أضحت المحطة الطرقية "ولاد زيان"، بالمدينة الاقتصادية الدارالبيضاء، تعيش وضعا غير مريحا بالنسبة للمسافرين وأصحاب الحافلات، على السواء، بسبب الفوضى التي أصبحت تتخبط فيها، خلال السنوات الأخيرة. فبمجرد ما يلجأ المرء هذا المرفق العمومي، يجد نفسه وسط متاهات لا يتأكد أنه خرج منها سالما، إلا عندما تغادر الحافلة أسوار المحطة. يزداد الوضع في المحطة الطرقية "ولاد زيان"، بالعاصمة الاقتصادية، سوءا عندما يرخي الليل سدوله، فتصبح المحطة ملجأ لبعض المنحرفين والمشردين، فيختلط الحابل بالنابل، ويتحول الفضاء إلى ساحة لمشاهد ليلية مرعبة أبطالها من مدمني "السليسيون" والمتسكعين. تعتبر المحطة الطرقية للمسافرين بالدارالبيضاء من بين المحطات الأكثر استقطابا للحافلات على الصعيد الوطني، إذ تلجئها يوميا أكثر من 300 حافلة للركاب، تربط بين مختلف المدن والقرى المغربية، وتلعب مدينة الدارالبيضاء دورا مهما في ارتفاع "رواج" الحافلات داخل هذه المحطة،بدورها مدينة اقتصادية كبرى. تستقطب المحطة الطرقية للمسافرين بالبيضاء أكثر من 150 عونا (كورتي) غير منظم، يحكمون قبضتهم على المحطة، فبمجرد ما يلج الراغب في السفر باب المحطة حتى يجد نفسه محاطا بالعشرات من "الكورتيّة"، كل واحد منهم يعرض عليه المساعدة، ويغريه بجودة الحافلة التي هي رهن إشارته، حتى أن منهم من يعمد إلى الاستيلاء "بالقوة" على أمتعة المسافرين لإرغامهم السفر عبر الحافلة التي يشتغلون لحسابها. وتشكل هذه الطريقة في "مساعدة" زبناء المحطة شكلا استفزازيا للراغبين في السفر، خاصة أن المسافر يجد نفسه أمام أشخاص يتعاملون بفظاظة ودون أدنى احترام للزبائن. وما يزيد في جشع "الكورتّية" أن تعويضاتهم تزداد بازدياد عدد الزبناء، الذين يتمكنون من إقناعهم بالسفر عبر الحافلة التي يعملون لفائدتها، وهو ما يجعلهم يلجأون لكل المناورات والأساليب التدليسية لإقناع المسافرين، حتى يختاروا حافلاتهم. ومن بين طرقهم في استمالة الزبناء إدعائهم بأن الحافلة على أهبة المغادرة، بينما الأمر عكس ذلك، حيث يضطر المسافر انتظار ساعة أو أكثر قبل موعد الإقلاع، بعد أن يكون المسافر قد أدى ثمن تذكرة السفر. هناك بيع وشراء في عذابات المسافرين، من طرف "الكورتية" في كل يوم وفي كل ساعة وكل لحظة...تلاعبات فظيعة في أوقات السفر، تذاكر مزورة وأخرى قديمة، شتم وقذف للأصول وللبلد من الطرف إلى الطرف، مسافرات يتعرضن للتحرشات الجنسية والإستفزاز اللاأخلاقي من بائع التذاكر إلى السائق مرورا بالكورتي والڭريسون، حافلات مهترئة وقديمة، وحافلات أخرى متعفنة ومتسخة، تسكنها الصراصير والبق وتلوح منها آثار البصق والتقيئات، وتفتقد أبسط شروط التجهيز اللائق والسلامة، إضافة إلى وضعياتها الميكانيكية التي تفتقر إلى المراقبة المستديمة والمباشرة، تدويرات ورشاوي بالجملة وبالتقسيط حڭرة موجهة للنساء والمعاقين والأطفال والرجال وكل خلق الله أجمعين، صمت مهول لرجال الأمن الواقفين أمام الحجز الوقائي لباب المحطة الطرقية،يزيد من مأساوية الوضع تلك هي الصورة القاتمة للمحطة الطرقية "ولاد زيان"، التي تنتعش من عبثية الإدارة.