توجد بالمغرب عشرات من المدارس الجماعاتية شيدت بميزانيات ضخمة، وبرمجت المئات ستنضاف في السنوات القادمة. وبطبيعة الحال لا أحد ينكر أهمية هذا النوع الجديد من المؤسسات التعليمية التي جاء بها المخطط الاستعجالي والذي انتهت صلاحيته سنة 2013، لما تتمتع بها من بنية تحتية متينة ومرافق صحية ملائمة، عكس هشاشة الأقسام و انعدام المراحيض في السابق. إلا أنه يجب أن نعترف أنها لم تحقق بعض أهدافها الأساسية والمتمثلة في تجميع الفرعيات المدرسية المتشتتة في البوادي، وبالتالي تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والجودة بين المركزيات والفرعيات التي تحتضن الأقسام المشتركة. لماذا نقول هذا الكلام؟ وكيف ذلك؟ لنوضح. لنأخذ مثلا مدرسة جماعاتية بمدشر منعزل يسمى إداريا ظلما واعتباطا "إجطي" ( بينما اسمه الحقيقي هو "أشنيوان")، تتواجد بجماعة تسمى بودينار بإقليم يسمى الدريوش، لنقف على صحة ما نقول؛ هذه المدرسة بنيت لتحتضن الفرعيات التابعة لها في قسم داخلي يضم 120 سرير يقدم وجبات الفطور والغذاء والعشاء؛ للتلاميذ المنتمين لدواوير تيزة وايت تيار وبومعاذ والحاج ابراهيم واتهاميًّا. في السنتين الماضيتين من افتتاح المؤسسة التحقت من اتهاميا جميع المستويات ما عدا المستوى الأول والثاني لقرب وتواجد هذه الفرعية بنفس المدشر إجطي. ومن تيزة لم يلتحق أحد بسبب احتجاج الساكنة على إبعاد المدرسة عن أبنائهم عوض تقريبها وتقويتها. والتحق المستوى الخامس والسادس من الفرعيات الثلاثة المتبقية. كان المخططون والمسؤولون يقولون أنه في السنوات القادمة ستتلتحق المستويات الأخرى لتحقيق ذلك التجميع المبتغى، غير أنه ومع الدخول المدرسي الحالي 2014/2015 لوحظ انسحاب المستوى الخامس من فرعيتي بومعاذ وايت تيار، وثمة أخبار عن مزيد من الانسحابات في الأيام القادمة . فعوض أن تنضاف مستويات أخرى، ها نحن نرى عكس ذلك تماما. ماذا يسمى هذا؟ هل هذا الانسحاب إجراء مرحلي لوضع مجهول، أم هو بداية لأرجاع الأمور إلى حالتها الطبيعية؟ وبالتالي كان التخطيط فاشلا منذ البداية؟ على نيابة إقليم الدريوش أن تجيب على هذا السؤال للرأي العام، و تعترف بارتجالها. أسباب كثيرة أدت إلى هذا الوضع، منها فقدان القسم الداخلي لسمعته بسبب تصرفات منحرفة لخادمتي طبخ كانتا تشتغلان به السنة الماضية، واللتان نقلتا إلى مكان آخر بعد فوات الأوان. بعدما تم تعويضهما بخادم و خادمة يبدو أنهما بدآ بدورهما في المشاكل؛ خاصة الخادم الذي يريد أن يتدخل في بعض الأمور غير الطبخ والتي توجد في مسؤولية الحارس العام للداخلي. كما أنه في بعض الأحيان يتم تغيير وجبات غنية ومهمة تكون مبرمجة إلى وجبات هزيلة باتصال هاتفي خاطف، من حق المجتمع والآباء أن يعرفوا أين يذهب النقص الحاد في تغذية أبنائهم، خصوصا بعد انسحاب بعض التلاميذ. هذا بالإضافة إلى التصميم المرتجل في القسم الداخلي، حيث لم تشيد سلالم خاصة بجناح الإناث، كما هو معمول به في كل الداخليات. فهناك سلم مشترك بين الذكور والإناث. وبما أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH) في إقليم الدريوش بشراكة مع الجماعة القروية بودينار وضعت نقلا مدرسيا لفائدة تلاميذ تيزة لتنقلهم من وإلى المدرسة الجماعاتية، وهكذا سيخرج عدد كبير من الإيواء بالقسم الداخلي، وبالتالي سيصبح العدد المتبقي به معدود على الأصابع، إذا أضفنا إليهم عدد كبير كذلك من فرعتي بومعاذ والحاج ابراهيم الذين لا يبيتون به لأسباب ثقافية واجتماعية. لذا فإنه نرى أن حل قسم داخلي بتكاليف كبيرة لبضع تلاميذ خاصة في وجود بدائل أكثر واقعية خسارة للمال العام و عبث في التخطيط و التسيير. وبالتالي فقد حان الوقت لتخصيص نقل مدرسي خاص كذلك لكل الفرعيات الأخرى. وهذا لتجاوز كل المشاكل المعروفة وغير المعروفة. وتعويض القسم الداخلي؛ بميزانياته الضخمة في التغذية التي يرى منها التلميذ إلا النزر القليل و أجور الموظفين والمستخدمين ومصاريف النظافة والصيانة والتجهيز والتدبير... بنقل مدرسي مجاني سيكون أقل تكلفة على الدولة مما هو عليه الحال حاليا.