مَا أن ارتفعت درجة الحرارة خلال اليومين الماضيين حتى بدأت تتجلى وتتبيّن مؤشرات وتباشير ما سينتظره سكان وأهل مدينة الناظور من هداية جديدة دأب القائمون على تدبير الشأن العام المحلي أن يمنحوها لمن صوت عليهم وسينتظرون أصواته خلال الانتخابات الجماعية المقبلة. أولى هذه المؤشرات الروائح الكريهة وتراكم النفايات المنزلية والأزبال في مختلف أحياء المدينة التي تحول كل ركن فيها إلى "مزبلة" صغيرة تتراكم فيها النفايات على مدار 4 أيام متتالية وتحت رحمة الشمس، حيث تتحول بعدها إلى مصدر لانبعاث روائح جد كريهة وتسبب أمراضا خطيرة وفق ما أكدته خلاصات دراسة حول الصحة الحضرية بمدينة الناظور ودراسات أخرى لا تدع مجالاً للشك حول العلاقة السببيّة بين انتشار الروائح الكريهة المنبعثة من النفايات وظهور أمراض وأعراض لذات السبب. فهل هي الهدايا التي تكرّم بها الساكنة؟ إلى جانب ذلك، تشكل هذه الظاهرة التي حولت فضاءات مدينة الناظور إلى مصدر للتلوث والأزبال، مصدراً لمعاناة طويلة لسكان المدينة والتي تشتدّ مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة وتزايد كمية النفايات مع تزايد المناسبات وعودة أفراد الجالية المغربية بالخارج، وهو ما يحول مدينة الناظور إلى نقطة سوداء بامتياز على مستوى تدني الخدمات العمومية المتعلقة بالنظافة وتدبير مشكل النفايات، خاصة خلال السنوات الماضية وكانت هذا المشكل مبعثاً للعديد من الاحتجاجات في خضم المشاكل العويصة التي واجهت مسألة التدبير المفوض لذات القطاع وما شاب صفقة المجلس البلدي والشركة السابقة التي كانت تكلفت بتدبير وجمع النفايات، قبل حل العقدة التي كانت تنظم هذا التدبير وفق دفتر تحملات لا تحترم بنوده، وستكون الساكنة هي الضحية مرة أخرى، وتتكرر كارثة السنوات القليلة الماضية. وبعد التحسنات التي شهدها تدبير هذا القطاع بعد تجربة الشركة الحالية خلال العامين الماضيين، لازالت المشاكل المرتبطة بهذا الأمر قائمة بدليل تحول بعض الأماكن والفضاءات المحددة إلى نقط سوداء، خاصة بعض الأحياء الهامشية التابعة للمدار الحضري لمدينة الناظور. فهل سيفكر المسؤولون القائمون على تدبير هذه المسألة باجتهاد أكثر لتفادي مزيد من المشاكل التي يمكن أن تترتب في ظل ظهور بوادر تفشي النفايات وانتشار الروائح المنبعثة منها في ظل الملايين والملايين التي تصرف من المال العام؟ ولماذا لا تبادر بلدية الناظور والشركة المفوضة والجمعيات البيئية والأحياء والشركاء المدنيون ومؤسسات أخرى ببلورة رؤية جديدة تسمح بالقضاء على هذه المشاكل إسوة بمدن أخرى تعرف فيها الخدمات العمومية جودة؟ أم أن الأمر يتعلق بما اعتاد عليه مواطنو وساكنة الناظور من "لامبالاة" الذين يستنجدون أصواتهم؟