تتجادب المرء عدة انفعالات و هو يشاهد يوميات العالم المثقلة بالأحداث و الوقائع على كل الأصعدة، و لا شك أن العالم اليوم لا زال يعيش مرحلة السيولة التي تشكلت عقب نهاية الحرب الباردة و انطلاق العولمة و التطور التكنولوجي المتسارع و ميلاد مجتمع ما بعد الحداثة. كما أن المراحل الإنتقالية في تاريخ البشرية, كما يفيد التاريخ, تتفكك فيها النظريات و الإتجاهات التي كانت تسود سابقا, و تدور حوارات متعددة حول القيم و الفكر و المبادئ, بعض هده الحوارات يأخد طابع الفكر السلمي, بينما البعض الآخر يأخد طابعا عنيفا و دمويا أحيانا, و من هنا بالتحديد نشهد أعمال العنف و الإرهاب. المغرب اليوم يمر بمرحلة مخاض جديد، و من المخالف للحقيقة أن نعتقد أن لا حيلة لنا كقوة فاعلة حية، كشباب مغربي طموح، في الثأثير في هذا المخاض و تشكيل مغرب المستقبل، الذي يخضع لمتطلباتنا، و هذا ماتبين بعد 20 فبراير و التي كانت مجرد خطوة أولى في مشروع كبير إسمه : الإصلاح. و من هنا لابد و أن نتساءل عن المستقبل، ما هو و كيف سيتشكل؟ ما هي ملامحه، فرصه،و تحدياته؟ ما هي القوى المختلفة التي ستساهم في صناعته؟ أين هو موقعنا كشباب ضمن هذه القوى؟. هل نحن لاعبون مؤثرون في تشكيله، و تجديد مساره و سيرورته، أم مجرد دمى و ضحايا كما يعتقد بعض ممن استقالوا من مسؤولية أنفسهم و من حولهم؟ المستقبل يبدء الآن، و ما يحصل في هذه اللحظة بالذات يؤثر في اللحظات التي تتلو، و هكذا يتتابع القرار و الفعل الذي يقع و يشكل المستقبل، و هذا الأخير أيضا، لا يعني سيرورتك أنت فقط، بل هو سيرورة أبنائك و أحفادك و أقربائك و أصدقائك و جيرانك، و كل مكونات شعبك. فالتحدي الذي يواجهنا و بعدما تجاوزنا العشرية الأولى من القرن الحادي و العشرين هو ما المستقبل الذي نريده؟ و ما هي علاقتنا به؟ و هل سنوطن أنفسنا على المشاركة في تشكيله؟ أم نترك قوى الظلام و العدمية والانحلال تكتب بجبروتها خطة مستقبلنا؟ أم نرضى على حالنا و أبناء الطبقة الحاكمة سيحكموننا لا محالة و ما علينا إلا الخضوع و ترك المناصب الكبرى بالمملكة لينعمو بها؟ هل هو مستقبل يحمل ملامح الإنسانية، التفاهم، التكامل، التنافس، و المنطق؟ أم مستقبل يسوده العنف و يعتمد على القوة، القهر ، التصادم، و الإقصاء؟. هل نريد مستقبل ينظر إلى كل ما هو محيط بنا ، لا بمنظار زاهي الألوان، و لا بمنظار سوداوي، بل بمنظار موضوعي بعيدا عن “العام زين”, و عن مظاهر الفساد، و احتكار المناصب و إقصاء الشباب؟ أسئلة عديدة أجوبتها بداخل كل واحد منا، أسئلة سهلة للغاية، رغم أنها تظهر في أول المطاف صعبة جدا، أسئلة إجاباتها هي مفتاح مستقبل جيل الألفية الثالثة في مملكة محمد السادس، أسئلة تعتبر الحجر الأساس لتمهيد مستقبلنا و مستقبل أبنائنا في مغرب جدير بشبابه. نريد مغرب تكافؤ الفرص، نريد مغرب يتسع لأحلامنا الصغيرة، نريد مغرب يتساوى فيه الفقير و الغني أمام القانون، نريد مغرب يفتخر بشبابه… أهذه الأماني صعبة المنال، لا بكل تأكيد. ففي يدنا مفتاح التغيير علينا أن نوحد صوتنا و نصرخ صرخة واحدة مطالبين برسم خارطة مستقبلنا بأيدينا، و ليس بأيديهم، في يدنا أن نحدد مستقبلنا كما نريد فليس من إكراه أو قسر بل اختيارات و مسؤولية، و كلنا نملك القدرة على تشكيل المستقبل و التأثير فيه، رغم أن السؤال سيظل معلقا، هل ستكون مشاركتنا إيجابية ام سلبية؟ إلا أننا نستطيع صناعة مستقبلنا.