بسم الله الرحمن الرحيم .. آه آه على بلد يكرّم و يمجّد فيه مصاصوا خيرات هذا الوطن، و ترفع القبعات لسارقي و ناهبي أموال الشعب، في حين يُقمع و يُتهظ مربوا الأجيال و من يريد أن يرتقي بهذا الوطن الحبيب في درجات الوعي و الأخلاق و التحصيل العلمي ... بأي سند و بأي حجة قانونية يتم الإعتداء المادي على الأساتذة المتدربين؟ و بأي مبرر أخلاقي و إنساني يتم قمع الإحتجاج السلمي للأساتذة؟ و بأي دليل شرعي يقوم على أساس إسلامي تم جلد أساتذة الغد..؟ لما علمت أن المغرب عضو بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ابتهج قلبي و قلت هنيئا لمغربنا بهذا التطور الكبير في مجال حقوق الإنسان، ثم تسللت بين صفحات الأنترنت لأقرأ عن هذا التطور، لأجد وثيقة عنوانها " الإعلان العالمى لحقوق الانسان " و من بين بنوده (البند 5) : لايعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة. فقلت أكيد أن الأمان سيسود في بلادنا و سنعيش في بره، و سيُعطى لكل ذي حق حقه.. لأتوجه الى الدستور المغربي و أقرأ في المادة 22 : تحمي الدولة كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد، وتمنع التعذيب المعنوي والمادي... فازداد أملي في أن هذه الحكومة بكل مؤسساتها ستحمي كل مواطن له غيرة على و طنه و يريد أن تصل بلده لما وصلت اليه البلدان الأخرى.. كان أملي كبير... و أنا أتصفح النت لعلي أجد بعض مظاهر حقوق الإنسان على أرض الواقع، فإذا بي أجد صور و فيديوهات لأساتذة مهشمي الرؤوس بواسطة آلة قمع، كان من المفترض هي من تسهر على احترام حقوق الإنسان، و كان من المفترض هي من تسهر على جعل الدستور واقعا في معاملاتنا لا حبر على ورق، و لكن يا للأسف.. هذه الحكومة هي من يخرق الدستور من أجل مرسوم مشؤوم. مرسوم حطم آمال و معنويات أساتذة في مقتبل العمر.. أفنوا ماضيهم في التحصيل العلمي، طموحهم العيش بكرامة و همهم النهوض بهذا الوطن الذي خربته شرذمة من مصاصي أموال الشعب الذي لاحول له و لا قوة إلا بالله، شعب جعلوه يجري ليل نهار لتوفير لقمة عيش أسرته، حتى لا يتسنى له حتى التفكير و معرفة أين تذهب أمواله، آآه لو شكروه على ما يعطيه لهم هذا الشعب بدل نكران الجميل، و وصف ما يسرقون منه عنوة ب '2 فرنك'... خرج الاساتذة يحتجون على مرسومين أحدهم مرسوم 588.15.2 و ينص عن فصل التكوين عن التوظيف و الأخر رقم 589.15.2 و ينص على تقزيم المنحة الى ما يقارب النصف... كانت احتجاجاتهم سلمية، لم يخربوا و لم يكسروا، و لكن آلة القمع كسرت جماجمهم ورسمت لوحة فنية 'بالهراوات' على ظهورهم... دعوهم و شأنهم يعبرون عن رفضهم لسياستكم التي يعتبرونها الفاشلة إن كنتم تحترمون حقوق الإنسان و كرامته، لماذا غيبتم منطق الحوار و استبدلتموه بما هو أدنى.. لماذا لم تقمعوا 'بهرواتكم' من سرق 22 مليار؟ لماذا لم تسلطوا غضبكم على من يسرق الملايين ليبني بها القصور في باريس و لم تتجرؤوا على رفع دعوى في حين أن لقضاء الفرنسي في طريقه لمساءلة الوزيرة السابقة حول الكيفية التي أخرجت بها المبلغ الضخم؟ لماذا لم تتدخلوا ولو سلميا لمنع تظاهرة 'صايتي حريتي'؟ لماذا تركتم وقفة 'القبلات' امام البرلمان و لم تغيروا المنكر و لو بلسانكم ..؟ لماذا تحذرون من استعمال 'العنف بدعوى حماية الأخلاق العامة'، و في نفس الوقت تأمرون بالعنف الدموي على من يتحلى بالأخلاق و الفضيلة، و يدرسها و يعلمها للأجيال الصاعدة..؟ تبا لحكومة وزير تعليمها لا يجيد التكلم و لا القراءة باللغة العربية، كيف لهذا الوزير أن يكون على دراية بالأخلاق و حقوق الإنسان و كرامة الإنسان، و التي أتانا بها الإسلام قبل الإعلان العالمي لحقوق الانسان... و لن أستغرب من مثل هذه الحكومة حين تبرر تدخلها الهمجي في حق الطبقة المثقفة بقولها، إن الأساتذة على علم بالمرسومين و رغم ذلك ترشحوا لولوج المراكز الجهوية لمهن التربية و التكوين و اليوم يحتجون على المرسومين، أولاالحكومة في غيابات الغفلة حيث أن القانون لا يصبح معمولا به إلا حين ينشر على الجريدة الرسمية، ثانيا، لو افترضنا جدلا أن المرسومين نشرا على الجريدة الرسمية، ألا تعلمون بأن الترشح للمبارة حق مكفول بالدستور و أن الإحتجاج لرفض المرسومين أيضا حق مكفول بالدستور... و هل هذا يعني أن كل قانون صدر منكم هو مقدس و لا يجب رفضه و نقده؟ تضعون قوانين لتخدم مصالحكم أنتم و مصالح من تتسترون على فسادهم .. قوانين تبرر أكل المفسدين لأموال الشعب بالباطل و تقولون في الأخير ما هي إلا '2 فرنك'، و تقولون هل من مزيد.. رحم الله الدكتور المهدي المنجرة حين قال إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فهناك وسائل ثلاث هي: اهدم الأسرة، اهدم التعليم، و اسقط القدوات والمرجعيات... ولكي تهدم التعليم عليك بالاستاذ لا تجعل له أهمية في المجتمع وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.