بعد أن استقبل المغاربة السنة الجديدة بكم هائل من الزيادات في أسعار السلع والخدمات التي ستلهب جيوبهم، ما زالت التوقعات والتنبؤات المتشائمة حول هذه السنة تتوالى، إذ قدمت المندوبية السامية للتخطيط، مؤخرا، توقعات لا تبعث الأمل في نفوس المغاربة، خاصة العاطلين منهم، إذ جاءت توقعاتها مخالفة تماما لتوقعات الحكومة، بعدما كشف الحليمي أنه من المنتظر أن ينحصر معدل النمو في العام الحالي في حدود 2.8 في المائة، بينما تراهن الحكومة على معدل في حدود 3.2 في المائة. وكشفت المندوبية بخصوص توقعات 2018 أن معدل النمو في العام الحالي سيأتي دون المستوى المسجل في العام الماضي، الذي وصل فيه إلى 4 في المائة، مدفوعاً بأداء القطاع الفلاحي، الذي من تجلياته محصول الحبوب الذي بلغ 96 مليون قنطار. وكانت توقعات الحليمي أكثر تشاؤما، بعدما ذهبت جلها إلى أنه بفعل تأخر التساقطات المطرية في الموسم الحالي، ستشهد القيمة المضافة الفلاحية انخفاضاً بنسبة 1.3 في المائة، بعدما ارتفعت في العام الماضي بنسبة 13.1 في المائة، مشيرا إلى أنه بحكم اعتماد الاقتصاد الوطني بشكل كبير على الفلاحة، فإن القطاع الفلاحي يبقى حاسما في تحديد اتجاه نمو الاقتصاد المغربي. وذهبت توقعات خبراء المندوبية السامية للتخطيط إلى أن أداء الاقتصاد في العام الحالي سيكون متواضعا، من أجل محاصرة البطالة، التي ينتظر أن تصل إلى 10.5 في المائة، مؤكدين أن مستوى البطالة مرتفع قياسا إلى النمو الاقتصادي المتواضع المرتقب في العام الحالي، حيث لن يساهم في إتاحة فرص عمل للوافدين الجدد الذين يوجدون في سن النشاط، علما أن السوق يستقبل في كل عام حوالي 200 ألف شخص جديد في سن النشاط، مما يغذي عدد العاطلين في سياق عدم استقرار معدل النمو الاقتصادي. وتوصل المندوب السامي، خلال ندوة نظمت، مؤخرا، إلى أن خريجي التكوين المهني يجدون صعوبات أكثر في الحصول على فرص عمل، حيث يصل معدل البطالة بينهم إلى 24.5 في المائة، مقابل 16 في المائة بين خريجي التعليم العام، مشيرا إلى أنه يتوجب إعادة النظر في نظام التعليم، من أجل إتاحة ملاءمة التكوين مع التحولات التي يعرفها الاقتصاد العالم. توقعات البنك الدولي هي الأخرى لم تكن بعيدة عن توقعات المندوبية، إذ جاءت هي أيضا مخيبة لآمال المغاربة، بعد أن ذهبت إلى أن نسبة النمو خلال السنة الجارية، لن تتجاوز في أحسن الأحوال 3.1 في المائة و3.2 في المائة في السنتين المواليتين، وهي التوقعات التي أكدتها مجموعة من المؤسسات الوطنية. واعتبر البنك الدولي، في تقريره الأخير حول آفاق النمو في العالم، أن المغرب يعتبر من البلدان التي ظل النشاط فيها متماسكا خلال السنة الماضية بفعل القطاع الفلاحي الذي سجل محصولا زراعيا قياسيا، كما استفاد من تراجع أسعار النفط في السوق الدولية، مما ساهم في تقليص تكاليف دعم غاز البوطان، مشيرا إلى أن الحكومة لم تواصل إصلاح منظومة الدعم بالدينامية التي انطلق بها.