مساء السبت، خرج إلى الحي متوجها إلى ناصية الدرب، ليجتمع مع أصدقاءه هناك، كان الحديث كرويا عن المنتخب واستعدادات المشاركة في كأس الكاف، مرت ليلة السبت طويلة جدا، لم ينم إلا في وقت متأخر وهو يفكر في كل الأحداث التي مرت به من أول يوم لمس فيه ملمس الحاسوب وأول مرة دخل النت، غدا سيلتقيها وقد يكون آخر لقاء، ماذا سيقول لها، وماذا ستقول هي له؟. سعيد كان يعلم جيدا أن ظروفهما أقوى من أن يعيش قصة حب الكتروني يمكن أن تتطور إلى حب واقعي على الأرض، لكنه أصر أن يكمل التجربة إلى الأخير، صباح الأحد، لم يستيقظ باكرا لأنه لم ينم باكرا، غسل وجهه كيفما اتفق، ليتناول طعام الفطور، بعدها توجه صوب المقهى حيث يجتمع أصحابه هناك، ظل هناك إلى وقت الظهر، بعده تناول غذاءه وتمشى قليلا قبل أن يصعد الحافلة التي تقله إلى حيث سيلتقي حبيبته بعد الزوال، وصل قبلها بدقائق، انتظرها، لقد وصلت نظر إليها متأملا ونظرت إليه، كيف الحال؟ سألها أولا، بخير، أجابت عن سؤاله وهي تتنهد تنهيدة طويلة، وأنت لا بأس عليك؟ الحمد لله. أجابها تم تمشيا قليلا في اتجاه الحديقة، وهما على حافة الشارع كان يلاحظ كثرة المارين الوافدين، العشاق ككل احد يملؤون المكان، الكلاسيكيون منهم والإلكترونيون!! والذين حجوا بكثرة، منهم من يزور المكان للمرة الأولى ومنهم من يوقع لقاء حبه الأول، على الأرض بعيدا عن دردشات المسنجر وضبابية ”الويب كام”، سألته قائلة: ماذا قررت؟ كانت على عجل في استخلاص قرار، أجابها قررت أشياء كثيرة لكن الزواج ليس ضمنها طبعا فهو يحتاج إلى أكثر من وقفة تأمل، وتدبيره يحتاج أعواما وليس عاما واحدا كما يقال. قال لها اسمعي، أنا وأنت يمكن أن نلتقي في أشياء ونختلف في أخرى، لكن أفكارنا ومنهجيتنا في الحياة مختلفة، هي منغلقة وهو منفتح !!،أو كما تبين له، قالت له: قد نتزوج لكن تربية أبناءنا ستتأثر لأن لكل منا طريقته، أومأ أي نعم. تحدثا عن أشياء كثيرة، عن الانفتاح والانغلاق عن الوحدة والاتفاق، عن الاختلاف والشقاق، وعن حرب فلسطين والعراق عن كل شيء لم تكفهم الساعات التي مرت ذاك الزوال، هي كانت لها وجهة نظر وهو كانت له أخرى مختلفة، رغم ذلك اتفقا في الأخير، اتفقا على أن يفترقا بكل روح رياضية، قالت له إن خسرت حبيبا فقد ربحت أخا وكذلك هو، فهمته وفهمها وكان الفراق الالكتروني. سعيد وسلوى لم ينجحا، لكن الحب مستمر رغم كل الظواهر، مستمر رغم كل الحواجز، شرط أن يكون عفيفا، وخالصا دون تشويه أو مغالطة. إلى اللقاء في الجزء الثاني.