" تقرير مصير الريف بين إرادة الريفيين ونفوذ الدولة المركزية " هو موضوع الندوة التي نظمها " صوت الديموقراطيين المغاربة بهولندا" و "منتدى أورو – ريف للتضامن والمواطنة" ب لاهاي يومه الجمعة 12 فبراير 2010 بمناسبة الذكرى 47 على وفاة محمد بن عبد الكريم الخطابي، تميزت بالحضور المكثف للأطر والفعاليات الريفية بالشتات الذين حجوا إلى مدينة لاهاي من مختلف الدول الأوربية وبالخصوص بلجيكا وألمانيا والنرويج وفرنسا واسبانيا. في البداية اثنى المنظمون على التفاعل والديناميكية الايجابية للارادات الريفية الحرة عبر العالم واستعدادهم اكثر من اي وقت مضى للعمل من اجل الدفاع عن قضايا الريف الكبير، كما تطرق المنظمون للظرفية الاستثنائية التي ياتي فيها تنظيم هذه الندوة عبر استحضار مجمل التطورات السياسية الراهنة بالمغرب عموما والريف خصوصا، منبهين إلى أن المقصود بالريف هنا لا يعني الريف في مجاله اللسني الضيق بل الريف التاريخي الكبير الممتد من العرائش حتى حدود إقليمالناظور مشيرين إلى الهدف المرجو من الندوة وهو وقفة تفكير وتأمل حول منعطف الريف وبالتالي إتخاذ خطوات عملية مستقبلية من أجل تحقيق المطالب الشرعية والتارخية للريف الكبير وهو ما سيلي عبر سلسلة من البرامج والمبادرات العملية، قوامها العمل المشترك وبناء الثقة بين الارادات الريفية الحرة عبر العالم من أجل وضع خطط تشاركية وضمن استراتيجية واضحة المرجعية والاهداف، و في الأخير شدد المنظمون على أن المدخل الرئيسي لاقرار جهوية حقيقية بالريف الكبير وبناء الثقة مع الدولة المركزية يجب ان يرتكز على الأسس التالية: • الاقرار دستوريا بدولة الاوطونوميات الجهوية ذات الخصوصيات التاريخية والثقافية المتضامنة. • الاقرار بارادة سياسية حقيقية نحو الانتقال الديمقراطي يكون مرتكزيها الرئيسين دولة الحق والقانون ونظام فصل السلط. • القطع مع عقلية الحزب الواحد وارث ما يسمى ب " الحركة الوطنية" مقابل ذلك، سجل المنظمون على ان العمل والتنظيم السياسي لابناء الريف الكبير قد بدا يتبلور في السنوات الأخيرة ضمن مرجعيات ومبادرات ذاتية شجاعة، مقابل ذلك لا يجب اغفال المعيقات والاكراهات المحيطة بكل المبادرات مما يستدعي التوحد على الثوابت التالية: • التدبير الايجابي لثقافة الاختلاف بين الريفيين عبر التواصل البناء والعمل المشترك وبناء الثقة والتضامن. • العمل ضمن الاختيار التاريخي والثقافي للريف الكبير. وفي الأخير جدد المنظمون عزمهم الامشروط وموقفهم الثابت في الانفتاح والعمل المشترك مع كل الفعاليات والمنظمات الديمقراطية المدنية للريفين اينما كانوا، بعد ذلك أعطي المجال للمشاركون في الندوة تناولت الحاور التالية: • خصوصيات الدولة المغربية، عبدالغفور أحلي ( باسم منتدى أورو – ريف للمواطنة والتضامن ). ركزت المداخلة الأولى على تشخيص أهم خصوصيات الدولة المغربية وعلى مميزات النظام السياسي المغربي الذي لا زال يعتمد أساليب بائدة في التعامل مع المواطن المغربي، حيث الاستبداد والولاء والطاعة والرعية والارتشاء تشكل أهم خصوصيات إشتغال الجهاز السياسي المغربي الحاكم زد على ذلك سيطرة العائلات المتنفذة وتغلغلها داخل أجهزة هذا النظام، وتشكيلها ل لوبي مقرب من القصر يعد هو المالك لثروات المغرب والفارض لأديولوجيته ولمصالحه الخاصة ، وخلصت المداخلة على ان بنية النظام السياسي المغربي الراهن يعيش أزمة حقيقية قوامها العناصر التالية: • استمرار سياسة نهب المال العام وتفقير المواطنبين. • افلاس الاحزاب السياسية ، والاقرار بدولة الحزب الوحيد . • استمرار مسلسل انتهاكات حقوق الانسان وعدم القطع مع سياسات عهد الحسن الثاني. • عودة الهاجس الامني وسط ازمات اجتماعية شاملة. وبالتالي فإطلاق الدولة لمبادرات من قبيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الحكامة الجيدة، السياسة التشاركية، المجتمع المدني، تخليق الإدارة، اللامركزية وعدم التمركز، الجهوية الموسعة ... ألخ يعتبر مجرد تلاعب بالمصطلحات وبالمفاهيم السياسية بدون ادنى فعالية على أرض الواقع، في الوقت الذي لا زالت فيه أجهزة الدولة المغربية تشتغل في عمقها بأشكال وبآليات قمعية بائدة وعتيقة. فيما يخص تأسيس أو الدعوة لمشروع الجهوية بالريف (بكل مفاهيمه الممكنة جهوية موسعة كانت أو أوطونوميا أو فيدرالية) فإن الضامن الأساسي لإنجاح وتحقيق أي مبادرة من هذا النوع على المدى البعيد مرهون أساسا بمدى إرادة وسلوك الريفيين أنفسهم في الدفاع على مصالحهم الاستراتيجية ومستقبل منطقتهم وبمدى وعيهم بالمعيقات الذاتية التي تتجلى أساسا في فقدان الثقة وانتشار ثقافة الياس والنكوص والتشكيك في القدرات الذاتية لأبناء الريف ، مقابل قيم التضامن والتكافل حيث إستعادة هذه القيم الاجتماعية تعتبر هي الضامن الأساسي والمحصن الجوهري لتحقيق وترسيخ اوطونوميا جهوية ريفية قائمة على مبادئ الحرية والديموقراطية . • المبادرات . محمد انعيسى (باسم الحركة من أجل الحكم الذاتي بالريف) تناولت المداخلة الثانية فكرة الحكم الذاتي بالريف، حيث أكد المتدخل الثاني على أنها ليست بفكرة جديدة بل أضحت الآن بمثابة قناعة راسخة وتطورا في الوعي السياسي لدى شباب الريف الذين تيقنوا بأن المنطلق الأول لتاسيس الديموقراطة وبلورة الهوية الثقافية ينطلق من البعد المحلي وليس من البعد الوطني أو المافوق وطني. مشبها المسالة بملعب كرة للقدم حيث كلما اتسع مجاله إلا وتضببت الرؤية وكثر وهن اللاعبين وبالتالي يتغذر تسجيل الأهداف والعكس صحيح. مطلب الحكم الذاتي لم يكن مبرمجاً في أجندة الحركة الأمازيغية بل تبلور عندها مؤخرا بعد أن اصبحت تناضل بجناحين: الجناح الثقافي مضافا إليه الجناح السياسي. فموقف الدولة من الأمازيغية بموقف لا يلبي إلى حد الآن إرادة الشعب الأمازيغي: حيث الدستور القائم الذي سبق بأن إنتقده عبدالكريم الخطابي سنة 1962 لا يقر باللغة والثقافة الأمازيغتين ومركز الدراسات الأمازيغية يعتبرمقيدا وغير مستقل في توجهاته وقراراته كما أن التلفزة الأمازيغية التي ستعرف البث عما قريب لبرامجها فلن ينتظر منها إلا إعادة الثقافة الرسمية باللغة الأمازيغية ليس إلاّ. فيما يخص الهجرة فان الحكم الذاتي للريف هو الذي سيعمل على إيقاف نزيف الأطر الريفية والأموال والواردات التي تحول إلى الريف ليعاد تحويلها مجددا عبر شبكة الأبناك ليتم إستثمارها بالمتروبول المغربي ولا تعود بالنفع على التمنية بالريف. • المرجعية التاريخية والسياسية عبدالوهاب التدموري (رئيس منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب) المداخلة الثالثة تناولت تشريح االجسم السياسي للمغرب والريف على الخصوص عبر تاريخه المعاصر وتشخيص أعراضه ليفضي إلى وصفة مضمونها تأسيس مشروع الريف الكبير كدواء ناجع شاف وفعال إستنادا على المشروعية التاريخية والخصوصية الاجتماعية للريف الكبير. المغرب أصبح يعيش مأزقا سياسيا حاداً، تغيب فيه النخبة السياسية المستقلة في الفكر والرأي والقادرة على الدفع والضغط وترسيم توجهات وبلورة مشروع مجتمعي ديموقراطي بديل، ظاهريا يبدو المشهد السياسي المغربي قائما على التعددية الحزبية لكنه جوهريا يعيش سياسة " الحزب الوحيد" حيث أضحت أغلب ألأحزاب المغربية بكل تلاوينها تتسابق وتتنافس من أجل الإجماع حول الخطاب الرسمي، فهي الموقعة على قانون الأحزاب الذي يمنع تأسيس أحزاب جهوية وهاهي الآن تتحدث عن الجهوية!!! بهذا يبدو لي بأن المغرب سائر نحو التوليتاريا. إقتصاديا أضحت الأزمة الاقتصادية والرشوة المهيكلة تنخر الجسم المغربي على مختلف القطاعات والمستويات والتقارير الدولية تؤكد ذلك. وفيما يخص الريف الذي تميز تاريخيا كمنطقة ذات نزوع إلى الحرية وإلى نوع من الأوطونوميا، إنخرط تاريخيا من أجل الدفاع عن الحرية والكرامة المغربيتين: حيث ساهم في طرد الغزو البرتغالي الق16 وساهم في معركة وادي المخازن أيام السعديين وطرد بوحمارة الزرهوني، وقاوم بشراسة الاستعمار الإسباني والفرنسي بقيادة الشريف أمزيان ثم بقيادة زعيم ثورة التحرير الشعبية عبدالكريم الخطابي الذي كان يؤسس على ارض الواقع لمشروع الحداثة وانتفض الريف سنة 58/59 مطالبا بحقه التاريخي في إقتسام السلطة وإعادة الاعتبار للريف كما إنتفض سنة 1984 من الناظور حتى طنجة مطالبا بالكرامة الإنسانية. إن مأساة وقدر الريف من خلال إنخراطه القوي دفاعاعن الحرية والكرامة المغربية كان عبارة عن مسلسل من التدخلات العنيفة من طرف القوتين الاستعماريتين اللتين أجهصتا مشروع التحديث العظيم الذي بدء يدشنه الخطابي في خصم حرب التحرير الشعبية والتدخل المستمر للحركة الوطنية ولدولة المخرن حيث الحركة الوطنية (كتلة العمل الوطني) طالبت المقيم الفرنسي العام بإصلاحات تضمن من خلالها وظائف لنفسها وتهنئه بالقضاء على الروكي المتمرد عبدالكريم الخطابي لتتوج عملها باتفاقية إيكس ليبان؛ للتوالى مجموعة من الاغتيالات المتتالية التي عقب إنتفاضة 58/59 من طرف القصر والحركة الوطنية تصفي بشكل ممنهج كل تركة القائد عبدالكريم الخطابي من القصر الكبير حتى الناظور وتضرب الطوق الحديدي على منطقة الريف وعلى المشروع التحديثي الذي كان قد بدء يتأسس مع ثورة الخطابي. هذه هي مكافئة الريف الذي عبر القرون عن الحرية والكرامة المغربيتين وتلك هي جدلية الصراع بين المخزن والريف. الريف حاليا أصبح شبابه يرفعون مطلب الأطونوميا الجهوية كمطلب ذو شرعية تاريخية وكبديل لتحقيق التنمية المستدامة ولاستدراك ما لحق بالريف الكبير من حيف وتأخر سوسيو إقتصادي، يتمكن من تدبير موارده بذاته بعيدا عن المتروبولات ويختار بذاته شركائه ولتمكن من تطوير هويته الاجتماعية والثقافية ووضعه تخطيط وبرنامج واضح المعالم وقابل للتحقيق ضمن ريف كبير قوي حر وديموقراطي تراعى فيه مختلف الخصوصيات الثقافية والاجتماعية واللسنية من العرائش حتى الناظور. وهو المشروع الذي نؤسس له بتروّ وبحكمة وبهدوء، إنه ليس بالمشروع الذي سيتحقق غذا أو بعد غذ، بل هو مشروع مستقبلي علينا بأن نقوم بتظافر الجهود معا في الداخل والشتات قصد أن يرى النور إنصافا للريف وللأجيال القادمة. • التجارب المقارنة سليمان بلغربي (عضو بحركة الأوطونوميا بالريف بمدينة بلباو الإسبانية) ركزت المداخلة الثالثة على مدى الأهمية من أجل الاستفادة من تجارب الدول الأخرى التي تنهج سياسة الأطونوميا. وذهبت بأن الريفيين أصبحوا يمتلكون وعيا سياسيا متقدما يتوجب حاليا توحيد الرؤى والإجماع حول ضرورة الحكم الذاتي للريف. مضيفا بأن حركة الأطونوميا بالريف التي ينخرط ضمنها ترتكز على بعد الهوية الثقافية الريفية وتشتغل ضمن الحركة الأمازيغية كما يعتبر المهاجرون الريفيون اهم سند هذه الحركة. فيما يخص بلورة النموذج الملائم للريف فيما يخص الحكم الذاتي اشترط المتدخل بأنه لا يمكن أن يتبلور هذا النموذج بوضوح إلا بعد إنخراك جميع الفعاليات الريفية في الداخل والخارج ضمن حركة سياسية ريفية بغية إفراز نموذج الأطونوميا الملائم للريف تشكل فيه الهوية الأمازيغية العنصر الجوهري. ليخلص المتدخل بأن حركة الأطونوميا بالريف يعتزم عقد كونغريس له الصيف القادم بالريف يتم خلاله التدريب والتمرن على آليات تسيير الشأن الذاتي للريفيين بأنفسهم. • الابداع الريفي الممانع الشاعر الريفي المخضرم أحمد الصادقي القى قصيدة جديدة له حول العهد الجديد حاولت النفاذ عبر صور شعرية وجمالية الى مجمل الماسي والتمظهرات الاجتماعية والثقافية التي افرزها " العهد الجديد" بعد ذلك القى قصيدتيه المشهورةين عبدالنبي (وصية أبله) و( زيان) الناقب عن الجذور. بعد استراحة قصيرة كانت الفرصة مواتية للحضور وعبر الانترنت لاغناء المداخلات بتسأئلاتهم ووجهات النظر التي إنصبت حول اختيارات الريفيين والجهوية الموسعة المقترحة من طرف الدولة المغربية، وتاكيد الجميع على العمل المشترك ومواجهة التحديات والاكراهات عبر تمتين القواسم المشتركة وتدبير الاختلافات والتركيز على الاولويات الرئيسية، لتنتهي أشغال الندوة الأولى التي حث فيها الوافدون على جمعية صوت الديموقراطيين باستمراريتها بغية تعميق وتوسيح الحوار المكثف حول كافة المستجدات والخطوات اللاحقة الممكن إتباعها من أجل الدفاع عن مصير الريف وهو ما وعدت به الجمعية الحاضرين والفعاليات الريفية باعتبار الريف هو أحد الثوابت الكبرى الذي تشتغل عليه الجمعية بالموازات مع قضية الهجرة الريفية مطالبة من الحضور بأن يقف غدا السبت وقفة تضامنية كبرى بمدينة روطردام مع الفنان بوجمعة أحد مؤسسي فرقة " تواتون" (المنسيون) في محنتح الصحية باعتباره رمزا قويا من زموز الفنانين المغارية الذين إختاروا السباحة ضد التيار وانخرط بكل ما أوتي من قوة من خلال الفن الملتزم بقضايا الريف والديمقراطية والقضايا الإنسانية عامة . عن جمعية صوت الديموقراطيين المغارية بهولندا" و "منتدى أورو – ريف للتضامن والمواطنة" لاهاي في 14 فبراير 2010