ارتمى ما تبقى من جسده على ما تبقى من الكنبة..و جرى ابنه في ردهات المستشفى ليصارع الممرضين و الحراس بحثا عن طبيب..كانت الساعة قد قاربت الواحدة زوالا..الطبيب غادر لوجبة الغداء و روح المريض كذلك.. القصة تشبه آلاف القصص الحزينة..لأناس ظلوا ينتظرون شهورا من أجل العلاج في ما سمي مستشفى عمومي..القصة تعاد كل يوم بتفاصيل جديدة لبؤساء جدد..تعبوا من الدجالين والذين يعرفون الجن والغيب والله ومن المصحات التي تعرف النقود و قرروا أن يسلموا ما تبقى من الجسد لأقرب مستشفى عمومي، لذا فنحن فالخدمة.. لا بد أن تدفع..العمومي لفظة دخيلة ورغم شهادة الاحتياج والفقر التي كلفت المقدم ورقة وختم وكلفتك خمسون درهما، فالمستشفى له مصاريف ومستلزمات لن تكفيها النقود التي دفعتها للصندوق لذا فنحن بكل أسف لا نقدم أكلا و لا غطاءا و الدواء تشتريه من صيدلية الدكتور بن فلان القريبة(قل له أنك من طرفي) و الممرضات مسكينات لا بأس أن تمنحهم بعض مالك و منظفة الغرفة أيضا لا يغرنك عبوسها فهي تضحك كلما رأت العشرون درهما.. حاول أن تحب الحشرات فهي هنا لتفرج عنك..و ربما تقفز أحيانا داخل ملاءتك فزعا فجارك المزعج في الغرفة لم يدفع ما عليه و آلامه لا تعنينا بقدر ما تعلمه أن لنا أولويات..فالدولة لا تدفع لنا ما يكفي..كيف سأدفع مصاريف قرض منزلي و بنزين سيارتي إن لم يدفع المريض مقابل عملي؟هل سهري عليكم مجاني؟هذا الفراش تتمناه جحافل من المرضى لازالت تنتظر دورها و مقابل ألاف الدراهم.. نسيت..يظل الدكتور في المشفى من الساعة التاسعة إلى العاشرة صباحا و إن احتجته بعدا فهو موجود في عيادته..(عيادته رائعة..عصرية، أستطيع نقلك..زيادة طفيفة في المصاريف..سيعتنون بك..لا تخف، فقط قل أنك من طرفي..)أما إن أحببت البقاء معنا فما عليك سوى الدفع و ما علينا سوى أن نرسل جثتك إلى المنزل..فلا تنسى مصاريف سيارة الموتى. (*) www.chaara.net