أنت شاب، إذن أنت في برامجهم فئة مستهدفة. أنت شاب، إذن الجميع في خطبهم يتكلم عنه. لك احتياجات، إذن الجميع يخطط لتلبية حاجياتك (أو هكذا يزعمون) ابتداء من الأب والأسرة، وانتهاء بعباس الفاسي والحكومة. ومن يعرف، فقد يكون أسامة بن لادن هو الآخر يخطط لك، يخطط لاستهدافك واستقطابك وإعادة أسلمتك ثم أخيرا يرسلك لتلقى حتفك في العراق أو الصومال. أما أنت أيها الشاب فقد تكون الوحيد الذي لا يعنيك الأمر “ما مسوقش”، أنت الوحيد التي لا يتم إشراكك في التخطيط لمستقبلك، رغم أن غاندي رحمه الله وأدخله فسيح جنانه لما قدمه للإنسانية من خير عميم قال (ما تفعله لأجلي، وتفعله بدوني، تفعله ضدي). لكن من يخطط ليتدخل في حقل الشباب؟ نحن في حاجة ماسة لنعرف من هم، لذا سأحاول في هذه التدوينة أن أقوم بجردهم وتقديم بعض الملاحظات حولهم، وقد قسمتهم إلى فاعلين تقليديين وفاعلين جدد. ولنبدأ من المتدخلين التقليديين. أول المتدخلين بطبيعة الحال هو الملك. فهو رئيس الدولة مدى الحياة، ولأن الملكية في المغرب تنفيذية فهو واضع الأهداف العامة لسياسات الدولة الكبرى وحتى المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا. يساعده في هذا المسعى الطيب جدا كتيبة المستشارين وباقي الأجهزة السامية صاحبة السلطة التقريرية الحقيقية في البلاد، غير الخاضعة في أغلبها لسلطة شعبية أو رقابة برلمانية. الحكومة التي ننتخب بعض أعضائها ويضطلع بتسيير الأعمال فيها الوزير الأول، هي أيضا تتدخل بعض الشيء. ويقوم بهذا العمل الوزارة الوصية على قطاع الشباب، وكذلك المركز الوطني للشباب والديمقراطية، أحد إبداعات المشمول برحمة الله “سياسيا” سي محمد الكحص. ولأن الشباب نوع اجتماعي خاص، فهو محط اهتمام طبيعي لباقي القطاعات الحكومية الأخرى. مثل الثقافة والتشغيل والتعليم والصحة. المجتمع السياسي ممثلا في الأحزاب والشبيبة الحزبية أيضا يهتم بالشباب باعتباره مسؤولا دستوريا عن تأطير المواطنين. وهنا أفتح قوسا لأقول أنه في الدول الديمقراطية الحقة تضاف إلى وظيفة التأطير مهمة الوصول إلى السلطة، وهذا في المغرب غير موجود، تصوروا. وكأن المخزن أراد للأحزاب أن يلعبوا دور الكومبارس في الساحة السياسية. وغالبيتها راض بهذا الدور، ويشكر جلالة الملك على هذا العطاء الجزيل. ويسألونك عن العزوف السياسي؟ في بلدنا العزيز، الجميع متفق على أن الأحزاب لا تقوم بدورها كما يجب في تأطير واستقطاب وتعبئة الشباب. وفي زمن مضى ونتمنى أن يعود، كانت المنظمات الشبيبية والأحزاب والنقابات تقوم بهذا الدور، أيام الصراع المعروف بين المعارضة اليسارية ونظام الملك الراحل، خصوصا منظمة الشبيبة الاتحادية التي دخلت في سبات عميق وحالة “بلوكاج” غير مفهومة. صحيح أنها أفضل من العديد من المنظمات، لكن نظرا للدور الذي كانت تلعبه وللحجم الذي كانت تشغله فالوضع الحالي مخز بالمقارنة مع تاريخها النضالي في الجامعة والشارع، بل حتى خارج أرض الوطن في بعض المحافل التي لا مجال لذكرها الآن. ونتمنى صادقين أن تعود هذه المنظمة إلى سابق عهدها أو أن تظهر بدائل حقيقية في العمل السياسي الحزبي، من مختلف الاتجاهات، لأن هذا لا يمكن إلا أن يكون في صالح الشباب المغربي. جمعيات المجتمع المدني هي الأخرى تعمل على النوع الاجتماعي الشبابي، بعضها ذو طابع محلي (جمعية الشباب من أجل الشباب بتيفلت مثلا)، وبعضها الآخر ذو طابع وطني (الشعلة ولاميج ولامجيد ومنتدى المواطنة ومنتديات الشباب المغربي والحركة الشبابية التابعة للمنتدى الاجتماعي المغربي.. ومؤخرا حركة الأفق الجديد وهي جمعية واعدة تأسست مؤخرا في الرباط ويرأسها الصحفي الشاب منتصر الساخي). وتستفيد من تمويلات وشراكات وطنية ودولية. المؤسسات التربوية والجامعات تستقبل الشباب، لذا من الطبيعي أن يحاول الطلبة تنظيم أنفسهم في اتحادات وفصائل ونواد، والمشاركة في مجالس المؤسسة. ومن الطبيعي هنا أن نأتي على ذكر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، الفاعل التاريخي داخل الحركة الطلابية المغربية، والذي قدم مناضلوه الكثير وصولا إلى الدم في سبيل تحقيق مطالبهم، رغم ما يثار من جدل حول قانونيته، ومن ملاحظات حول انزلاق بعض الفصائل داخله إلى العنف كوسيلة لحسم الصراع. يتبع... للتواصل مع الكاتب:[email protected]