و لأننا بحاجة لثورة بمعايير خاصة، و بمقاييس مغربية أصيلة بعيدا عن “copier coller” أفكار “العدل و الإحسان” و “اليسار الراديكالي” طغت على حركة 20 فبراير بورزازات قد تتبعنا جميعا الدعوات التي وجهها كثير من الشباب نشطاء الأنترنت عبر الشبكات الإجتماعي، من أجل الدعوة الى ثورة للشباب المغربي من أجل إسقاط الإستبداد والفساد في المغرب، وكذا تحقيق مجموعة من الأهداف التي يراها هؤلاء حقيقية للدولة و من أجل إصلاح شامل للبلاد. على غرار ثورتي شباب تونس ومصر إذن، تحرك شباب المغرب بمختلف تلوناتهم السياسية، وإن طغت عليهم أفكار “العدل و الإحسان” و “اليسار الراديكالي” كموجهين و محركين أساسيين لعدد كبير من الشباب. أتى يوم الثورة أو يوم التغيير كما يحب هؤلاء تسميته لتشهد الكثير من مدن المملكة تظاهرات ومسيرات مختلفة، متفاوتة الحجم والإقبال والإلتزام أيضا من مدينة الى أخرى، بمشاركة الكثير من شيوخ و كهول “العدل و الإحسان” و شباب “اليسار الراديكالي” و بعض الهيئات الأخرى ذات التوجه اليساري. بورزازات و كباقي المدن، خرج نحو ألف شخص للمطالبة بنفس مطالب باقي الشباب المغربي في مسيرة جابت شارعي مولاي رشيد ومحمد الخامس منتهية بساحة الموحدين التي أسماها البعض تهكما بميدان التحرير، ويا ليت هاته الساحة امتلأت كما امتلأ ميدان التحرير في مصر، رغم إدعاء المسؤولين عن الإعلام ضمن حركة 20 فبراير بورزازات مشاركة 3000 شخص، وهو الرقم الذي تصعب حتى محاولة تصديقه، إذ أن حجم المسيرة كان صغيرا جدا، بالمقارنة مع باقي المسيرات التي تنظمها نفس الهيئات والتيارات لنصرة غزة أو العراق، ما يدل على أن التفاف الشعب بمطالب هؤلاء و بحركتهم أمر مستبعد، ولو قدر لشيوخ و منتسبي العدل والإحسان الإنسحاب من المسيرة، لوجد الرفاق أنفسهم وحيدين وسط الساحة رفقة حفنة من التلاميذ والطلبة الذين يجهل الكثير منهم حتى سبب المسيرة وما الهدف منها، حتى أن بعضهم تساءل عن معنى بعض الشعارات المرددة، التي كان أغلبها مستوردا رغم محاولة البعض مغربتها و لو قليلا. و لحسن الحظ، فإن ورزازات لم يقع فيها ما وقع بباقي المدن الأخرى، التي شهدت أعمال تخريب طالت بعض الممتلكات و المحلات التجارية، كمراكش، طنجة، الحسيمة و فاس، حيث يوجد عدد كبير من منتسبي “النهج الديموقراطي القاعدي” من طلبة الكليات و تلاميذ الثانويات المندفعين، و الذين نراهم دائما خارج السيطرة في كافة التظاهرات و المسيرات في المغرب، و خاصة في الكليات التي ربما يكونون قد استوردوا أو هربوا منها عنفهم الممارس إبان 20 فبراير، و أعمال العنف التي حدثت لا يتحمل فيها “النهج الديموقراطي القاعدي ” وحده المسؤولية فيها، بل تتحمله أيضا قوات الأمن التي فضلت “عدم الإحتكاك” بالمتظاهرين الذين تسلل إليهم بعض المنحرفين و اللصوص الذين استغلوا الفرصة، و قاموا بنهب المحلات التجارية و السطو على المؤسسات البنكية بطريقة هستيرية تدل على أنهم كانوا بانتظار هذه الفرصة على أحر من الجمر، كما يقال. و كون ثورة هؤلاء، تأتي تأثرا منهم بالثورات الأخرى بالعالم العربي، و كونها لا تخرج عن إطار ثورات “copier coller”، كما يحب أحد الأصدقاء تسميتها، فلم أكن أستغرب شخصيا أن يقوم المشاركون في مسيرة ورزازات بأداء الصلاة بساحة الموحدين، حتى و إن كان البعض منهم لا يصلي إطلاقا، لأن شعب مصر قد أدى الصلاة في ميدان التحرير أيام الثورة، و هو الأمر فعلا الذي قام به البعض، لكن ليس بساحة الموحدين، إنما أمام البرلمان، كدليل قاطع على أننا على درب التقليد حتى في ثوراتنا. و لأننا بحاجة لثورة بمعايير خاصة، و بمقاييس مغربية أصيلة، أبى الكثير من شباب ورزازات الإلتحاق بالمسيرة، رافضين تلبية دعوة شباب البيضاء و الرباط، على حد تعبيرهم، باعتبارهم لهم رأيهم الخاص و كونهم لن ينساقوا دائما لقرارات الرباط و البيضاء، و لابد من اتخاذ قرار خاص بشباب ورزازات، و هو عدم المشاركة في هذه المسيرة.