بين قوة الدولة في المغرب وصعود قوى مجتمعية تفاصيل وتساؤلات كثيرة، حاول الباحثون المشاركون في ندوة "المشهد السياسي المغربي بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016"، المنظمة من طرف مختبر الدراسات القانونية والسياسية لدول البحر الأبيض المتوسط، معالجة أهمها. وتحت عنوان "سؤال السياسة ما بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016: في جدوى الانتخابات بالمغرب"، اختار عباس بوغالم، أستاذ بكلية الحقوق بوجودة، مأزق السياسة كمدخل لموضوع الندوة، ونبه من خلال عرضه إلى خطورة تحييد السياسة على الدولة والمجتمع معا. ومن خلال جملة من المؤشرات القانونية والكمية المتعلقة بالحكومة في المغرب منذ 1998، تبنى الباحث محمد الرضواني، أستاذ القانون العام بكلية الناظور، مقاربة جديدة في تحليل الانتقال الديمقراطي من خلال التركيز على الانتقال الحكومي كانتقال جزئي أساسي لمختلف الانتقالات الجزئية الأخرى. وذهب الرضواني، في هذا الإطار إلى محدودية الانتخابات، واستمرار تواجد مناصب وزارية محجوزة واحتفاظ مسؤولين مدنيين بالقدرة على التصرف بشكل مستقل عن الوزراء المنتخبين ورئيس الحكومة، واحتفاظ الأجهزة الأمنية بالاستقلالية عن الحكومة وتوفرها على سلطة خاصة لها لا تخضع للسلطة المنتخبة... كلها مؤشرات دالة على أن الانتقال الحكومي في المغرب انتقال مزيف. وقد شكلت راهنية حراك الريف وتطوراته وانتماء باحثين إلى المنطقة، حوافز مهمة للخوض في هذا الموضوع، لتسجل هذه الندوة سبقا أكاديميا في هذا الاطار، باعتبارها من الندوات الاولى التي فتحت نقاشا أكاديميا في الموضوع. ولعل تقديم جملة من الخلاصات المهمة حول الدراسة الميدانية التي أنجزها الباحث محمد سعدي حول شباب "حراك الريف" كان من بين أهم علامات علمية هذه الندوة. واكد الباحث سعدي، أستاذ بجامعة وجدة، أن قوة حراك الريف تكمن في قاعدته الشبابية المتنوعة عمريا وايديولوجيا، وفي تركيزه على الحقوق الاجتماعية والكرامة والعدالة بدل التركيز على الشعارات السياسية، كما تكمن في تعبيره الحقيقي عن الاستبعاد الاجتماعي، واثار الاحساس بالحرمان النسبي. وقد اعتبر أن للحراك فرصة تاريخية ينبغي انتهازها للتصالح مع المجتمع. وفي المحور نفسه، اعتبر الباحث رشيد شريت بأن حراك الريف عرف حضوراً قويا للتاريخ، ما دفعه إلى طرح جملة من التساؤلات من قبيل، هل تم استدعاء التاريخ ام ما حدث هو استمرارية تاريخية أم مزاوجة بين الأمرين معا؟ وهل حضر التاريخ فقط في خطابات وممارسات الحراك أم في مقاربة السلطة؟ ولما حضر التاريخ في حراك الريف بينما غاب وهمش في باقي الحركات الاجتماعية؟. ونظرا لأهمية التواصل في تدبير الازمات، فإن الباحث محمد جلطي، اعتبر ضمن عرض حول التواصل السياسي، أن هذا الأخير يعد من الآليات المهمة لقياس الفعل السياسي، وذهب المتدخل إلى أن التواصل السياسي المكثف للمؤسسة الملكية مؤشر على عودتها في هذا الإطار، ما يطرح تساؤلات خاصة. جدير بالذكر، أن الندوة المنظمة في جلستين، أول أمس الخميس، عرفت أيضا مشاركة باحثين آخرين، من بينهم عكاشة بن المصطفى والذي ألقى مداخلة تحت عنوان "تحول النظام السياسي المغربي: التغيير من أعلى"، كما شارك محمد مريني بمداخلة ناقش فيها بلاغة الفعل الاحتجاجي من خلال الوسيط الرقمي والحركات الاجتماعية عبر الوسائط الالكترونية، بالإضافة يوسف أشلحي الذي قدم عرضا حول المجتمع المدني.