استقبل محمد السادس الشيخ بيد الله بمدينة فاس وسلمه ظهير التوقير السياسي، ثم بعد ذلك منح ظهيري توقير للزاويتين الكتانية والتيجانية، هما استقبالان قد يدخلان ضمن المعتاد من الاستقبالات الملكية، لكن كثيرا قد يمر مر الكرام على الحدثين، دون أن يقرأ المتشابهات والخفيات في هذين الاٍستقبالين، وسأقول أن تمريرهما كان له دلالة أخرى، يعتقد البعض أن جماجمنا أكبر من استيعابها مادمنا مجموعة من “الحوالة أو الباجدية”. الأمر قد يبدو أكثر من عاد في ما مضى من الأيام، كان من الممكن أن تمرر مثل هاته البضاعة الإعلامية وسط المغاربة، وهم فاغري الأفواه أمام “سي مصطفى العلوي”، خونا في الله” وهو يتلو ما أوحي له به لرجم المغاربة، وأعتقد أن الساسة الجدد وساكنة “القبة العالية”، ما زالوا يعتقدون ” راحنايا باقين كرضعو اصباعنا” لقد كانت في استقبال الملك للشيوخ الثلاثة، دلالات سياسية واضحة ومباشرة، عن معنى الأصالة وعن معنى المعاصرة، وعلى أن نجهز رقابنا لسلاسل شيوخ “احنا طالبين التسليم منهم “. يعني أننا مخيرون بين الزاوية الديمقراطية الملكية وبين الزاوية القديمة اللتي أعرفها جيدا، وأعرف أنها ساهمت في تاريخ هذا البلد اٍيجابيا وسلبيا ..... وجميلة هاته الثنائية التي اخترعها العهد الجديد مطرقة الأصالة وسندان المعاصرة أحيانا، و مطرقة المعاصرة وسندان الأصالة أحيانا أخرى، أو مرة ” معتقل تمارة ” ومرة أخرى ” حقوق الإنسان” ، وأكلا ” زهرو”. لنعد إلى الشيخ بيد الله الذي ذكرني بحكاية أمي وسط نسوة الحي وهي “امحزمة”، وهن ينشدن ” نوضوها اتشطح.......”، ليشتد وطيس الحال بأمي من وقع ” القتبان على الصينية”. جميل أن فؤاد عالي الهمة، وجد أخيرا من يروض ” القردة” في ساحة جامع الفنا السياسية، وبالتحديد الساحة العجيبة الأخرى “الأصالة والمعاصرة”. ومن غير الشيخ بيد الله سيخضع لتعويذة ولد الرحامنة، ومن غير هؤلاء الغياطة ومن معهم من عشاق ضرب الطبل، سيجمعون الحلقة السياسية، وإمتاع المغاربة بالفراجة “ديال بصح”؟ المغرب بدون “حلقة ” و”قرودة” لا يمكن أن يمشي ...................؟ أوجه الشبه، أن فؤاد عالي الهمة ومن معه، أتقنوا اللعبة، ولا أعتقد انه يوجد في المغرب أحسن من الشيخ بيد الله، يرقص رقصة المعاصرة والأصالة، وسط هؤلاء العشرة الذين بشرهم العهد الجديد بالديمقراطية ذكرني والله بالشيخ بأرسلان الجديدي “عندما صيفطه جلالة الملك” وأيضا عندما صرح أنه سيجعل الجديدة ” كلها بقر”، ولكل زمان أرسلانه، وشخص ” كيصفطوه”. ممكن أن تتابع السياسة المغربية، وتكتشف أنها جميلة جدا وبدائية، وبسيطة وأيضا ممتعة، وهي تدخل السرور على القلب، وتقنعنا أننا مازلنا في القسم التحضيري لفن الحكم!!! هنيئا للمغاربة بالشيوخ الثلاثة وبمعركة وادي المخازن الجديدة، التي اختار لها العهد الجديد – هذا لو كان جديدا – ثلاثة شيوخ، كتاني وتيجاني، والزاوية السياسية هي دائما بيد الله، وصدق ليوطي عندما قال ” أن السياسة في المغرب يصنعها الجفاف”، هو قصد الجفاف الطبيعي ولكنه اغفل الجفاف العقلي والمنهجي الذي عمر طويلا في المغرب الأقصى.