نشر موقع “أول برايس” تقريرا للصحفي نك كاننغهام، يقول فيه إن السعودية راهنت على أنها تستطيع أن تتحدى أمريكا عندما ضغطت لتخفيض إنتاج النفط في اجتماع تحالف “أوبك +”، مغامرة بأن الرئيس ترامب لن ينتقد ذلك انتقاما، بالرغم من الضغط الكبير الذي مارسه عبر “تويتر” قبل القمة في فيينا، و”يبدو أن هذا الرهان أتى بمردوده هذا الأسبوع”. ويؤكد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، أن قرار السعودية بالدفع نحو تخفيض إنتاج النفط لم يكن بحاجة إلى ذكاء، فضغط الموازنة الكبير الذي تواجهه الرياض من انخفاض أسعار النفط يقلق أكثر من أي فعل قانوني أو سياسي يمكن للكونغرس أو البيت الأبيض أن يقوم به، مشيرا إلى أنه في ظل غياب اتفاق في فيينا، فإنه كان يمكن لأسعار النفط أن تنهار بشكل أكبر. وينقل الكاتب عن الرئيسة العالمية لاستراتيجية السلع في شركة “آر بي سي كابيتال ماركتس” حليمة كروفت، قولها بعد إعلان أوبك + 1 عن تخفيض إنتاج النفط الجمعة الماضية: “سياسة السعودية اليوم هي (السعودية أولا)”، وأضافت ل”سي أن بي أس” أن في تلك الخطوة مخاطرة بإغضاب الرئيس الأمريكي، و”أعتقد أن كل عضو في أوبك ينتظر ماذا سيفعل الرئيس ترامب، هل سيكون صامتا بعد التوصل إلى هذا الاتفاق، أم إنه سيقوم بانتقاد أوبك على الإعلام الاجتماعي؟”. ويشير الموقع إلى أن الرياض قامت بوزن المصالح الأمريكية أكثر من أي اجتماع آخر لأوبك حديثا، فمقتل الصحفي جمال خاشقجي حرق الكثير من الجسور في واشنطن، لافتا إلى أن البيت الأبيض هو واحد من الأماكن القليلة التي بقي فيها للسعودية أصدقاء. ويجد التقرير أن تخفيض حجم النفط يبدو أنه لم يغضب الرئيس ترامب بما يكفي ليقوم بأي فعل ضد ولي العهد محمد بن سلمان، وقام يوم الثلاثاء بالدفاع عن ولي العهد، فقال في مقابلة مع “رويترز”، “إنه زعيم السعودية، لقد كان (السعوديون) حليفا جيدا جدا”، وقال مجددا إن “أم بي أس” “ينكر بشدة” أن يكون أمر باغتيال خاشقجي، بالرغم من استنتاج وكالة الاستخبارات المركزية عكس ذلك. ويلفت كاننغهام إلى أن مجلس الشيوخ صوت في أواخر الشهر الماضي على قطع الدعم الأمريكي للسعودية في الحرب في اليمن، ومنذ ذلك الحين زاد التوافق بين الحزبين على شجب جريمة قتل خاشقجي، والدور الذي أداه “أم بي أس” فيها، وقال السيناتور الجمهوري لندزي غراهام الأسبوع الماضي: “عليك أن تتعمد أن تكون أعمى حتى لا تصل إلى الاستنتاج بأن ذلك كان مخططا ومنظما من أشخاص تحت إمرة (أم بي أس)”. ويفيد الموقع بأن مجلس الشيوخ يفكر الآن في اتخاذ إجراء آخر، وهو قرار يشجب ولي العهد بسبب جريمة القتل، مشيرا إلى أنه لن يكون لمثل هذا القرار أي أثر عملي، لكن ترامب سيضطر إلى توقيعه، أو استخدام حق الفيتو ضده. ويذهب التقرير إلى أن دعم ترامب لمحمد بن سلمان، مع أنه صامد، فإنه قد لا يكون بلا نهاية في وجه الضغط المتزايد، فبحسب “رويترز” فإن ترامب قال: “حسنا، أنا منفتح أكثر في مسألة اليمن لأنني بصراحة أرى ما يحصل في اليمن، لكن الأمر يحتاج الجانبين، وأريد أن أرى إيران تنسحب من اليمن أيضا”. ويقول الكاتب إن “ترامب قد يقوم بالتشويش على موضوع آخر جمع زخما في الكونغرس، وهو قانون NOPEC الذي يسمح للحكومة الأمريكية بأن ترفع قضايا على أعضاء “أوبك”؛ لانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار، وكان هناك تلويح بهذا القانون لعدد من السنوات، لكنه فشل دائما في الحصول على الدعم الكافي، بالإضافة إلى أن الرؤساء السابقين عارضوا هذا القانون بأشكاله المختلفة؛ خشية تخريب علاقتهم مع السعودية”. ويستدرك الموقع بأن مقتل خاشقجي أعطى زخما لمشروع قانون NOPEC، وقد يحاول الكونغرس عرضه والتصويت عليه قبل نهاية العام، لافتا إلى قول أحد المساعدين المشاركين في المحادثات لشركة S&P Global Platts في 7 ديسمبر: “هناك دفع نحو إعادة النظر في مشروع قانون NOPEC، لكن ليس هناك شيء أكيد بعد”، وأحد العوامل التي قد تساعد مشروع القانون هو أن مؤيديه في هذه المرحلة ليسوا منقسمين بحسب الحزب. ويجد التقرير أن “دور ترامب قد يكون هنا مفصليا، فقد هاجم “أوبك” عدة مرات على (تويتر) هذا العام، ولام عليها أسعار النفط العالية، ومن الواضح أنه ليس صديقا للمنظمة، ومع ذلك فإنه دافع عن (أم بي أس) بخصوص مقتل خاشقجي، وليس من الواضح كيف سيتصرف ترامب إن نجح الكونغرس في تمرير قانون NOPEC”. ويبين كاننغهام أن الأمر الوحيد الذي عمل لصالح السعوديين إلى الآن، هو أن تخفيض الإنتاج الذي قام به تحالف “أوبك +” لم يتسبب برفع أسعار النفط بشكل كبير، ولذلك قد لا يكون ترامب غاضبا جدا. وينوه الموقع إلى أن الاقتصاد السعودي يستمر في الوقت ذاته في النزف بسبب أسعار النفط المتدنية، وذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير لها بأن كثيرا من مشاريع “أم بي أس”، التي تدخل ضمن مبادرات تحويل الاقتصاد، متعثرة، وأن المستثمرين الأجانب فضلوا البقاء بعيدا. ويختم “أويل برايس” تقريره بالقول: “يبدو أن كل شيء يسير بعكس ما يريده (أم بي أس) الآن، فقد سلطت الأضواء الدولية عليه، وأسعار النفط لا تتحسن حتى، والسعودية تتحضر لتخفيض الإنتاج، وواشنطن قد تسير في مشروع قانون يضر بالسعودية على أي حال”.