حينما جاء لأول مرة بكل قوة واندفاعية إلى المشهد السياسي، سرعان ما لقب ب"أوباما الناظور"، لكنه وقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر، ومضى من الوقت ما يكفي وزيادة، حتى تأكد أن اندفاعية الرجل وشعبويته أكبر من حجمه الحقيقي، مثلما تأكد الآن وبالملموس أن حوليش ظاهرة انتخابية وصوتية، جاءت نتيجة الفراغ الحزبي والسياسي المهول بالناظور، وهنا تكمن المعضلة. بداية وأفول رجل لا يختلف اثنان على أن سليمان حوليش، وعند ظهوره في الساحة الانتخابية بالناظور، اعتبره الكثيرون "المنقذ"، ووثقوا فيه لكونه ابن إحدى الأحياء الشعبية وليس من عائلات آل فلان وعلان، وعلقوا عليه آمالا كبيرة لتغيير واقع المدينة المزري، ما جعله يكسب شعبية كبيرة في أوساط الناظوريين، ولقي دعما عارما خصوصا من الشباب الذي رأى فيه الأمل لغد أفضل. هذا الأمل سرعان ما تبخر مع مرور الأيام والشهور، واتضح أن حلم الناظوريين في التغيير مع حوليش، كان مجرد سراب، وبيع لهم الوهم ووثقوا فيه، بل آمنوا بأن حوليش يحتاج للوقت فقط حتى يضع مخططه للتغيير، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، وبدأ الشاب الذي كان يعول عليه يفقد شعبيته بسبب هفواته وأخطائه. حوليش... الانفرادية والعشوائية والفوضى في التسيير منذ أن ترأس سليمان حوليش المجلس الجماعي للناظور، وهي تعيش فوضى وعشوائية، ففي البداية كنا نعتقد أن السبب في ذلك هو انعدام تجربة حوليش في التسيير، وأنه سيتمكن من التغلب عن هذا الأمر، بعد أن يشكل فريق عمل متماسك ويستعين بالطاقات وأصحاب التجارب، ولو حتى من خارج تشكيلة المجلس الجماعي، إلا أنه قام بالعكس تماما، حيث اِنفرد بالتسيير وأغلق الأبواب على الجميع، إلا عن بعض الأعضاء الذين تجمع معهم مصالح وأعطى لهم تفويضات للتوقيع. عشوائية التسير والفوضى ظهرت جليا في مجموعة من الملفات المهمة، كملف جمع النفايات، حيث أن المجلس الجماعي لم تكن له أي رؤية واضحة عن كيفية مواجهة مشكل الأزبال، خصوصا في فصل الصيف والأعياد والمناسبات، ففشل في هذا الأمر على مدار السنوات التي ترأس فيها حوليش هذا المجلس الجماعي. التخبط كذلك بدا جليا في فقدان المجلس الجماعي لعقارات مهمة كعقار الكورنيش، والذي بيع في المزاد العلني دون أن يحضر ممثل البلدية عند رفع الدعوة القضائية ضدها، ما جعل هذه الأخيرة تخسر إحدى أهم عقاراتها. نفس الأمر حدث مع سوق "الببوش"، والذي دافع عنه رغم أنه إرث الرئيس القديم، وتحوّل من سوق سوّق له أنه نموذجي إلى كارثة بكل المقاييس، بحيث أثار عدة احتجاجات سواء من طرف التجار أو المواطنين، وكان آخرها سائقي الطاكسيات الذين خرجوا احتجاجا عليه بسبب الروائح المنبعثة منه، وكل هذا في غياب تام للمجلس الجماعي ورئيسه سليمان حوليش. فوضى التسيير تتضح جليا كذلك في دورات المجلس الجماعي، حيث وبمجرد أن تقوم المعارضة بإحراج الرئيس بأسئلة واستفسارات حول قضية ما، يشرع الرجل في الاجابة "خارج السياق" أو الصراخ الذي يجيده كثيرا، ويبدوا فعليا انه لا يعلم ما يحدث داخل المجلس الجماعي. وبمجرد ان يتم محاصرته حول فشل الجماعة في التسيير وغيابها عن جل المشاريع بالمدينة، ينهج سياسة النعامة، ويخبئ رأسه في التراب، بإلقاء اللوم على وزارة الداخلية ونقص الميزانية، عوض أن يبحث هو عن مصادر جديدة للتمويل، كما يفعل مجموعة من رؤساء الجماعات في مناطق متعددة من المغرب. اللهاث وراء العقار يبدو أن المجلس الجماعي للناظور، تمكن من تحطيم رقم قياسي في إعطاء رخص البناء وتسوية الوضعية والسكن، بحيث إن مجموعة من الملفات التي كانت عالقة بسبب عدم استوفائها شروط الحصول على الرخص تم حلها بقدرة قادر. كما جرى إعطاء الرخص لمجموعة من التجزيئات السكنية، والموافقة على تعديلات في تصاميمها، في غياب تام للمرافق التي يشترط أن تتوفر عليها هذه التجزيئات، دون الحديث عن إعطاء وعود بتسوية وضعية عقارات، رغم أنها لا تتطابق مع التصاميم الأولى. إعطاء رخص العقار جعل الرئيس ينسى باقي المهام والأمور المتعلقة بالمدينة، ويخصص جل وقت عمله للملفات المتعلقة بالرخص، حتى أنه في الكثير من الأحيان كان يعطي مواعيده خارج مقر البلدية لفك هذه الملفات حاملا معه خواتيمه، حتى لا يضيع الوقت لأنه ثمين بالنسبة للرئيس. هذا الاهتمام الكبير بالعقار، ونسيان هموم المواطنين والمدينة، جر على حوليش الويلات، إذ إن عامل الاقليم قام بوقف بناء طابقين إضافيين لعمارة سكنية بالشارع الرئيسي المؤدي إلى أزغنغان، بالإضافة إلى سحب رخص أخرى، قبل أن يتم تفعيل المادة 64 والتي تخوّل لعامل الاقليم رفع دعوة قضائية ضده للمطالبة بعزله. وقد سبق لحوليش أن اعترف في اجتماع رسمي، أنه يوقع رخصا دون الرجوع إلى المصالح المختصة، في خرق واضح للقانون، وأبرز في ذات المداخلة أن هذا الأمر قد يؤدي به للسجن، ورغم أنه كان يعلم عواقب ما يقوم به إلا أنه استمر في المغامرة والتوقيع، حتى أن أصبح الكل يتحدث عن كون حوليش لا يهمه شيء في البلدية دون توقيع رخص العقار. "أوباما" الكسول، رسب في "التحضيري" بميزة حسن إذا كان لقب حوليش في بداية ولايته "أوباما الناظور"، فقد ثبت اليوم على أنه كسول، رسب بميزة حسن أو نسخة مزيفة منه، وإن كان في السابق يعوّل على شعبيته وتعاطف الناس معه، فاليوم يعوّل على الاموال راكمها من تجارته حتى يجري بها حملته الانتخابية، إن هو يريد فعلا خوض الاستحقاقات القادمة، بعد هذه النكسة والتي من المرتقب أن تنتهي إلى الجرجرة في المحاكم. حوليش الذي كنا ننتظر التغيير معه، عاد الناظور خلال ولايته إلى الوراء، وأصبح يعتبر مجلسه أسوء مجلس جماعي يمر في تاريخ هذه الحاضرة المنكوبة، حتى أصبحنا ذ "رعارث نيوذان"، وعوض أن تعرف المدينة بمؤهلاتها السياحية، أصبحت معروفة بأزبالها وفوضى التسيير فيها واللهاث وراء العقار.