ينمو وباء السيدا في المغرب بوثيرتين مختلفتين، فالأولى تخص عموم الناس والثانية تهم العاملين في الجنس. ولكن وبالرغم من مخاطر بنقل بائعات الهوى المرض لعموم الناس، فإن حملات التوعية حول "الجنس الآمن" تلقى بعض المقاومة إلهام براشي، متخصصة في علم الاجتماع، قالت "رغم أن الدعارة كانت دائما موجودة في المغرب، فإنه يصعب على المجتمع المغربي الذي يعتبر محافظا، الاعتراف بها"، مضيفة أن العديد من الناس يعتقدون أن جهود رفع الوعي لوقف انتشار المرض تشجع الدعارة وهذا يضع نشطاء المجتمع المدني في مأزق حقيقي: كيف يغيرون العقليات دون إعطاء انطباع بأنهم يتغاضون عن الدعارة سليم، بدوي، موظف بالرباط، أحد منتقدي جهود الجمعيات لمساعدة بائعات الهوى. وينظر إلى حملات التوعية حول السيدا على أنها تحريض واضح على الانحلال وقال لمغاربية "نحن مجتمع محافظ وعلينا التشبث بما يميزنا". الدعارة غير قانونية في المغرب ويعاقب عليها بالسجن في حين تشير البرلمانية فاطمة مستغفرة إلى أن الدعارة كانت دائما موجودة في المجتمعات في جميع أنحاء العالم. فرغم تجريم الدعارة هناك شريحة من السكان تعمل في الجنس بالمغرب وقالت "علينا توعية هؤلاء النساء أنه بإمكانهن حماية أنفسهن ضد المرض ومنعهن من نقل العدوى للآخرين" وسجلت حوالي 22.700 إصابة بفيروس نقص المناعة المكتسبة في المغرب في صفوف ساكنته البالغ تعدادها 30 مليون نسمة حسب تصريح الدكتورة عزيزة بناني عن وزارة الصحة المغربية السنة الماضية، لكن المسئولين يأملون منع ارتفاع هذه النسبة رفع الوعي حول الضرر الذي تسببه السيدا يكتسي أهمية بالنسبة لبائعات الهوى والزبائن على حد سواء، يقول البرلماني والإمام عبد الباري الزمزمي وأوضح "أنت لا تشجعهن عندما توعيهن. على العكس، أنت تشجعهن على أن يكن واعيات تماما بالمخاطر التي يواجهنها. وهذا شبيه بالردع" مراد شومالي، مستخدم ببنك، قال "كل مواطن له الحق في معرفة حقيقة الأمور". ويقول إن بائعات الهوى شريحة مهددة بحاجة إلى التوعية لتفادي الأسوأ سميرة، 32 عاما، بائعة هوى، تقول إنه على الناس عدم التسرع في إصدار الأحكام. وقالت لمغاربية "على الناس أن يعرفوا أننا أيضا بشر ضعيف". وأضافت "نحن نحترم الشعب المغربي ولا نكشف ما نفعله لعائلاتنا أو الجيران لأننا نعرف جيدا أن هذا غير مقبول ومحرم دينياً" وأوضحت "الظروف هي التي دفعتنا إلى هذه المهنة. يجب على الأقل توعيتنا بالسيدا عوض الإصابة بالعدوى ونشر المرض في المغرب. لم أشعر أبدا أن دورات التوعية هي تشجيع على الاستمرار في هذا الطريق" ورغم الانتقادات، كرس المجتمع المدني نفسه في المغرب لمكافحة السيدا. ووضعت الجمعية المغربية لمحاربة السيدا والمنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا (أوبال) برامج موجهة لمن تسميهم "محترفو الجنس" وتنظم دورات لتعليم بائعات الهوى كيف تحمين أنفسهن وتتجنبن العدوى. ولوحظ أنه مع ارتفاع مستويات التوعية، يزداد استعمال الواقي وبالنسبة للنساء اللواتي سلكن الدعارة، توفر هذه المنظمات غير الحكومية العديد من الموارد. فالجمعية المغربية لمحاربة السيدا تقدم على سبيل المثال دورات حول تنظيم الأسرة وحقوق الإنسان واحترام النفس والاستخدام الصحيح للواقي وكيفية إقناع الزبائن باستخدامها عائشة، 38 عاما، تعمل في الدعارة منذ أن كانت في العشرين من عمرها. وقالت لمغاربية إنه ليس من السهل إقناع زبائنها باستخدام الواقي تقول "فبعضهم يستخدمه دون أن أطلب منه ذلك أما أغلب الزبائن فيرفضون استخدامه. ولم أنجح أبدا في طلب ذلك. لكن بفضل دورات التوعية التي تقودها الجمعية المغربية لمحاربة السيدا، نجحت مؤخرا في إقناع الزبائن بارتدائه" لكن الأمر مختلف بالنسبة للعاملين في الجنس الذين لم يسبق لهم أن شاركوا في هذه الدروس التكوينية الخاصة ومعظم هؤلاء العاملين في الجنس تعوزهم المعرفة الأساسية حول الوقاية من السيدا والأمراض الأخرى المتنقلة جنسيا حسب ما كشفته أوبال في دراسة شملت بائعات الهوى المغربيات سنة 2008 ومن أصل 500 عاملة في الجنس شملهم الاستطلاع، 483 أجبن أنهن تمارسن الجنس مع حوالي 50 زبونا في أسبوع واحد. لكنهن لا تعرفن أي شيء عن الأمراض المتنقلة جنسيا أو السيدا وقالت أزيد من 43% من بائعات الهوى إنهن لم تستخدمن الواقي خلال الجماع. وأجابت حوالي 30% منهن أنهن لم يذهبن أبدا إلى المدرسة نادية بزاد، رئيسة المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا، قالت "اكتشفنا أن هناك جهلا بالسيدا، وغياب ثقافة الوقاية والاستخدام الضعيف للواقي" [أرشيف] نادية بزاد رئيسة المنظمة الإفريقية لمحاربة السيدا قالت إن العديد من بائعات الهوى لديهن معرفة خاطئة بالسيدا. وكشفت الدراسة أن 11.9% من المستجوبات فقط تؤكد على استخدام الواقي. فيما تتفادى الكثير من بائعات الهوى الواقي لعدم "إزعاج" الزبون أو لكي لا تضطر لخصم التكاليف من مصاريفهن سنتين بعد هذه الدراسة الأولى من نوعه، سجلت أسعار الواقي ارتفاعا بالفعل حسب بزاد. ودعت إلى خفض سعرها إلى درهم واحد. وفي الوقت الحالي، يبلغ سعر ثلاثة واقيات 20 درهما. وانتقدت أيضا غياب آلات البيع الأوتوماتيكي على الشوارع عندما تغلق الصيدليات في المساء فاطمة، 29 عاما، لم تكن تعرف أي شيء البتة عن طرق انتقال السيدا حتى اليوم الذي أقنعتها صديقة بالذهاب إلى دورات التوعية وأوضحت "لم يكن من السهل علي الذهاب إلى منظمة إنسانية لأنني عشت حياتي كلها بدون دعم الآخرين. ولما ذهبت مع صديقتي، اكتشفت أمورا كثيرة. لم يصدر أحد حكما علي. وفي الواقع شجعونا على حماية صحتنا وحياتنا" وأضافت فاطمة "قمت باختبار مجاني. لحسن الحظ أنا غير مصابة" أما سمير فتعاني مشكلة أخرى وهي الخوف من الشرطة "نخشى حملات التفتيش المفاجئة للشرطة. ففي حالة عثورهم على الواقيات في حقائبنا، فهذا يعني بالنسبة للشرطة دليل على ممارستنا للدعارة. لكن هناك دائما طرق لإخفائها. تعلمت أنه فيما يتعلق بالصحة، الأمر لا يتطلب الكثير" وقالت بائعات الهوى إنهن ممتنات للعمل الذي يقوم به عمال الجمعيات الإنسانية. وتحاول هذه الجمعيات أيضا توعية الزبائن المحتملين وتعمل الجمعية المغربية لمحاربة السيدا على توزيع الواقيات ومصادر المعلومات (كتيبات، منشورات، ملصقات، وغيرها) وأدوات أخرى موجهة لسائقي الشاحنات (كتيبات تعريفية، خرائط وأشرطة صوتية وغيرها). كما تقدم الجمعية خدمات الاختبارات المجانية والسرية حكيمة حميش رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة السيدا قالت إن محاربة السيدا وفيروس نقص المناعة المكتسبة هي أيضا حرب من أجل كافة الشرائح السكانية المهددة بالإصابة بسبب التهميش الاجتماعي أو الثقافي أو القانوني سواء كانوا نساء أو مثليين أو مدمني المخدرات أو عمال الجنس أو السجناء وقالت لمغاربية "ما لم ننجح في القضاء على الشعور بالعار الذي تشعر به هذه الشرائح وما لم يتمكنوا من الاستفادة من لعلاج فإننا لن ننجح في الحرب ضد السيدا" وختمت حميش "إذا لم نرفع الوعي في صفوف هذه الشرائح المستهدفة من الأفضل أن نوقف نشاطنا ونذهب إلى منازلنا" سهام علي من الرباط لمغاربية – 23/07/10