عاد سؤال "ما العمل؟" ليطرح نفسه مجددا في الأوساط المحلية بمدينة الناظور، بعد انتخاب رئيس جديد خلفا لسليمان حوليش الذي عزله القضاء، ومكتب جماعي يضم أعضاء ضمنهم من كانوا في الامس القريب يشكلون أبرز رموز المعارضة في المجلس طيلة الولاية الانتخابية الجارية، قرروا الانخراط في تدبير ما تبقى من المرحلة، ومعلنين استعدادهم للإسهام في إصلاح الاختلالات السابقة ووضع حد لكل ملفات الفساد التي رصدتها مفتشية وزارة الداخلية خلال افتحاصها لأقسام الجماعة. وفي هذا الصدد، علمت "ناظورسيتي"، أن مكتب المجلس الجماعي، عقد مباشرة بعد انتخابه، اجتماعين عاجلين تم خلالهما مناقشة جملة من الإشكالات المطروحة والملفات العالقة إضافة إلى اعداد فائض الميزانية للمصادقة عليه في دورة فبراير، وقد وجد المجلس نفسه حسب مصادر مطلعة، أمام كم هائل من المشاكل التي خلفها الرئيس السابق، من بينها تلك التي رصدتها تفتيشية الإدارة الترابية، إضافة إلى العشوائية الإدارية في جل المصالح والتي تشكل رهانا حقيقيا أمام الرئيس الجديد رفيق مجعيط ونوابه، وستعكس نجاحهم إذا ما استطاعوا حلها في أسرع وقت بالنظر إلى عمر الولاية الذي سينقضي بعد صيف 2021. واعتبر مصدر مسؤول في تصريح ل"ناظورسيتي"، الاجتماع الأول تمهيديا تم خلاله التواصل مع رؤساء المصالح بغية اطلاع الأعضاء على بعض الملفات المهمة، من بينها تلك المرتبطة بالاختلالات المشار إليها في تقارير مفتشية وزارة الداخلية والمجلس الاعلى للحسابات، على أن يتم إعداد محاضر لحصيلة المرحلة السابقة وتقديمها للمجلس في أٌقرب وقت ممكن حتى يتسنى له وضع الاقتراحات والحلول المناسبة. ومن بين أهم التحديات المطروحة امام المجلس الجديد، تلك المتعلقة بأقسام التعمير والجبايات والاملاك الجماعية، وبعض الصفقات العمومية إضافة للمنازعات القضائية التي تعد الجماعة طرفا فيها امام المحكمة الإدارية، وهذه ملفات ضخمة وشكلت موضوع تخوف لدى الرئيس السابق بالنيابة، ما جعله يتريث في توقيع محضر تسليم السلط لرفيق مجعيط تجنبا لتصريحه بما قد يقحمه في المسؤولية لاسيما وأن تجاوزات الرئيس المعزول أصبحت ملف بحث قضائي لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بأمر من النيابة العامة المختصة. وتعتبر إعادة هيكلة إدارة وأقسام جماعة الناظور، أهم فرصة أمام المجلس الجماعي، ستمكنه من وضع حد للفوضى والعشوائية التي يبدو أنها أصبحت القاعدة الأساسية في تدبير المؤسسة، فضلا عن التحقق من كل الالتزامات والاتفاقيات والعقود المختلفة التي أبرمت طوال الأعوام السابقة، وكذا الصفقات المتعلقة ببعض المشاريع وميزانيتها خصوصا المرتبطة منها بأشغال التهيئة وصيانة الطرقات والمساحات الخضراء، بعد توقف بعضها لاسيما الحديقة الكائنة بحي الفطواكي. وتشكل قلة الموارد المالية وضعف مشروع الميزانية المصادق عليه نهاية 2019، احدى الأسباب التي ستكبح حركية المجلس الجماعي، إذ أصبح ملزما بالرفع من سرعته للبحث عن مداخيل جديدة تنهي العجز الحالي، مما قد يضطر المجلس على اثره إلى تفعيل توصيات سلطة الرقابة المتعلقة بضرورة استخلاص الديون من المتقاعسين من أداء الضرائب الواجبة. ويدين المجلس الجماعي بسبب عدم اتخاذه للتدابير اللازمة في حق المتقاعسين من الملزمين بالرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، بأزيد من 10 ملايين درهم، إضافة إلى جزاءات التأخر والمتعلقة بعدم وضع الإقرارات السنوية البالغة وفقا لمعطيات "ناظورسيتي" حوالي 18 مليون درهم، ما يتطلب إطلاق عملية شاملة لإحصاء جميع الملزمين الخاضعين لهذا الرسم وإجبارهم على الأداء للرفع من ميزانية المدينة. بالإضافة إلى المبالغ الضخمة المذكورة، فهناك ميزانية مهمة ستضخ في صندوق الجماعة، بالنظر إلى حجم الديون المتعلقة برخص الاستغلال المؤقت للأرصفة والأسواق والدور السكنية ، والتي بلغت إلى حدود 2017 أزيد من 15 مليون درهم، تعد كافية وفقا لمتتبعي الشأن المحلي لحل جزء من الإشكالات المتعلقة بإعادة الروح للمدينة و تهيئة الأحياء الناقصة التجهيز وتزويدها بالخدمات الضرورية والأساسية. ويعد قسم التعمير من بين القطاعات المهمة التي يمكن من خلالها تقييم عمل المجلس الجماعي الجديد، إذ ستعكس السياسية التي ستدبر بها المصلحة نجاحه أو إخفاقه، خاصة وان ملاحظات مهمة صدرت بشأنه من طرف سلطات الرقابة، سواء تعلق الامر بطرق منح رخص البناء أو الاختلالات التي مهدت أمام المنعشين العقاريين خرقهم للقانون خلال انجازهم لتجزئات وتجمعات سكنية تحولت إلى قنبلة انفجرت في وجه الرئيس السابق ونائبيه ورجتهم إلى المحاسبة القضائية. إلى ذلك، فقد أصبحت انتظارات المواطنين كثيرة امام ضخامة الأزمة التي تعيشها مدينة الناظور على مستويات عدة، اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، ورياضية...؛ وعلى مكونات المجلس تشخيصها وتقديم وصفة سريعة تنهي هذه المشاكل كليا او جزئيا إذا اقتضى الأمر مع الآخذ بعين الاعتبار عامل زمن الولاية الذي قد يصعب مأمورية الوصول لهذا المبتغى ولكل النتائج المنتظرة.