يؤكد مراقبون إسرائيليون أن مقولة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في مؤتمر وارسو الدولي حول الشأن الإيراني بأن المؤتمر يمهد لوحدة الموقف مع العرب ضد إيران ربما تخدمه في حملته الانتخابية لكنهم يشككون جدا بجدواها مقابل التطلعات الإقليمية الإيرانية. في تصعيد اللهجة والتهديد قال وزير خارجية الولاياتالمتحدة مايك بومبيو خلال مؤتمر وارسو اليوم لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه لا يمكن تحقيق سلام دون مواجهة إيران. وأوضح مكتب نتنياهو أن أجندة نتنياهو في مؤتمر "السلام والأمن في الشرق الأوسط" المنعقد بمبادرة أمريكية في وارسو تشمل طرح قضايا انسحاب الولاياتالمتحدة من سوريا ولقاء مع وزراء عرب بارزين من السعودية، البحرينالإمارات والأردن. وفي مستهل اللقاء مع نتنياهو صباح اليوم قال بومبيو له إنه لا يمكن إنجاز سلام في الشرق الأوسط دون التصادم مع إيران. من جهته شكر نتنياهو بومبيو وقال إننا أمام نقطة تحول تاريخية يتحدث فيها رئيس حكومة إسرائيلي ووزراء عرب بقوة نادرة ضد تهديدات النظام الإيراني. يشار أن قمة وارسو بمشاركة 60 دولة منها الولاياتالمتحدة ودول خليجية وغيرها قد انعقدت قبل يومين بمبادرة بومبيو لمواجهة إيران. وفي لقاء جمعهما تداول نتنياهو وبومبيو قضية مواجهة إيران ومواصلة الضغط عليها وبالتنسيق مع الولاياتالمتحدة. وافتتح وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، المؤتمر عبر التشديد على أن الولاياتالمتحدة ستبقى ملتزمة في سوريا رغم قرار ترامب المفاجئة في كانون الأول/ديسمبر الماضي بسحب نحو ألفي جندي أمريكي من هذا البلد. وأشاد بومبيو أيضا بوجود مسؤولين عرب واسرائيليين في "القاعة نفسها، على طاولة واحدة يتبادلون الآراء". وأضاف "لقد أتوا جميعهم لسبب واحد وهو بحث التهديدات الحقيقية لشعوب كل دولة منهم والصادرة من الشرق الاوسط. في كلمته أمام المؤتمر قال بومبيو إنه منفعل لرؤية عدد كبير من مندوبي الدول يشاركون في المؤتمر لافتا لتناول قادة إسرائيليين وعرب طعام العشاء جنبا إلى جنب وهم يتبادلون الأحاديث. وتابع " تبحث الولاياتالمتحدة عن مرحلة جديدة من التعاون والرئيس ترامب ملزم بدفع هذه الدول للعمل سويا وتسوية مشاكل قديمة بطريق جديدة. نأمل أن يكون هنا حوار حقيقي والولاياتالمتحدة ستبقى قوة إيجابية في المنطقة ". منعطف تاريخي يشار أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كان قد جلس بمحاذاة وزير خارجية اليمن والسفير السعودي في واشنطن. من جهته اعتبر نتنياهو، أن هذا المؤتمر يمهد إلى "وحدة الموقف" بين إسرائيل ودول عربية، وأن العشاء الافتتاحي للمؤتمر شكل "منعطفا تاريخيا" في العلاقات بين دول المنطقة. وقال نتنياهو في كلمة خلال المؤتمر إنه "في القاعة جلس حوالي60 وزيرا للخارجية يمثلون عشرات الحكومات، ورئيس حكومة إسرائيلي ووزراء خارجية دول عربية كبرى وتحدثوا بقوة ووضوح ووحدة غير عادية ضد التهديد المشترك الذي يشكله النظام الإيراني". وتابع "أعتقد أن هذا يدل على تغيير وتفهم مهم لما يهدد مستقبلنا وما نحتاج إليه لضمان أمنه، وإمكانية التعاون ستتوسع إلى أبعد من الأمن لتشمل كل جانب من جوانب الحياة". وخلال مأدبة العشاء الذي أقيم في قلعة وارسو الملكية، جلس على طاولة واحدة مع مسؤولين كبار من السعودية والإماراتوالبحرين، التي لا تقيم أي منها علاقات رسمية مع اسرائيل لكنها تعتقد أن مصالحها تجتمع مع مصالح نتنياهو بسبب إيران. وعقد نتنياهو اجتماعا على انفراد مع يوسف بن علوي بن عبد الله، وزير خارجية عُمان، التي زارها نتنياهو العام الماضي. وأوضح جاريد كوشنير، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الإدارة الأمريكية ستطرح خطة "صفقة القرن" بعد الانتخابات العامة الإسرائيلية في التاسع من نيسان/أبريل المقبل. وشارك كوشنر في المؤتمر وتحدث في جلسة مغلقة عن الخطوط العريضة ل"صفقة القرن" فيما قاطعت السلطة الفلسطينية المؤتمر، الذي وصفته بأنه "مؤامرة أمريكية"، وترفض الوساطة الأمريكية في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني بعد اعتراف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل. من جهتها أوفدت معظم الدول الأوروبية الكبرى مسؤولين من الصف الثاني إلى المؤتمر، فيما قاطعته روسيا، التي نظمت في سوتشي قمة بين الرئيس فلاديمير بوتين ونظيريه الإيراني، حسن روحاني، والتركي رجب طيب إردوغان، للبحث في الوضع في سورية. ويرى معظم المعلقين الإسرائيليين أن المؤتمر الدولي "للسلام والأمن في الشرق الأوسط" لن يؤدي إلى نشوء تحالف دولي مهم حقا ضد إيران. استثمار سياسي داخلي ويشير كثيرون منهم لرغبة نتنياهو في استثمار هذا المؤتمر في حملته الانتخابية، إثر مشاركته فيه وعقده لقاءات مع مسؤولين في دول عربية مشاركة في المؤتمر، مثل السعودية والإمارات والكويت وعُمان واليمن والأردن ومصر، وبعد لقائه، أمس، مع وزير الخارجية العُماني، يوسف بن علوي. واضطر نتنياهو إلى تصحيح أقوال، أدلى بها أمس، وجاء فيها أن هذا المؤتمر "هو عمليا لقاء علنيا مع مندوبي دول عربية رائدة تجلس سوية مع إسرائيل من أجل دفع المصلحة المشتركة لمحاربة إيران. وإثر تصريح لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بأنه "عرفنا أوهام نتنياهو دائما. والآن، باتت دول العالم وأولئك المشاركين في سيرك وارسو تعرف ذلك أيضا". وعندها صحح مكتب نتنياهو أقواله بأن أعاد نشر أقواله وشطب كلمة "حرب" واستبدالهما بكلمة مواجهتها. فزاعة إيران وقارب المحلل الاقتصادي في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، سيفر بلوتسكير، بين مؤتمر وارسو وبين المؤتمر الذي عُقد في شرم الشيخ، في العام 1996، بمبادرة الولاياتالمتحدة. وتابع " في حينه، حضر إلى شرم الشيخ مندوبون عن 30 دولة، بينها دول الخليج العربية وكذلك الصين. وأشار بلوتسكير إلى أن إدارة الرئيس بيل كلينتون أصيبت بذعر جراء احتمال خسارة رئيس الحكومة الإسرائيلية حينذاك، شيمون بيريز، في انتخابات الكنيست لصالح نتنياهو. لقد خاف الخبراء المحيطين بكلينتون من أن من شأن خسارة كهذه أن تجلب كارثة على عملية السلام الإسرائيلية – الفلسطينية". وفاز نتنياهو حينها. ونعت محلل الشؤون العربية في صحيفة "هآرتس"، تسفي بارئيل، مؤتمر وارسو بحفلة يحضر الكثيرون من المدعوين إليها واضعين قناعا ضد الروائح الكريهة"، مشيرا إلى الخلافات بين واشنطن وقسم من الدول الأوروبية الهامة حول العقوبات، ودفعت دولا مثل ألمانيا وفرنسا إلى إرسال مندوبين بمستوى أدنى. واعتبر بارئيل أنه "بالإمكان التقدير الآن أن رزمة الهدايا التي سيعود بها نتنياهو من وارسو، ستشمل بالأساس كلمات كبيرة وتصريحات جوفاء، من دون مضمون بما يتعلق بالتهديد الإيراني". وهذا ما يراه محلل الشؤون الاستراتيجية في صحيفة "معاريف"، يوسي ميلمان مؤكدا انه على عكس الانطباع الذي يحاول نتنياهو إثارته لدى الجمهور الإسرائيلي لأهداف سياسية داخلية، فإن الوضع الاستراتيجي والاستخباراتي الإسرائيلي إنما تحسن وحسب والمخاطر والتهديدات تراجعت. محذرا من مضي نتنياهو بالتلويح من فزاعة إيران لترهيب الاسرائيليين ودفعهم للاصطفاف خلفه بصفته رجل الأمن الأقوى.