ما العمل؟ أجابت على سؤاله الفصيح بسذاجة على استحياء: أنا متدربة حسابات في شركة خاصة وأنت؟، أعادت السؤال بطريقتها المعهودة وعكست السؤال إليه، وأنا أيضا أجاب بدهاء. استطردت، ماذا تفعل تحديدا؟ أجاب أنا مسؤول موارد، وأنت؟ أنا متدربة حسابات، أجابت، جيد، ثمن جوابها وهو يرفع رأسه إلى السماء كمن يبحث عن شيء في حركة غريبة كالذي يستريح من عمل شاق. مرت الدقائق الأولى بطيئة لكن سرعان ما بدأ الارتباك يحتضر شيئا فشيئا. نظرت إليه بحزن عميق وكأنها تريد البكاء، انتفض من مكانه وتنهد تنهيدة طويلة، لقد مات...نعم مات الارتباك بينهما وذاب في خلال الدقائق المتسارعة، مات في لحظة ولم تكن تعلم أن هذا الموت يعقبه الغروب وينبغي عليها أن تؤوب. كانت جل المقاعد في الحديقة ممتلئة عن آخرها، الحوارات مستمرة ومتوالية بين العشاق عشاق هذا الأحد الكلاسيكيين منهم والإلكترونيين. والذين حجوا فرادى ومثنى إلى هذه الحديقة، كان الكل منشغلا بالحديث إلى الذي بجواره، كلمات تخرج على استحياء وأخرى تنتحر على شفاه المرتبكين وسؤال يعقبه سؤال يعقبه جواب بسؤال. كلمته عن عمره الذي جاوز العشرين بسبع سنوات وكلمها عن عمرها هي الذي نيف على الثانية والعشرين إذ ما تزال في ربيعها الواحد والعشرين، قال لها لم أصدق أننا فعلا كنا سنلتقي عندما بدأنا الحوار في غرفة الدردشة، قالت له لماذا؟ أجاب بأن أغلب الفتيات يدخلن من أجل التسلية، قاطعته والشبان كذلك، حرك رأسه بدهاء يمنة ويسرة كطفل صغير: بطبيعة الحال أجاب. مرت ساعتان بسرعة وهما على الكرسي نفسه بدأ الناس يتحركون وعبدو(سعيد) أيضا يرغب في التحرك. قال لها: لنذهب، ردت: أن هيا بنا، وقفا معا وضع نظارته في جيب قميصه الأيمن. خرجا من الحديقة متوجهين صوب منتهى خط الحافلة العاشر، خرجا مبتسمين بعدما قتلا عامل الدهشة والارتباك توجها نحو الرصيف، مدت يدها مد يده مودعا إياها مبتسما، فجأة تحركت الحافلة، قال لها إلى اللقاء، ضربا موعدا ثم هرول مسرعا ليركب الحافلة لكنها لم تركب معه... يتبع للتواصل مع الكاتب: [email protected]