كشفت تقارير غربية، أن أغلب الجهاديين المغاربة، المتورطين في الاعتداءات الإرهابية الثلاثة، التي هزت مدريد (11 مارس 2004)، وباريس (13 نونبر 2015)، وبروكسيل (22 مارس 2016)، خلفت 364 قتيلا و2613 جريحا، ينحدرون من شمال المغرب، الذي عان من ويلات الاستعمار والتهميش والفقر بعد الاستقلال. وهو ما دفع الكثيرين منهم، حسب التقارير، إلى الهجرة إلى أوروبا، فيما نشط بعضٌ آخرون في زراعة القنب الهندي، وبيعه لبارونات المخدرات لتهريبه إلى أوروبا. التقارير ذاتها، تشير إلى جهاديين بارزين من الشمال كانوا قد شاركوا في اعتداء مدريد 11 مارس 2004 من بينهم جمال زوكام (طنجة سنة 1973)، وعثمان الكناويي (تطوان سنة 1975)، ومحمد بوشراط (بطنجة سنة 1979)، وفؤاد المرابط (الناظور سنة 1973)؛ والمتورطون من الشمال في اعتداء باريس 13 نونبر 2015: الأخوان صلاح عبد السلام وإبراهيم عبد السلام وشكيب أكروح، والمتورطون في اعتداء بروكسيل في 22 مارس 2016، نجيم العشراوي، ومحمد عبريني، والأخوان خالد، وإبراهيم البكراوي. بيير فيرمورين، المؤرخ الفرنسي المتخصص في المغرب العربي والأمازيغي، كشف في حوار مع وكالة الأنباء الفرنسية، أن تورط أبناء الريف في أكثر الاعتداءات الإرهابية دموية في أوربا يرجع إلى "أسباب عديدة ومتشابكة" كون "حياة هؤلاء الناس تاريخيا طبعتها المحن والمعاناة، والاكتظاظ السكاني، والزلازل، والإخضاع". وأضاف المؤرخ ذاته، أن الدين في نسخه الأكثر تشددا، والأعمال غير القانونية، والإجرامية كانت ملاذا للريفيين، وعلاجا لتلك الآلام، ما جعلهم "يتوقعون على الذات والأسرة والقبيلة". وأوضح أنه حتى أبناؤهم، وأحفادهم الذين رأوا النور في أوربا لم يتخلصوا من تلك الذكريات، التي انتقلت إليهم. ووفقا لفيرمرين، فإن "انفتاح" الشباب المغاربة، لا سيما في بلجيكا، وفرنسا على الشبكات الإجرامية، التي تنشط في مجال تهريب المخدرات، خصوصا الحشيش، سمح لهم بمعرفة استعمال الأسلحة، وعبور الحدود بطرق غير قانونية، والاحتكاك برجال العصابات للقيام بعمليات حربية، وحتى الإرهابية. وبخصوص الحلول الممكنة لمواجهة مهربي الحشيش القادم من الريف، والذي يمثل 80 في المائة من الحشيش المستهلك في أوروبا، يؤكد فيرمرين أن "الحل سياسي محض"، إذ إنه "من غير المجدي مطاردة المهربين، الذين يبيعون كل سنة في أوربا آلاف الأطنان من الحشيش، ويربحون آلاف الملايين من الدولارات"، ويغذي جزء من عائدات هذا الحشيش الأحياء المهمشة مثل "مولانبيك" في بروكسيل. وأشار المتحدث نفسه كذلك إلى أن "الحل قد يكمن في التفاوض مع المغرب، الذي هو دولة قوية، ومركزية، لأن المافيات تطرح مشاكل أيضا له، حيث تشهد هذه المنطقة أعمال عنف متكرر". وأكد أن أي اتفاق مع المغرب لمحاربة الحشيش يجب أن يعتمد سياسية "رابح رابح"، أي أن تستفيد منه كل الأطراف.