لن اكتب اليوم "نقدا" او خواطر او حروف منسقة ادبية .. لن اتغزل في مدينتي او اداعب احلامي الوردية .. لن اكتب اليوم عن الإحتفالات التي في ذاكرتي والمجزئة كألبوم صور... اليوم لن اكتب عن الجرح .. كفانا جراحا ولن اكتب عن الالم يكفينا ما تالمنا.. لن أكتب عن غيوم الحزن وهي تحتل سمائنا...و لن أكتب عن الدمع الذي يملأ قلوبنا.. اليوم ساكتب عن أشياء أخرى .. أشياء ستبقى راسخة في أذهاننا .. نثرها اصحابها اليوم كبذور الورد بيننا لتنموا وتزهر، يقطفها أطفالنا بعدنا . سأكتب عن مبادرة بريئة..نقية.. وجميلة ... شكل آخر و"جديد" لاحتفال ضارب في القدم يستوحي طقوسه من وقائع أصبحت عادات مثوارثة رغم كل ما يقال حول أصولها و مدى ملائمتها لهويتنا. سأبقى اليوم ضيفا على السنة الامازيغية الجديدة ولكني لن اكتب عنها أو للأمانة أقول ، لن أكتب بعيدا عن 'الاحتفال' بها .. ولان واقع التجارب اصبح يؤكد أن بعض اشكال ذات الإحتفال لم يعد يستقيم مع متطلبات واقع الحال .. فكرت ان أكتب عن الذين استوعبوا الامر .. ففكرو وخططو .. وحين احسوا انهم أحسنوا فهم واقع الحال .. طبقوا الفكرة. فجاءت الفرحة بالإحتفال وكانت مميزة ولها طعم مختلف وطابع خاص ... فكان لاحتفالية السنة الأمازيغيّة الجديدة 2965 بالعاصمة الهولنديّة لاَهَاي بالتالي.. طعم خاص .. وهو الجديد الذي حمله حدث الاحتفالية هذه السنة .ذات الحدث الذي تنظّمه مؤسسة صوت الشباب المغربي بهولندَا، والذي وصل دورته الخامسة على التوالي هذه السنة ، الجديد الذي جاءت به المؤسسة هذه السنة ، وتجاوزا لتمديد المدة الزمنية الى أيّام عدّة وصلت الى الثلاثة ايام والتي عرفت أشكالاً وصورا احتفاليَّة متنوعّة من الأنشطة الثقافية الامازيغية. وعلى عكس العديد من الاحتفالات التي تقيم في أماسيها حفلات موسيقية أو غنائية، حرصت المؤسسة أن تنظم شكلا آخر جاد .. فتناولت الشأن السينمائي الامازيغي ، فكان للسينما الامازيغة مكان .. ذات السينما التي تعاني صعوبات لا مجال للخوض فيها هنا، فثمة مشاريع تؤجل ، وأخرى تلغى أو "توضع على الرف". وفي معزل عن هذا الجدل حول الاسباب والمسببات ، فإن فيلم « وداعا كارمن » لم محمد أمين بنعمراوي دخل الفيلموغرافيا الامازيغية كاول فيلم امازيغي ريفي يخوض رحلة المهرجانات والعروض وانتزاع الجوائز من مهرجانات عالمية .. بالامس.. سافرت الينا "كارمن" وكل من ودعها ذات مساء من مساءات ثمانينات القرن الماضي عبر تذاكر أشرف عليها مصطفَى بربوش، رئيس المؤسّسة التي تشرف على خامس احتفاليّة لها بحلول العام الامازيغِيّ بمدينة دينهاخ / لاهاي الهولندية . أنا ولظروف خاصة.. لم أكن هناك ..أصدقائي المقربين يعرفون السبب /المانع حين لا أحضر مثل هذه المناسبات العزيزة.. حضر "وداعا كارمن" الى مدينة لاهاي الهولندية ليسجل التاريخ ويحكي للاجيال القادمة عن اول فيلم ناطق بامازيغية الريف يعرض داخل قاعة سينمائية بهولندا... قاعة سينمائية بكل ما تحمله الكلمة من معاني . وفيلم جميل كذلك بكل ما يحمله الفيلم الجيد من صناعة ومعنى. بعد ان تحدى فريق العمل كل الظروف المحيطة به، كان يضع أهدافه بدقة ، ويعمل على تنفيذها، ورغم انه كان في بداياته، إلا أنه كان يعتبر العمل خطوة أولى في تحقيق أهداف اخرى قادمة، قرر أن يقتحم مجالا كان "حكرا على الاخرين" ، لم يثنهم ما كانوا يسمعون عن الصعوبات والعراقيل، فاقتحموا المجال السينمائي وأبدعو فيه، لتظل السينما الامازيغية الريفية الوسيلة الأكثر رفعة في التعبير عن ذلك الصوت المهمش ، رغم ان الأمور ليست بالسهلة كونها بهذا المعنى تحارب على جبهتين.. أن تظهر عدالة قضية من جهة، وأن تنشغل، من جهة ثانية، بجماليات خاصة نابعة، تحديداً من تعقيدات تلك القضية ومساراتها الوعرة وحكاياتها التي لا تنتهي! شكرا محمد امين بنعمراوي...شكرا لانك بفيلم "وداعا كارمن" اعطيت درسا لمن لا يريد ان يعي الامور بعد " أن المحلية ليست عائقا أمام العالمية ، بل ربما هي داعم لها، ولعل حصولك على شهادة تقدير من مهرجان دبي في دورته الأخيرة دليل على ذلك . شكرا لكم جميعا شكرا لكل فريق العمل لانكم اعطيتم درسا آخر هو "أن الحكايات البسيطة ذات العمق الإنساني تقول أشياء أكبر وأكثر نفاذا، من الخطابات الفنية المغرقة في 'الشعاراتية'...". وأخيرا وليس آخرا... شكرا ..اتقاذاش مصطفى بربوش .. شكرا ايحوذريان ن مؤسسة صوت الشباب المغربي بهولندَا على هذا الطبق اللذيذ الذي استقبلتم به ضيوف احتفاليَّة السنة الأمازيغيّة الجدِيدَة 2965 بالعاصمة الهولنديّة لاَهَاي في يومها الافتتاحي الاول. وداعا كارمن .. مرحبا نَّاير .. حكاياتنا لا تنتهي .. واليوم وهنا اجتمع نضج احتفالية نَّاير ونضج السينما الريفية... ومن هنا سنبدأ قراءة تفاصيل مرحلة جميلة من حكاياتنا التي لا تنتهي ...على الاقل حتى لانطيل النظر الى صورنا القديمة ولو الى حين وحتى لانكتشف مقدارالمسافة المقطوعة من ...اعمارنا.