قرر بعض من أعضاء اللجنة المركزية في حزب التجمع الوطني للأحرار، المساندون للرئيس مصطفى المنصوري، طرد كل أعضاء المكتب التنفيذي المنخرطين في الحركة التصحيحية، والإبقاء على دورة اللجنة المركزية مفتوحة.. تحسبا لأي مستجد، يقتضي إعادة عقدها بشكل مفاجئ. في حين اقترح المنصوري على أنصاره التريث في اتخاذ القرار، مرحليا، مع تشكيل لجنة تقنية تنكب بالبحث على التكييف القانوني الملائم لتفعيل قرار الطرد، شرعت في مزاولة عملها، أمس الأحد. وشهدت دورة اللجنة المركزية، المنعقدة أول أمس السبت بالرباط، التأجيل في المرحلة الأولى، لعدم توفر النصاب القانوني لها، لتعود في مرحلة ثانية، في الرابعة من زوال اليوم نفسه، إلى مواصلة أشغالها، بناء على مقترح تقدم به المنصوري، ووافق عليه بقية أعضاء اللجنة المركزية. من جهتهم، طعن أعضاء الحركة التصحيحية، الذين صادقوا، الجمعة الماضي، ببوزنيقة، على قرار تزكية صلاح الدين مزوار، رئيسا جديدا للتجمع بدلا للمنصوري، في شرعية انعقاد دورة اللجنة المركزية، التي دعا إلى انعقادها رئيس الحزب، لعدم توفرها على النصاب القانوني، معلنين أن "ما بني على باطل فهو باطل". وقال صلاح الدين مزوار، في تصريح ل "المغربية"، إن "قرار الحركة التصحيحية بإقالة الرئيس ليس معناه التخلي عن المنصوري، بل سنتمسك به بيننا، وسنعمل على حشد الدعم له كمرشح للأغلبية الحكومية أثناء تجديد ترشيحه رئيسا لمجلس النواب". يوم مشهود في تاريخ الأحرار واعتبر يوم أول أمس السبت مشهودا في تاريخ التجمعيين، إذ عاشوا خلاله صراعا نفسيا، وقانونيا، استعمل فيه الطرفان، سواء أنصار المنصوري، الذين كانوا بداخل مركز الاستقبال والندوات لوزارة التجهيز، أو خصومهم في الحركة التصحيحية، المرابطين خارج بوابة المركز، كل الوسائل الممكنة في الصراع التجمعي. الحركة التصحيحية في استعراض للقوة رابط أعضاء الحركة التصحيحية أمام البوابة الرئيسية لمركز الندوات، مكان انعقاد اللجنة المركزية، مرتدين قبعات بيضاء موحدة، تميزهم عن غيرهم، مكتوب عليها "الحركة التصحيحية"، ورمز الحزب "الحمامة"، واضعين ملصقات على صدورهم تعلن انتماءهم للحركة. ويوجد من بين الأعضاء كل وزراء التجمع الوطني للأحرار، ورئيسا فريقي الحزب بالبرلمان، وأغلب أعضاء المكتب التنفيذي. كلهم كانوا ينتظرون ما سيصدر، من قرارات، في الجانب الآخر، علما أنهم كانوا يؤكدون مرارا أن مصير أشغال اللجنة المركزية هو التأجيل، لعدم توفر أنصار المنصوري على النصاب القانوني، الذي يمكنهم من منح صفة الشرعية على الاجتماع. وقال الحافظي العلوي، المستشار القانوني للحركة التصحيحية، في تصريح ل "المغربية"، إنه "إذا لم يتوفر النصاب القانوني، حسب القوانين المنظمة للحزب، يجب على الرئيس تأجيل اجتماع اللجنة المركزية، وإعادة توجيه الدعوة مجددا لاجتماع آخر بعد 15 يوما"، مشيرا إلى أن الوقت ليس في مصلحة المنصوري لاتخاذ أي من الإجراءات، التي تهم الحزب. وأضاف العلوي قائلا "أما من جهتنا فنحن متشبثون بعقد المجلس الوطني، بشكل شرعي وقانوني، في الأسبوع المقبل، بطلب من ثلثي الأعضاء في المجلس الوطني، من أجل تصحيح الأوضاع الداخلية في التجمع الوطني للأحرار"، وهو الاجتماع الذي ستنتزع فيه الحركة صفة رئاسة المنصوري للحزب، لتمنحها إلى مزوار، حسب ما أكده ل "المغربية "محمد أوجار، إذ قال "إن من صلاحيات المجلس الوطني، الذي يعتبر برلمان الحزب، انتخاب الرئيس، وهو القادر على سحب تلك الصفة من المنصوري". وعاش أنصار مزوار، فترات من البياض والانتظار، جعلت البعض منهم يطرح إمكانية العدول عن قرار الامتناع عن حضور أشغال اللجنة المركزية، بدافع أن مصلحة الحزب تقتضي أن يلم شمل التجمع الوطني للأحرار، مع ما تقتضيه من تسويات، يجب أن تمر عبر الهياكل التنظيمية للحزب، وليست من خارجه. وهو الرأي الذي لم يلق المساندة لتواصل الحركة التصحيحية اعتصامها، مع رفض قياداتها لكل عروض الوساطة وإصلاح ذات البين، حتى توصلوا بخبر أن المنصوري أقر، في كلمة له أمام اللجنة المركزية، بحضور مفوضين قضائيين، أنه لا يتوفر على النصاب القانوني لمواصلة أشغاله، حينها وزعوا بيانا مكتوبا بخط اليد، ليعودوا إلى بوزنيقة. لجنة المركزية في جو مشحون استعان المنصوري لتأمين انعقاد دورة اللجنة المركزية بفرق الأمن الخاص، التي زادت في شحن الجو العام، الذي كان استثنائيا في تاريخ التجمع الوطني للأحرار. وكان الدخول إلى مركز الاستقبال والندوات أمرا صعبا، يلزم سواء مناضلي الحزب أو الصحافيين الكشف عن هويتهم لأكثر من مرة، حتى يتمكنوا من ولوج القاعة. وبعد انتظار دام لساعات، كانت كلها، حسب بعض أعضاء اللجنة المركزية، محاولات للاتصال غير المباشر بين المنصوري ومزوار، والتي باءت كلها بالفشل، دخل المنصوري وأعلن أن عدد أعضاء اللجنة المركزية الحاضرين داخل القاعة 86 عضوا فقط، كما توصل باعتذار 32 عضوا آخر عبر الفاكس أو بالهاتف، وقال إن "النصاب اليوم لم نصل إليه"، بيد أنه عاد إلى القول مستدركا "في الحقيقة النصاب موجود، لأن هناك إخوانا لنا هم الآن محتجزون من طرف أعضاء الحركة التصحيحية، واتصل بي البعض منهم، وقال لي (الله غالب آسي المنصوري)". ليقترح بعد ذلك على من حضر العمل بالقياس الجاري العمل به في أشغال اجتماعات المكتب التنفيذي، للحزب ذاته، والقاضي، في حالة عدم اكتمال نصابه القانوني، برفع الاجتماع لمدة ساعة، ليجتمعوا من جديد بمن حضر. وهو القرار الذي صادق عليه أعضاء اللجنة المركزية بالتصفيق. كما دعا المنصوري، أثناء كلمته، مكونات الحركة التصحيحية بالدخول إلى القاعة، وفتح النقاش للتوصل إلى حل يحصل فيه إجماع التجمعيين، يبقي على حزب التجمع الوطني للأحرار موحدا. مفوضون قضائيون لفرز عضوية اللجنة المركزية اتصلت "المغربية" بالمفوض القضائي، امبارك بورابح، الذي قال "نحن نعمل في جو من الشفافية والوضوح، ونقوم بمهمة بناء على تكليف من رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط، بناء على المقال المختلف، الذي تقدم به حزب التجمع الوطني للأحرار في شخص ممثله القانوني مصطفى المنصوري، الذي ينوب عنه حسن حلحول، محامي بهيئة الرباط". وجاء في الأمر القضائي، أن المنصوري طلب من رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط إيفاد مفوض قضائي لمراقبة انعقاد اللجنة المركزية، وتدوين كل ما سيروج فيه.