تحولت جل أحياء مدينة الناظور والجماعات الحضرية القريبة منها، إلى مطرح مفتوح للنفايات، بسبب تراكم الأزبال وانبعاث الروائح الكريهة. وعبر سكان هذه الأحياء في مناسبات متفرقة عن احتجاجهم على الوضع الكارثي وغير المسبوق الذي نجم عن حدوث خلل في تدبير قطاع النفايات المنزلية خلال الشهور الماضية، إذ صارت الأزبال المتناثرة في كل مكان والرائحة النتنة المنبعثة منها، تزاحم أبواب المنازل، و"تزين" جل الفضاءات العمومية. وإزاء هذا الوضع المستحكم لجأ عدد من المواطنين إلى طرح القاذورات وسط الشوارع الرئيسية وفي مدخل بلدية المدينة، في مسعى إلى إثارة انتباه المسؤولين إلى ضرورة التحرك من أجل إيجاد حلول عملية وعاجلة، بينما لجأ آخرون بعد أن استعصى عليهم مقاومة الروائح الكريهة المنبعثة من أكوام الأزبال إلى قطع حركة السير باستعمال حاويات القمامة. وفي هذا الصدد، تحدث مواطنون في تصريحات ل"الصباح" عن معاناتهم المستمرة مع تراكم الأزبال والروائح المنبعثة منها، وما ينتج عنها من تأزيم الحالة الصحية للمصابين بأمراض تنفسية، وإضرار بصورة وجمالية المدينة، خصوصا مع حلول موسم الصيف الذي يشهد توافد الآلاف من أبناء المنطقة المقيمين بالخارج، ليجدوا في استقبالهم مدينة عبارة عن مزبلة كبيرة، على حد تعبيرهم. وتساءل آخرون عن سر عدم تدخل السلطات لحث المسؤولين عن قطاع النظافة لتنفيذ التزاماتهم التي وقعوا عليها في دفتر التحملات، بينما بذلوا خلال فترة الاستعدادات لزيارة الملكية مجهودات مضاعفة ب"تحالف" مع الشركة التي أغرقت المدينة في الأزبال لتنظيف عدد من الشوارع الرئيسية وإخفاء أثر الروائح الكريهة المنبعثة منها، قبل أن يعود الوضع إلى سابق عهده بعيد تأجيل هذه الزيارة. من جانب آخر، تبادلت شركة "فيوليا للبيئة" وبلدية الناظور الاتهامات حول ما آل إليه الوضع على مستوى تدبير قطاع النظافة بأحياء المدينة وجماعات أخرى تقع ضمن حدود اختصاص الشركة ذاتها، في حين تتهم البلدية الشركة التي فوض لها تدبير هذا القطاع الحيوي بالمسؤولية "التقصيرية" التي أحدثت أزمة في جمع النفايات، تتهم مصادر مقربة من الأخيرة الجماعات التي تعاقدت معها بعدم سداد الواجبات المستحقة عليها مقابل قيامها بالتزاماتها. وفي السياق ذاته، ربطت مصادر مطلعة دواعي الخلل الذي بدا بشكل جلي خلال الشهور الماضية على مستوى تدبير النفايات المنزلية، بالتخبط الذي عرفته علاقة شركة فيوليا النظافة" بالمجلس البلدي للمدينة، بسبب عجزها عن أداء التزاماتها التي تنص عليها عقد التدبير المفوض والتي تجمعها ببلدية الناظور زيادة على باقي الجماعات المشكلة لتجمع الناظور الكبير، وهو الأمر الذي حذا برئيس الجماعة الحضرية للناظور ورئيس مؤسسة مجموعة الجماعات من أجل البيئة (التي تضم في عضويتها بلديات بني انصار وسلوان والعروي وأزغنغان) إلى التوقيع مطلع الشهر الجاري على قرار بفسخ هذه العقدة، لتستمر الشركة خلال الشهور الستة المقبلة في أداء التزاماتها، قبل التوقيع على عقد جديد مع شركة ثانية. ومن جهته، أكد المكتب المسير لبلدية الناظور، على لسان مسؤول قطاع البيئة، حسين احلي، أن العقد المبرم مع الشركة يعود إلى عهد المجلس السابق، مشيرا إلى أن المجلس الحالي تصادم مع الشركة ذاتها خلال السنتين الأخيرتين حول تراجع خدماتها، وحدد لها في أكثر من مناسبة فرصة لتدارك الموقف، قبل أن يتقرر فسخ العقد بشكل نهائي، بعدما بدا تهاونها في أداء الخدمات وفق ما هو مسجل بدفتر التحملات. وأوضح احلي، في تصريح صحافي، أن التأخر الحاصل في أداء الواجبات المالية المستحقة لصالح الشركة يتعلق بعدم توصل المجلس بالفواتير المحددة لقيمة المبلغ المالي المستوجب للتسديد في المدة القانونية المقررة، مؤكدا في الوقت نفسه أن تدبير القطاع سيقتضي المرور بمرحلة انتقالية ستعمد خلالها البلدية إلى التدخل المباشر في مهمة جمع الازبال عبر الاستعانة بعمال النظافة التابعين لها بعد استقدام آليات وشاحنات إضافية، إلى حين استيفاء المدة القانونية التي سيلجأ بعدها إلى فتح طلب عروض جديد، ومن ثمة اختيار شركة جديدة بديلة.