مع انقضاء العام الماضي، يكون قد مرت أربعين سنة على هجرة المغاربة وبالخصوص من منطقة الريف نحو هولندا. انها محطة تاريخية واستثنائية قدم وساهم فيها آباؤنا، أمهاتنا واخواننا تضحيات جسيمة في بناء الاقتصاد الهولندي من جهة، ودور رئيسي في التنمية الاقتصادية والتكافل الاجتماعي تجاه منطقة الريف والمغرب عموما. ان هجرة أبناء الريف وأبناء المغرب عموما نحو هولندا على مدار العقود الأربعة الأخيرة لها أثرا بالغا على البنيات الاجتماعية والثقافية والرمزية في ريف الداخل من جهة وعلى النمو الهوياتي للجيل الثاني والثالث من جهة أخرى. ان االدولة المغربية بكل مؤسساتها تعاملت بعقلية متخلفة تجاه الديناميكيات التي عرفتها هاته الهجرة، حيث تم استعمال مختلف الأساليب القمعية لاسكات كل ألأصوات التواقة الى الحرية والكرامة، حيث تم نشر ثقافة الخنوع والركوع عبر الامام والقنصل وثقافة الخوف والتهديد عبر الوداديات القديمة والجديدة. اليوم، تولدت قناعة راسخة عند المواطنين الهولنديين من أصل مغربي أن هولندا هو وطن الاستقرارللأجيال الجديدة. مقابل ذلك يستمر مسلسل المضايقات والتدخلات من طرف المؤسسات المتعددة للدولة المغربية، قصد تسويق استراتيجية القبضة الأمنية وفرض الولاءات الأحادية (الدينية ، عبر فرض مايسمى المذهب -المالكي السني-) ونشرسياسة التعريب والمسخ الثقافي لأمازيغ هولندا مع مسلسل المضايقات والتهديدات للأطر الريفية المستقلة في حياتهم المهنية والحاقهم بمهام أمنية تخدم ألأجندة الأمنية للدولة المغربية. ان تاسيس مجلس أعلى وظيفي ل " الجالية المغربية" والرفض المطلق الذي جوبه به من طرف الارادات الحرة الريفية الهولندية وغيرها لأكبر دليل على الاختيار الحر والمستقل لأمازيغ هولندا في حقهم في مواطنة كاملة التي يضمنها القانون والدستور الهولندي. اننا علمانيون ولسنا بالضرورة ملحدون في العشرية الأخيرة برز وعي جديد عند فئة الجيل الثاني والثالث يرفع صوته العالي" اننا علمانيون ولسنا بالضرورة ملحدون" شرط احقاق هذا الحق هو تفعيل وتشجيع التفكير العقلاني والتنويري وسط المواطنين من أصل مغربي من جهة و " لا للتدخل المؤسساتي للدولة المغربية وفرض سياسة الرعية" من جهة أخرى. في خضم هذه التطورات انعقد بمدينة ليدن الهولندية يوم الجمعة 9 أبريل 2010 اللقاء الدراسي الثاني ل " "أرضية العلمانيون الهولنديون من أصل مغربي" بحضور مواطنون علمانيون من اصل مغربي يمثلون مختلف المشارب الفكرية والسياسية و يزاولون أنشطة ومهنا مختلفة ومرجعياتهم هي مجمل القيم الانسانية المرتبطة بالتسامح والتعايش داخل الدولة الديمقراطية المنفتحة ايجابيا على مجمل المكونات المجتمعية بغض النظر عن اللون الجنس أو الاعتقاد الديني. من هاته المنطلقات تدارس المشاركون مجمل السبل والوسائل الممكنة التي من خلالها ستسعى ارضية " العلمانيون الهولنديون من أصل مغربي بهولندا" نشر الفكر والوعي الانساني والعلماني والمطالبة بعدم تسييس الدين لخدمة السياسة وذلك عبر تكثيف اللقاءات المشتركة مع الفرق البرلمانية الهولندية والاتحاد الاوروبي. لا للتدخل المؤسساتي للدولة المغربية وفرض سياسة الرعية كما أكد الحاضرون ان الأجيال الجديدة تعيش خناقا مزدوجا فيما يخص الاختيارات الثقافية، الجنسية، الدينية والولائية للجيل الثاني والثالث وذلك عبر هيمنة الصوت الديني الأحادي (الاسلام المالكي- السني) والاقصائي المستورد من الخليج العربي الاسلامي، قوامه نشر ثقافة اللاتسامح والكراهية والعنصرية والتدجيل وسط مجتمعنا الهولندي. هاته الثقافة الوهابية أثرت بشكل مباشر في تنامي المرجعية التطرفية وسط الشباب الهولندي من أصل ريفي- مغربي. ويكفي التذكير هنا لا الحصر اغتيال المخرج الهولندي تيو فان خوخ من طرف المسمى محمد بويري. كما أن هكذا ثقافة المتخلفة الوهابية شوشت على الاستقرار الروحي والايماني لأخواتنا واخواننا. كما توقف المشاركون على مجموعة من النماذج والأمثلة الحية لطبيعة "سياسة الهجرة" الجديدة للدولة المغربية. مسجلين قلقهم العميق ورفضهم المطلق لطبيعة هاته السياسة التي تفرض مدونة للأحوال الشخصية متخلفة تمس كرامة المرأة، وتطوير برامج محو الذاكرة الثقافية لأمازيغ هولندا ( اقصاء الأسماء الأمازيغية ، فرض العربية والفرنسية كلغتي التواصل في القنصليات وشركات النقل البحري والجوي المغربية ). في الأخير أجمع الحاضرون أنه مازال في القلب ما يستحق عشق الريف، كل الريف ودائما الريف الكبير مؤكدين دعمهم اللامشروط والمبدئي مع نضالات كل القوى الديمقراطية والحقوقية في المغرب. ليدن في 09 أبريل 2010