اتهمت صحيفة “واشنطن بوست” في افتتاحيتها السعودية بأنها تحاول استخدام التهديد والتنمر لإسكات الجدل المتعلق بالصحافي جمال خاشقجي، الذي اختفى في قنصلية السعودية في اسطنبول قبل أسبوعين. وتشير الافتتاحية، بحسب ما أورد موقع “عربي21″، إلى أن السعودية توعدت يوم الأحد بالرد بعقوبات أشد بسبب القضية، ونشرت مؤسسات إعلامية تملكها السعودية سلسلة من الخطوات التي يمكن للمملكة فيها الرد على العقوبات، مثل تخفيض إنتاج النفط، وشراء الأسلحة من روسيا، ووقف التعاون الأمني، فيما نفى الملك سلمان في يوم الاثنين معرفته بما حدث. وتنقل الصحيفة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قوله إن عناصر مارقة في النظام هي من نفذت عملية قتل الصحافي داخل القنصلية. وتعلق الافتتاحية قائلة إن “هذا مقترح لا يمكن تصديقه، وربما توقع الرئيس تغيرا في الرواية السعودية، وفي اليوم ذاته نشرت شبكة (سي أن أن) خبرا، قالت فيه إن النظام السعودي يحضر للاعتراف بمقتل خاشقجي أثناء التحقيق بطريقة الخطأ، ولو كان هذا هو الحال، فيجب أن تكون هناك تداعيات، ليس للمفترض بأنهم قاموا بالقتل، لكن لمن قام بإصدار الأمر به”. وتلفت الصحيفة إلى أن “تنصتا للمخابرات الأمريكية يشير إلى أن الأمر جاء من ولي العهد السعودي المتهور، الذي انتقد خاشقجي تجاوزاته في مقالاته التي نشرها في صحيفة (واشنطن بوست)”. وترجح الافتتاحية “معرفة المزيد، فأي شيء حدث لخاشقجي مسجل على أشرطة فيديو وأشرطة سمعية، وفي الوقت الحالي فإن الأمر يستحق النظر فيما يمكن للولايات المتحدة أن تخسره لو تضررت علاقاتها مع السعودية، فماذا عن النفط وصفقات الأسلحة بقيمة 110 مليارات دولار التي يواصل ترامب الحديث عنها؟ وماذا عن الحرب على الإرهاب؟”. وتقول الصحيفة: “لو بدأنا في النفط، فإن السعودية زودت الولاياتالمتحدة بنسبة 9% من النفط عام 2017، وذلك بناء على إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أو ما يصل إلى 960 ألف برميل في اليوم، إلا أن الولاياتالمتحدة مستقلة من ناحية الطاقة؛ بسبب الثورة في عمليات إنتاج النفط من الصخر الزيتي، وهي اليوم أكبر منتج للنفط الخام في العالم، وفي العام الماضي صدرت أمريكا ما معدله 6.38 ملايين برميل، أو سبعة أضعاف ما تصدره السعودية، فلو قررت السعودية تخفيض إنتاج النفط فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة أسعار النفط مؤقتا، لكن شركات إنتاج النفط من الصخر الزيتي ستكون المستفيدة؛ لأنها مع مرور الوقت ستسد الفراغ، وستوجه ضربة قوية لصناعة النفط السعودية”. وتبين الافتتاحية أنه “بالنسبة لصفقات السلاح، فيجب على الرئيس دونالد ترامب معرفة النتائج الحقيقية للوعود التي قطعت له عندما زار الرياض العام الماضي، وكما قال بروس ريدل من معهد بروكينغز: (لم يوقع السعوديون أي عقد مع واشنطن في ظل ترامب)، وعلاوة على هذا فإن توقف وصول قطع الغيار والدعم الفني، وهو أمر لا تستطيع روسيا تقديمه، سيؤدي في النهاية إلى توقف سلاح الجو السعودي عن العمل، وستكون هذه خطوة مرحبا بها، وتنهي الحرب الدموية في اليمن، التي توصل تحقيق للأمم المتحدة إلى احتمال ارتكاب جرائم حرب فيها”. وتقول الصحيفة: “صحيح أن السعودية تزود الولاياتالمتحدة بمعلومات تتعلق بمكافحة الإرهاب، لكن أندرو ميللر، من مشروع الديمقراطية في الشرق الاوسط يقول إنه (سيكون خطأ كبيرا خاصة أن هناك مفهوما كبيرا في داخل الكونغرس ولدى الأمريكيين بأن السعودية هي التي غذت التطرف) مشيرا للقانون الذي مرره الكونغرس في عام 2016، الذي يسمح بتقديم دعاوى في المحاكم المدنية ضد الحكومة السعودية في أي أفعال تساعد التطرف”. وتؤكد الافتتاحية أن “السعودية، التي قال ترامب وبقسوة إنها لن تبقى أسبوعين لولا الدعم العسكري الأمريكي، ستخسر كل شيء لو قطعت العلاقات في وقت لم تعد فيه الولاياتالمتحدة بحاجة إلى السعودية كما كانت في الماضي، وبالغ ترامب في قيمة هذه العلاقة، وشجع القادة السعوديين على الاعتقاد بأنه يمكنهم التصرف بتهور، وحتى بإجرام، دون مواجهة العواقب”. وتختم “واشنطن بوست” افتتاحيتها بالقول إنه “مهما كانت نتائج قضية خاشقجي فإن هناك حاجة لإعادة ترتيب للعلاقة، وبناء على شروط الكونغرس إن اقتضى الأمر”.