لقد ابتلي هذا الوطن العزيز منذ سنوات قليلة بمرض ” الجنس” لا تتعجبوا ولا تتفاجؤوا لأن المرض قد تفشى كالذود الذي نخر من لحم أيوب عليه السلام وقتا من الزمن فأصبح الجنس في حياتنا له حقوق وعليه واجبات فتجد كسؤال مباشر وصريح في إحدى المباريات الشفهية لاجتياز امتحان ولوج أحد المدارس العليا بالبلد ” ما مدى ثقافتك الجنسية؟” أو ” إلى أي حد هو ارتباطك بالجنس؟ ” ولقد قيل قديما ” ألف تخميمة و تخميمة ولى ضربة بالمقص ” لهذا تجد جواب السؤال على الدوام ” داك شي كبير عليا”، وأحيانا إن تصادفت مع أحد الطلبة ذوي البشرة الفاتحة ستلحظ تلك الألوان وهي تتراقص على وجهه دون انتظام والسبب وبكل بساطة لأنه ” حشمان ” وكم أتعجب مما يأتي الخجل ومبيعات أقراص الفيديو كليب المنقل الأفلام الخليعة هي الأكثر رواجا بل صارت تنافس السوق السوداء لبيع الأسلحة وحتى نكون أكثر إنصافا كيف بربكم يحرم رب الأسرة نفسه من الخلود إلى النوم بعد يوم شاق ومتعب لا تفرغا لشؤون عياله بل تفقدا لآخر أخبار الفن الماجن و يا للعجب !! لا أتخيل أن آباءنا ممن حالفهم الحظ برؤية التلفاز أيام الستينيات لم ينعموا بجوده وسخاءه ولم ينصتوا لألحان أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وماجدة وكذا الطرب الأندلسي الأصيل أو حتى من تراث مغربنا العربي بل أكاد أشك في ذواقي الفن من الجيل الصاعد إذ يستهويه غلاف القرص قبل محتواه هو حقا لا يتمنى إلا أن يهتز جسده حتى ينسى ما مر عليه خلال ساعات يومه البطيئة وكثيرا ما يتخيل نفسه أميرا يمسك بيد ملاك حسناء فان انقطع تيار الكهرباء دون سابق إنذار تختفي تلك الأحلام سريعا ويعود صاحبنا كما كان. ومرض الجنس لا ينحصر مفهومه في الممارسة أو عدم إتيانها إما بالعادة السرية أو كبثه كما يشير خبراء علم النفس بل يتجاوز تلك الخطوط الكلاسيكية والأعراف والتقاليد القبلية كما يقولون ويتخذ نمطا جديدا يتجسد في الفيديو كليب ولك أن تتابع مثلا أحدا من الأغاني المصورة ” للفنانين المقتدرين ” وأخبرني أي جزء من جسدك لم يهتز؟ اللهم إن كان فمك فهذا شيء آخر لأن ترديد الكلمات قد يصعب خصوصا وأننا نسمع للمفهوم وغير المفهوم بحيث صرنا نمزج بين الثقافات القائمة وغير القائمة ونتوهم أننا في سلام والدنيا بخير وعندما تصادفنا نشرات الأخبار بأوضاع العالم المزري نتخيل أنهم يتحدثون عن ضحايا الحربين الأولى والثانية أو ربما صراعات الأوز والخزرج ويا للحماقة. وفي مضى من الزمن اعتادت النسوة على الرقص وهن واقفات على أرجلهن كما الرجال إما بالعصي أو المناديل الحمراء المطرزة أو الكوفية واليوم نلمح نمطا في الرقص لم نعتده قط أطلقوا عليه مصطلح ” الرقص العمودي ” بحيث بات ينعت الرقص التقليدي بالرقص الأفقي وفي هذا النمط الجديد يتراقص جسد المرأة وهي مستلقية على سرير نوم أو على الورود الحمراء وهي تزين أزقة المدينة ولك أن تتخيل هذا النوع من الرقص وكيف للجسد أن يفعل ما كان يفعله وهو واقف وحتى أعين المغنية وشفتاها لا تقل دلعا ورقصا عن باقي الأعضاء فإياك أن تجزم لي بثباتك على مقعدك وكم أتعجب لثبات المصور والطاقم والمخرج وزليخا زماننا تتجسد في كل أغنية مصورة !! ونحن في المغرب لم نسلم أيضا من هذا الوباء الجسيم ولتخفيف الضرر وحسن النوايا من قبل المسؤولين والمنظمين فقد أعدوا مسابقة وطنية فنية تهدف لاستقطاب (الحناجر الواعدة) أسموها ب “Studio 2M ” ونتساءل بكل بساطة وعفوية ماذا أنجب هذا البرنامج؟ أين الفائزون في السنوات المنصرمة؟ أين من اعتقدنا أنهم سفرائنا بين الدول وجاملوا العلم المغربي؟ لكن يبدو أن هذا العلم الحبيب صار من الصعب عزله عن باقي الأعلام العربية لا حبا فيهم أو أملا في توحدهم ولكن مصابهم واحد.. !! لقد تعمدت في هذا المقال أن أطلعكم على آراء الشارع المغربي ونظرته ل Studio 2M وهذه بعض الآراء: * إيمان أم مغربية تقطن بالإمارات المتحدة :” سمعت عن هذا البرنامج الذي لا يخلو من الرقص الفاضح وأصارحك القول أنني وان كنت مغربية فهذه الإنجازات التي يفتخر بها المغرب لا تخص شعبه الأصيل أضف إلى هذا أنني أجد نفسي أقرب للقنوات الدينية ....” * سلوى تلميذة بمدينة سلا: ” هههه أخصب مكان للمنكر “ * طالب مغربي يتحفظ عن اسمه وهويته:” أنا لا أشاهد مثل هذه البرامج ..لعبد الهادي بلخياط جملة مفيدة بخصوص عبده الشريف ” عاش فيه عبد الحليم حافظ ومات فيه عبده الشريف ” ويضيف ” أقل ما يقال عنه أنه سخيف ثم لم يجعلون الفرنسية في نفس مقام العربية؟ المضحك أنني ذات يوم شاهدت القناة الثانية فإذا بهم يضعون إشهار هذا البرنامج مباشرة بعد إعلان مسابقة لحفظ القران ...” خالد عامل من مدينة الدارالبيضاء :” أولا برنامج ينشر الميوعة وثانيا هو برنامج أموله تأخذ من الشعب ودون قيود وثالثا هو برنامج يساوي بين العربية والفرنسية ورابعا هو يصنع نجوما من ورق” كم أخشى أن يأتي يوم تطالبنا فيه حكوماتنا بأداء ضريبة الحق الجنسي المتمثلة في الفيديو كليب في الوقت الذي كانت فيه بلاد الإسلام تزف عرسانا بقروض من بيت المال.