من العجب أن تحمل جنسية دولة لا تعترف بك، من العجب أيضا أن تسمى الأشياء بغير أسمائها فتسمى ”أجمل بلد في العالم”، وعجب العجاب أنني لا زلت أحمل الجنسية المغربية وبطاقة التعريف الوطنية موقعة من طرق المدير العام للأمن الوطني. أجمل بلد في العالم لأن بنود حقوق الإنسان تطبق فيه من الألف إلى الياء حتى أصبحت المساواة تشمل الإنس والحيوان، فينام المواطن المغربي مع الكلب والقطة جنبا إلى جنب في الهواء الطلق، بينما كلابهم تنعم بكل أنواع الراحة والحياة ‘السعيدة'، والزيارات الطبية والعناية المركزة إذا اقتضى الأمر ذلك. كم أنا أبله ! فتلك ليست إلا مظهرا من مظاهر صون حقوق الحيوان، عذرا، عذرا ! أجمل بلد في العالم لأن الملاهي تمتلئ عن آخرها بأشراف القوم كل ليلة أو على الأقل ليلة كل يوم سبت، يستقبلهم على كل باب حارس ببذلة إن قابلته وحيدا لظننته وزيرا أو رجل أعمال أو مدير شركة، بينما هو ليس إلا خادما عند أشراف وشريفات تحملهم كل يوم سيارات ‘آخر موديل' إلى هناك، فيتمتعون بشتى أنواع الطعام والشراب إلى أن تبزغ الشمس وتكون بيت الكرمة قد فعلت فعلتها، فتشتت شملهم وهم يتمايلون فيقصد كل منزله وفراشه الناعم، وفي تلك الأثناء يستيقظ ذلك الفقير ويودع صغاره وزوجته بعد وجبة فطور من خبز وزيت وشاي ليقصد المعمل الذي يديره أحد ‘الأشراف' الذين يعيشون من تعب الفقراء وعطائهم، ويرفعون صروحهم على كواهلهم. أجمل بلد في العالم لأنه يعطي الأولوية والرعاية السامية للمهرجانات والحفلات، وينسى أنه بلد إسلامي عربي، فنطرد العلماء والفقهاء ونستقبل بكل بهجة ممثلين ومخرجين ومغنيين يحظون بكل أنواع الاحترام والتبجيل، وحتى إذا ما استفاق من نومه نادى إلى تنظيم مناظرة باسم وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. عذرا، أنا لست مغربيا، ولا مكان لي في المغرب، أنا تركي لأنني أستطيع أن أحظى بدراسة عليا في المستوى الذي أريد وفي أي مجال أريد، أنا سويدي لأنني سأجد عملا ولو كان متواضعا، وأعلم علم اليقين أنه سيغطي حاجياتي اليومية، أنا أمريكي لأن فيها سأتساوى ورئيس الولايات، خلاصة القول: ”لست مغربي هذا المغرب، وإن كنت فسأكون مغربي المغرب الثاني !‘.