النوستالجيا التي إخترنا إدراجها اليوم ضمن فقرة "وشم الذاكرة"، التي نتوخى من خلالها كموقع إعلامي، إضاءة ومضة من ومضات الزمن الناظوري الجميل وإستحضار فلتة من فلتاته البرّاقة، هي نوستالجيا تؤرخ وتوّثق للحضور البهيّ للشاعر العربي الكبير الراحل محمود درويش، بمدينة الناظور، هذا الحضور الذي اُعتبر حدثا ثقافيا كبيرا حظي باهتمام شعبي واسع. الصورة المدرجة اُلتقطت بتاريخ 28 غشت 1995، داخل مقهى فندق الرياض وسط الحاضرة، خلال جلسة حوار حول الشعر والأدب القضايا الثقافية والسياسية، أثثها معية محمود درويش، أهرام الثقافة بالمنطقة الأدباء حسين القمري، عبد الله شارق، ومحمد أٌقضاض، الذين قيّدهم التاريخ في سجله، أقطاباً مؤسسين للحركة الثقافية بالريف أيام زمان، أيام كان الريف من أدناه إلى أقصاه، على إمتداد جُرحِه الدامي حدّ النزف، محطةً للتهريب المعيشي ومعقلاً لأباطرة المخدرات والمال الحرام وبؤرة للتوتر السياسي والنكبات الإجتماعية، فلهؤلاء يرجع الفضل، كلّ الفضل، في نفض الغبار على صورة مدن الريح وزرعوا في تربتها بذور الثقافة والفن والأدب ليتورّد ويزهر مشهد ناظورٍ آخر جديد، لذلك فالتاريخ بجلاله وعظمته لو تحدّث، ما أوفى لكلّ من هؤلاء الثلاثة حقّه. وحريٌ ذكره أن تواجد محمود درويش بالناظور، في ذلك التاريخ المذكور، كان من أجل المشاركة، بصفة ضيف شرف، ضمن فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "إيرار أورار" الذي كانت تنظمه جمعية "إلماس"، حيث تمت دعوة الضيف الكبير من طرف رئيس الجمعية آنذاك، الأكاديمي والأديب مرزوق ورياشي، الذي سبق أن إلتقاه من قبل في باريس لتتوّطد العلاقة الأدبية الإنسانية التي خوّلت صنع الحدث، حدث القدوم الدرويشي بكل هيبته وثقله إلى الناظور، ومن غير أقطاب الثقافة بالريف سيكون في إستقباله..!