تابع الرأي العام، من خلال الصور المنقولة للمهاجرين الأفارقة المنحدرين من جنوب الصحراء الكبرى، لاسيما جثّتيْ مهاجر ومهاجرة إفريقيين لفضتهما بحيرة مارتشيكا خلال اليومين الماضيين، الأولى لفضتها المياه في اتجاه الضفة المقابلة لمدينة الناظور والثانية على واجهة شاطئ "بوقانا" المقابلة لبني انصار، وكأن قدر هؤلاء النازحون والمهاجرون والفارون هو أن تتوزع وتترامى جثثهم المتحلّلة في غالب الأحيان على شواطئ وضفة المتوسط، تابع إذن الرأي العام هذه الصور المأساوية المنقولة مظاهر مآسي تتجاوز في بعض تجلياتها غياب الحد الأدنى من التعامل الإنساني مع حالات الهجرة والنزوح، لاسيما حين يتعلق الأمر بوجود ظروف قاهرة وطارئة في بلدانهم الأصلية. هي مآسي أليمة عشنا صورها مع اشتداد مسالك الهجرة السرية بالريف نحو أوربا. فكم من واحد حالم انطلق على متن قوارب الموت وانتهى به الحال في مقبرة البحر الأبيض المتوسط. وها هي المشاهد نفسها تتكرر مع المهاجرون الأفارقة الراغبون والحالمون بالوصول إلى "جنة أوربا" قبل أن ينتهي به الأمر جثة تتقاذفها مياه البحر. فهل يغيب الحس الإنساني لدى المالكين لزمام أمور سياسات الهجرة. الحس الذي يصون كرامة الإنسان حيا وميتا؟ وهل فشلت هذه السياسات والمقاربات التي يلعب فيها المغرب دور دركي أوربا؟ ألا تسيء هذه المشاهد والمآسي للمغرب وتحسب علو أوربا هجا العبء الثقيل؟ وكيف يقارب أصلا المسؤولون المغاربة والإسبان ثم الأوربيين موضوع الهجرة عموما؟ لماذا يغيب صوت هؤلاء المعنيين من خلال المنظمات والجمعيات والهيآت التي يمكن أن تساهم في بلورة مقاربات متعددة خارج المنظور الأمني؟... كما أن الجمعيات المشتغلة في ميدان الهجرة عليها أن تعزز مرافعاتها من أجل الدفاع عن حقوق المهاجرون الأفارقة والضغط في اتجاه تغيير سياسات الدول تجاه هذا الموضوع.