مدة دنيا إلزامية حددت في 12 سنة من التعليم المجاني. كما استبدل نظام تقييم المدرسيين من الأقدمية نحو معيار نسبة النجاح . وأقر زيادة مستمرة في ميزانية التعليم، فبعد أن كانت 17 في المائة سنة 2013، أصبحت 22 في المائة سنة 2018، ويتوقع أن تصل إلى 25 في المائة في سنة 2020. ومع التقدم في الملفات الاجتماعية، وجهت الحكومة طاقتها للتنمية وتطوير الاقتصاد، وقدم الخبراء والمختصون دراسات تحولت لرؤية “رؤية 2020” الاقتصادية، وتشمل 44 هدفا في مجالات مختلفة. وتمكنت هذه الأهداف من تحقيق المعجزة، وارتفع متوسط دخل الفرد عام 2015 إلى ثلاثين ضعفا عما كان عليه قبل عشرين عاما. وتحولت رواندا بعد سنوات إلى واحدة من أهم الاقتصادات الناهضة في العالم بمتوسط معدل نمو 7.5 في المائة من عام 2015 إلى عام 2017. وصنفت وفق تقرير لمنظمة دول “الكوميسا” لسنة 2016، كأول دولة في إفريقيا جذبا للمستثمرين ورجال الأعمال. كما احتلت المركز 44 عالميا، والأولى على مستوى إفريقيا في مؤشر محاربة الفساد. واليوم أصبحت رواندا الوجهة السياحية الأولى وسط أفريقيا، وتعتبر العاصمة كيغالي من أكثر المدن آمنا على مستوى القارة.