من الشروط الأساسية والضرورية لنجاح الجهوية الموسعة بمنطقة الريف، الجدية في طرح هذا المشروع، وعدم الصدام مع خصوصية المنطقة. سأقتصر على التطرق إلى الجهوية الموسعة بمنطقة الريف، مبينا العقبات التي قد تفشل هذا المقترح الذي يسعى إلى رد الإعتبار لمختلف المناطق المهمشة بالمغرب وللمصالحة الفعلية بعد المصارحة بفشل الخيارات الحزبية الضيقة، وفشل مختلف المجالس والهيئات التي لم تغير شيئا من الواقع الفاسد ولم تؤتي بالنتائج المنتظرة. من الشروط الأساسية لنجاح هذا المقترح هو طريقة تحديد من يسير هذه الجهوية الموسعة؟ وكيفيتها؟ وصلاحيات هذه الجهوية... وإذا احتكمنا إلى المعايير الدولية المتقدمة في هذا الباب فتبقى الانتخابات هي الطريقة المثلى الناجعة والناجحة في تحديد من يمثل هذه الجهوية، ولكن الأسئلة العالقة، هي من يضمن شفافية هذه الانتخابات؟ وماهي المعايير التي يجب أن تتوفر في من يقوم بهذه المهمة التاريخية؟ ولنجاح أي مشروع مهما كان، فلابد من كسب ثقة أبناء الشعب، والمشاركة الشعبية الفعلية انتخابا وترشيحا ومراقبة ومحاسبة. للوصول إلى هذه النتائج المرجوة، لابد من رسم مجموعة من القوانين العامة التي ترسم الخطوط العريضة لنجاح أي مشروع. قبل انطلاق أي مشروع الخطوة الأولى هي البحث عن آليات وأدوات العمل، تكوين لجنة المراقبة يفترض أن تكون محايدة منتخبة من قبل أبناء الشعب، وتلقى قبولا شعبيا يرضى بها الجميع قبل انطلاق البدء في عملية الانتخابات التي ستفرز هؤلاء الذين سيمثلون شعب الريف في الجهوية الموسعة، كما يجب أن لا يقل عدد المراقبين الدائمين عن 20 مراقبا معروفون باستقامتهم حاصلين على شواهد جامعية ،فما فوق، معترف بها متخصصين في مجالات القانون والاقتصاد والمحاسبة والدين (لما للوازع الديني من أثر بالغ في نفوس الناس)، ومن الشروط الضرورية التي يجب أن تتوفر في أي عضو من لجنة المراقبة، أن يكون ريفيا مقيما بالريف سنه لا يقل عن 25 سنة ولم يتجاوز سن التقاعد، ويجب أن يشترط في أعضاء لجنة المراقبة شروط أخلاقية لكسب ثقة أبناء الشعب وإنجاح هذا المشروع منها الاستقامة وعدم التعاطي لأي نوع من المخدرات وعدم ارتياد محلات القمار أو الخمور والفساد. ويجب أن تكون هناك فترة زمنية معينة بين فترة انتخاب لجنة المراقبة والانتخابات التي سينبثق منها برلمان الجهوية الموسعة للريف، الفترة الزمنية يجب أن لا تقل عن 3 أشهر تدرس فيها كيفية مراقبة صناديق الاقتراع باستعمال أساليب متطورة من التكنولوجيا الحديثة التي لا تدع مجالا للتزويع أو الشك سيتابع أطوارها أبناء الشعب على المباشر. ويعتبر المشروع فاشلا قبل انطلاقه إذا تضمن داخله أي فرد أو عضو سبق له أن قدم نفسه مرشحا لحزب معين في فترة معينة أو أعضاء مخابراتيين إذ كثر تحركهم في الآونة الأخيرة وكذلك أصحاب المخدرات وباقي المفسدين الذين عانى منهم شعب الريف دهرا من الزمن، حتى لا تعتبر الجهوية الموسعة قمعا موسعا وتغييرا ليد المنجل، ونوع من اللعب بالمصطلحات فقط، أما المفسدين وأصحاب المخدرات، فالأفضل لهؤلاء أن يبتعدوا عن الأضواء الكاشفة وأن لا يحشروا أنوفهم حيث تجذع، وليعلموا أن صوت الشعب فوق كل صوت، والأفضل لهم أن يساهموا في تنمية المنطقة بعدم عرقلتهم للمشاريع التنموية، فإن كانت العدالة قد غضت طرفها عنهم لحاجة في نفسها، فالأفضل لهم أن لا يفضحوا أنفسهم بأنفسهم، ولقطع الطريق عن المفسدين وأصحاب المخدرات سيجبر كل الممثلين لبرلمان الريف للجهوية الموسعة وأعضاء لجنة المراقبة على التصريح بممتلكاتهم، والكشف عن حساباتهم البنكية للجنة المراقبة في فترات المحاسبة التي يجب أن تحدد بصفة دورية في أجل لا يتجاوز السنة، وستكون للجنة المراقبة صلاحية استرداد الأموال من هؤلاء المنتخبين في حالة ثبوت تورطهم في حصولهم على هدايا أو هبات من أي طرف داخلي أو خارجي (لأنها رشوة بلغة القانون) أو تورطهم في اختلاسات مالية أو حصولهم على أموال من جهات غير معلومة أو تزوير للوثائق أو الحقائق، وهؤلاء الذين سيمثلون منطقة الريف بهذه الجهوية الموسعة، يجب أن تكون لهم صلاحيات موسعة كما يدل على ذلك الاسم، ويفعل ذلك على أرض الواقع ليتبين هل فهلا هناك نية حقيقية لرد الاعتبار للمنطقة، أم الاكتفاء بالمقاربة الأمنية التي تزيد الطينة بلة، وتكلف النظام ثمنا غاليا على مستوى سمعته في المحافل الدولية، ونحن نعرف أن الدول المتقدمة يكفي لها أن تحرك ملفا حقوقيا واحدا للضغط على الدول المتخلفة المتورطة في ملفات فساد ضخمة. ولابد أن يكون هؤلاء الذين سينتخبون لهذه المهمة حاصلين على قدر كاف من العلم والمعرفة، حده الأدنى هو الحصول على شهادة جامعية، فمن العيب والعار أن يمثل الريف أميون لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، أو مستواهم الدراسي متواضع لا يرقى إلى مستوى هذه المهمة التاريخية، كما يجب أن يراعي الساهرين على هذا المشروع، النوع والكم، فلابد من عدد كافي، لا يقل عن 100 عضو منتخب لهذه المهمة معروفون باستقامتهم وعدم تعاطيهم للمخدرات أو ارتيادهم لمحلات القمار أو محلات الخمور والفساد، مجتمعين في برلمان جهوي له صلاحيات موسعة، والارتكاز على عنصر الفتوة والشباب رمز القوة والحياة والجدية والاستمرارية، ومن شروط الترشح لهذه المهمة عدم بلوغ سن التقاعد ولا يقل عن 25 سنة، ويجب على المرشح أن يكون ريفيا مقيما بالمنطقة، وتسهر على هذه الانتخابات لجنة المراقبة. وإلى جانب الكم يجب أن يراعى جانب النوعية، فلابد أن يتضمن هذا البرلمان المرتقب لهذه الجهوية الموسعة، أطرا في مختلف الميادين القانونية منها والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والدينية (دين الإسلام هو دين النسبة الساحقة لسكان الريف) وحتى اللغوية (اللغات الأجنبية بالخصوص)، ويجب أن لا يقل الراتب الشهري للمنتخبين وأعضاء لجنة المراقبة عن 10 آلاف درهم، ولا يتجاوز سقف 30 ألف درهم على الأكثر، وضرورة التنوع في الميادين والتخصصات حتى لا يطغى جانب على آخر أوتنحرف مهمة هذه المجالس المنتخبة التي يرتقب أن تسهر على تسيير المنطقة بحرية كاملة وبتحرك دون معوقات من الجهات المركزية التي بالمناسبة عليها أن تبدي نيتها الفعلية والحقيقية في إنجاح هذه المبادرة القيمة. وأي عرقلة لجهود هذه المجالس أو الطعن في مشروعيتها ستكون له عواقب غير منتظرة، وهي فتح الباب لإيجاد بديل آخر، ولن يضع الشعب ثقته مجددا بمن تبين عدم تعاملهم بجدية مع توجهاته العامة. جهة الريف يجب أن تتضمن وبدون نقاش إقليمي الحسيمة والناظور، وما جاورهما، ويجب أن يتم انتخاب الممثلين حسب عدد السكان والمدن التابعة لهذه الأقاليم، دون أن تطغى جهة على أخرى، ويجب أن تكون هناك واجهة إعلامية لهذه الجهوية بدء بمواقع إلكترونية إلى القنوات التلفزية مستقبلا إذا لم يفشل مقترح الجهوية الموسعة أو لم يتوفى قبل ولادته كأغلب المشاريع التي تتسم بالارتجالية والتي تعتمد على المقاربة الأمنية بدل المقاربة الشعبية والانصات إلى مطالب الشعب الآنية والملحة، كما يجب أن تسهر لجنة المراقبة على متابعة المشاريع المنجزة والمبالغ المالية المخصصة لكل مشروع مراقبة دقيقة في الصغيرة والكبيرة والمعاينة الميدانية وتغطية إعلامية كاملة وشاملة لأي مشروع جهوي في تقارير تنشر عبر وسائل الإعلام وفي الموقع الرسمي لبرلمان الجهة، يضم الصغيرة والكبيرة، وكل المستجدات وكل الخطوات التي اتخذت وكذا عرض المشاريع المنجزة والمرتقبة والتطرق للمعوقات والموانع التي قد تصادف المشاريع التنموية بالمنطقة. وعلى الجهات المعنية أن تمنح استقلالا ماليا تاما، وترصد مبالغ مالية مهمة وكافية لهذا المشروع التاريخي الضخم إن هي أرادت له النجاح فعلا، لتعبر عنه عمليا وليس عاطفيا أو قوليا فقط. وإذا أردنا اختصار المعايير التي يجب أن تتوفر في لجنة المراقبة والمرشحين لبرلمان الجهوية الموسعة بمنطقة الريف ستكون على الشكل التالي: 1- أن يكون المرشح(ة) ريفيا (من الأب أو الأم) مقيما بالريف لا يقل سنه عن 25 سنة ولم يتجاوز سن التقاعد. 2- أن لا يكون قد سبق له أن ترشح لحزب سابق. 3- أن يكون حاصلا على شهادة جامعية معترف بها الإجازة فما فوق. 4- أن يكون ممن عرف بالاستقامة وعدم تعاطيه لأي نوع من المخدرات وعدم ارتياده لمحلات القمار والخمور والفساد. 5- أن يكون مستعدا للتصريح بممتلكاته والكشف عن حساباته البنكية للجنة المراقبة. وخارج هذه النقط، تبقى أي مبادرة حبيسة الأوراق، ومجرد مسرحيات شبيهة بعمليات التجميل لعجوز، وسياسات الترقيع لم تعد تجدي لاتساع الرقعة على الراقع، وللتغيرات والتطورات التي يشهدها العالم على جميع الأصعدة وفي كل الميادين.