لوريث الوحيد...كتبوا و قالوا انه مسلسل امازيغي ريفي...ربما لان فيه ممثلات وممثلون ناطقون بالريفية..فقط لا غير، اما موضوعه فمستهلك الى اقصى حد منذ ازيد من نصف قرن في الدراما المصرية...امام الضحالة والحموضية والرداءة المطلقة في القنوات العمومية الناطقة بالعربية لجات الى القناة الامازيغية ووجدت مسلسلا بعنوان الوريث الوحيد...ظننته في البداية مسلسلا مكسيكيا او تركيا مدبلجا، من خلال الديكورات والفيلات الفخمة والضيعات الشاسعة ورياضة ركوب الخيل واسطبلات للخيول ونمط حياة فاخر ولباس قد ينتمي ل مكسيكو او استانبول...لا شئ يدل على الريف الذي اعرفه "ريفنا"...لذلك ظننته مسلسلا تركيا او مكسيكيا رديئا تمت دبلجته الى الريفية!لولا انني لمحت فاروق ازنابط ،او ملامحه،في شخصية مكسيكية او تركية او ما لست اعرف..لكن ليس شخصية ريفية باي شكل حسب تقديري ومعرفتي السوسيولوجية بالريف..فانا ريفي ولا اجد صورة الريف اطلاقا في هذه المهزلة..البسالة..الحموضة، وكنت اظن فاروق اكبر من هذا بكثير وخاب الظن وتشوشت الصورة المشكلة عندي على هذا الفنان! لماذا عنوان" الوريث الوحيد"؟ اليس في امازيغية الريف كلمة او وصف او عبارة صالحة كعنوان لمسلسل يدعي انه ريفي؟ اين توجد تلك الضيعات والفيلات الشاسعة المحاطة بالنخيل في كل ريفنا ؟ متى وكيف واين ولدت ووجدت تلك البرجوازية التي تظهرفي المسلسل بالريف؟وذلك النمط من اللباس والسلوك ونمط الحياة اين يوجد بالريف؟واي ريفي يجد صورته في هذا العمل ؟ ربما يوجد لكن في مكان اخر غير الريف بكل تاكيد او هو منسلخ تماما عن بيئته او نسيها باطلاق! حتى البرجوازية الريفية المحدودة جدا جدا تبقى "شعبية" عموما رغم بعض البذخ الساذج لبعض مكوناتها ولا تجد صورتها هنا سلوكا ولباسا ونمط حياة...مسلسل ريفي باي معنى؟لا ...هو مسلسل رديئ ناطق بالريفية على سبيل غش المستهلك! في السنة الماضية امتعنا مخرج غير ريفي، شكرا الاستاذ فرحاتي، بعمل فني وجدنا فيه صورتنا رغم بعض النقائص الفنية والتقنية التي تجاوزناها بسبب قوة الصورة الريفية ،مسلسل "ميمونت" الذي يبقى معلمة حقيقية لكونه الاول من نوعه ومقارنة مع غياب التراكم وبدايات الممثلين الذين اعطوا في الحد الاقصى لانهم وجدوا انفسهم واندمجوا بشكل تام كما يقول اهل الميدان ولان محركهم ومسيرهم مخرج حقيقي، واكثر من هذا وذاك وراء العمل كانب ريفي حقيقي مرتبط بمجتمعه وبيئته شان كل كاتب كبير( من المحلي نلج الوطني ومن الوطني نلج العالمي وكل الاعمال الفنية العظيمة والعالمية انطلقت من بيئة محلية وعبرت عنها بصدق وفنية وابداع) هذا الكاتب المبدع الامازيغي الريفي هو الاستاذ محمد بوزكو الذي كتب قصة وسيناريو ميمونت...ولا يسعني الا تذكر هذا المبدع بالخير والتنويه والامتنان والشكر ونحن نشاهد هذا الذي سموه مسلسلا امازيغيا ريفيا ولا شئ فيه يدل على الريف لا من قريب ولا من بعيد عدا تلك اللغة الريفية المصطنعة الاقرب الى الدبلجة منها الى ابداع وارتباط بلغة الريف المتداولة في الحياة اليومية...ذكرنا الاستاذ بوزكو في " ميمونت" بلغتنا الريفية العميقة والجميلة وبتعابير في طي الاندثار وحكم وجمل تذكرنا معانيها وايحاءاتها بكثير من الحنين والاعتزاز بالانتماء والهوية...هنا الوريث الشرعي للبؤس ا لابداعي والثقافي وغياب المخيال ...الرداءة في كل مكان! وبعد هذه قراءة اولية وبناء على ما شاهدناه لحد الان وقد يحمل لنا المسلسل مفاجآت في الحلقات المقبلة كان يحول السيناريست والمخرج مجرى الاحداث ليتبين ان ما سبق مجرد خيال وحلم ثم يرجعاننا الى واقعنا الريفي الاجتماعي والثقافي وقضايانا الحقيقية ليحولا الموضوع الى الوريث الوحيد للاستعمار الاسباني مثلا او الوريث الوحيد بصيغة الجمع لتاريخنا وهويتنا وقيمنا مثلا ! استبعد مثل هذا المسار لاحداث المسلسل لان ذلك يتطلب امساكا حقيقيا بالواقع والهوية والناريخ وباكاج ،معرفي محترم ،وارادة في المساهمة في تاسيس دراما ريفية متميزة واصيلة كما يفعل الاستاذ بوزكو واخرون في مجال المسرح ،واستحضار هاجس الابداع الفني والثقافي مع قليل من الهاجس التجاري الذي لا يناسب بالكامل مرحلة التاسيس وان كان ضروريا اليوم في الصناعة الثقافية...هل ننتظر المعجزة؟ لا اجد اي ارهاص في هذا الافق ومع ذلك ننتظر كمتتبعين وحاملين لهم ثقافة الريف وتنمية الريف وابداع الريف...اما التجارة فلها اصحابها وروادها وغشاشوها!