لأول مرة في حياتي أستفيق من سبات عميق، سبات غصت فيه منذ نعومة أظافري إلى أن صرت امرأة عفا الزمان عن مبادئها، و طردت من محراب الأمنيات ذليلة ليس من ذنب اقترفته سوى تشبثها بأفكارها و نضالها من أجل أحلامها اللامنتهية. استفقت و يا ليتني ما رأيت بشاعة الحياة، ولا جور الأحباء، ولا غضب المتسلطين، ولا إرهاب الاسلامويين، ولا خبث المتملقين، ولا نجاسة اليهود المغتصبين، ولا حنكة ذوي السلطة في بلدي عندما يغازلون الشعب بأشعار الغلاء المادحة في غباء المستمعين . وا أملاه...............وا قلباه !! أشفقت من كثرة الهموم على قلبي، واحترت في اختيار جياد الحظ من غضبي. أأسافر هاربة من قدري؟؟!! لا أحمل في نفسي سوى غصة على شعب بلدي، وندامة على قدري الذي جعلني أبحر بسفني في غياهب يم صوتي الذي يساند المظلوم، و يندد بالظالم و يستقر بين الضلوع خاضعا لسلطة المد والجزر . أأسألك يا قارئ حبر قلمي؟ هل أسأت فهم زمني؟ وأنت لم لا تعاتبني؟ وأنت يا مدرسي لماذا لم توجهني؟ و بدل أن تلقن فكري الخير و الحب و الغير، كنت لتطلق يداي في مجال الحرب أعانق البنادق بدل الكتب، وأثور على طيبة قلبي بدل أن أثور مع نابليون على نظام الحكم، وإن كنت لم أرى نورا في فكري فدعني أساير عصر الأنوار، وأعاشر روسو في مكتبي، وأجعل بعدد الأوراق البيضاء المتناثرة فوق ركبتي أعلاما بقوس قزح، تدور في فلك الفكر عبر مجرات التوسع والعولمة، والرأسمالية والشيوعية، والأفلاطونية والفيودالية، والسخرة والوهابية...و ...و ..، ثم واوات كثيرة إلى نهاية الكون. لأول مرة في حياتي أفتح الراديو فأسمع عن الأبرياء يقتلون، بأي ذنب الأطفال يغتصبون؟ أشاهد مشاهد رعب على القنوات أمهات يحتضرن، وأقوام من الأعمة والشماخ يتمرغون في خيرات البترول ومع الحريم و ملكات الأيمان يتصابون، ليس منهم راع عن أحوال، رعيته يسأل ولا هو عنهم يدافع أو يسترجل والمساكين، المسحوقون تحت النار و من أعباء المعيشة يجرون أذيال الخيبة و الذل والمهانة. لكنهم و لله الحمد صابرون وقانعون، وللحكام مهللون، وعند كل جمعة مصلون، ويدعون لهم بالبقاء وطول العمر والنصر ...وسبحان الله الذي لا يحمد على مكروه سواه وإن لله وإنا إليه راجعون.