يحتفل العالم الإسلامي خلال هذا الشهر الكريم شهر ربيع النبوي بميلاد خير الورى سيدنا محمد عليه أزكى الصلوات والتسليم، وعلى غرار باقي المدن المغربية خلدت مدينة طنجة هذه الذكرى المجيدة بأنشطة و أشكال متعددة. فقد دشنت هذه الاحتفالات بالحفل الخيري السنوي التي نظمته جمعية العون و الإغاثة بقصر الضيافة في بداية الشهر، إضافة إلى العديد من الحفلات التي نظمها المجلس العلمي المحلي في المساجد (بتنسيق) مع ساكنة بعض الأحياء، ولم تكن جماعة العدل والإحسان لتضيع هذه الفرصة الثمينة للظهور، خاصة مع تعودها على إحياء ليالي المولد النبوي في العديد من المساجد و الأحياء منذ ما يقرب من عشرين سنة. وينطلق برنامج الإحياء بمسيرة ينتظم فيها سكان الحي تجوب مختلف شوارعه وأزقته، يتقدمها أطفال وبنات يحملون الشموع ، ثم فرقة للأناشيد والأمداح، ثم موكب الرجال وبعده موكب النساء ، والجميع يرددون أمداحا نبوية وأذكار وصلوات على رسول الأنام، ثم يتوجهون نحو مسجد الحي حيث يستمر الاحتفال الذي تتخلله كلمة أو درس تربوي إلى موعد قيام الليل ثم يصلون الفجر جماعة ويختمون. غير أنه في السنوات الأخيرة و بالضبط منذ سنة 2006، أصبح من الصعوبة بمكان إتمام كل فقرات الحفل دون تضييق من السلطة بل ومنع صريح يصل في بعض الأحيان إلى حد التدخل العنيف. لكن تدخل عامة السكان الذين ينتظرون هذه الذكرى بفارغ الصبر يحول عادة دون تطور الأمور إلى ما لا تحمد عقباه. ففي أحد المساجد بحي البرانص مثلا راقب رجال من السلطة موكب الاحتفال، وحاولوا غير ما مرة الضغظ على إمام المسجد بإغلاقه قبل وصول جموع المصلين، وفي أحد المساجد بالمدينة القديمة اضطر بعض أعوان السلطة ومسؤولوا وزارة الأوقاف بعدما رأوا من حشود كبيرة تطوف الأزقة، اضطروا إلى طلب التنسيق مع أعضاء الجماعة في الحفل، لكن هؤلاء رفضوا بذريعة أنهم لا يقبلون المشاركة في الحفل بتقديم صحون الكسكس و صينيات الشاي ويستفرد الآخرون بتقديم ما يشاؤون من العروض للناس. ويبقى أهم نشاط يحرص عليه أعضاء الجماعة هو مسيرة الشموع، ففي حي القصبة وبعد أن أغلقت السلطات المسجد التاريخي أياما قبل المولد النبوي بحجة أنه معرض للسقوط، اجتمع سكان الحي يوم السبت في ساحة باب البحر القريبة من المسجد، وانطلقوا في مسيرة جابت مختلف الأزقة والأحياء القريبة لمدة تفوق الساعة والنصف عبروا خلالها عن محبتهم لرسول الله، فيما كان الكثيرون يتفرجون على الموكب من شرفات البنايات أو من أبواب المنازل، وبعضهم كان يرش ماء الزهر على المشاركين. وجدير بالذكر أن السلطات المحلية بطنجة، وفي السنين الأخيرة فقط أحيت مبادرة تقديم الهدايا التي كان يقوم بها سكان المدينة قبل حوالي خمس وثلاثين سنة، تتجلى في تنظيم موكب فخم للشموع يتقدمه ثور مزين، ويسير في الشوارع الرئيسية للمدينة نحو ضريح الولي الصالح سيدي بوعراقية حيث تقام الاحتفالات الرسمية، وقد ترأس هذه السنة السيد محمد حصاد والي ولاية جهة طنجة تطوان الحفل الذي أقيم بالضريح بعد عصر يوم الجمعة. ويرى المراقبون أن الأمر لا يعدوا أن يكون محاولة لسحب البساط من جماعة العدل والإحسان التي أصبحت تستقطب أكثر وأكثر عامة الناس إلى مسيرات المولد النبوي.