قد أكون صائبا وقد أكون مخطئا، لكن من حقي أن أتساءَل عن ما يحاك ضد مدينتي، لأنّ السّاكت عن الحق شيطان أخرس. جميل جداً أن يقوم مجلسنا البلدي بالناظور، بتغيير الأعمدة الكهربائية ومصابيحها بجل الشوارع لكي تكون تبدو أكثر جمالية بضيائها القوي. لكن جولة صغيرة في هذه الشوارع، ليلاً، بعد التغيير طبعا الذي قامت به بلديتنا المحترمة، فيما يخص الأعمدة الكهربائية والمصابيح التي تضيئ شوارعها، يتضح للمتجول أنه داخل ضريح "بويا عمر" الذي كان يضيء فضاءَه الداخلي بمختلف أنواع الشموع. فالناظور ربما سيصبح مفقودا في المستقبل القريب، رغم تضافر الجهود من عدة أطراف التي سنعود للحديث عنها في مناسبة قادمة، حيث الأطراف المذكورة تتضافر من جهودها، محاولة منها تجسبد إسم الناظور على أرض الواقع ليصبح "إسمها" إسما على مسمى، لأنه أطلق عليها إسم باب أوروبا. وفي ظل الأوضاع الراهنة التي تعيشها المدينة، لا بد أن أفتح قوسا بالمناسبة وأطرح سؤالا بالبند العريض، ماهي القيمة المضافة التي قدمتها المجالس المنتخبة المتعاقبة على مدينة الناظور ياترى؟ الجواب بسيط، وما قدمته المجالس المنتخبة من مصائب لا ينكرها إلا جاحد.. بدءا بطمس معالم شارع "محمد الخامس" الذي زُيِّن بأحجار المقابر، ونحذر بالمناسبة كل من إقتنى حذاءً جديدا أن لا يمر فوق هذه الأحجار، إذا أراد طبعا أن لا يرجع إلى بيته حافيا. كما عوضت كذلك أشجار الشارع السالف ذكره، بأشجار يستحيي المرء أن يسميها بهذا الإسم... الإفراط في تبذير المال العام وعمارة الكورنيش التي بيعت بثمن بخس كمثال لا الحصر. واليوم أتى الدور على جل شوارع المدينة التي تشبه الأضرحة.. وأمام هذا الهول من الصدمات ما عسايا أن أعمله من أجلك يا مدينتي؟ فالصراخ صرخنا ما فيه الكفاية حتى بحت حناجرنا.. ونشرنا ما يكفي من المقالات حتى كاد الحبر أن يجف ما عاد مجدياً.. ولم يبق لي إلا أن أودعك الوداع الأخير أو أصلي عليك صلاة الجنازة.. لأنني أخشى أن أستيقظ يوما ما وأجد معالمك قد تغيرت عن أخرها، ومن الممكن أن يغتصبون حتى إسمك الطاهر.. ولكي أريح ضميري الذي يؤنبني وأكون منطقياً مع نفسي، فسلامٌ ووداعٌ ورحمة الله عليك يا مدينتي!