تشهد بعض المدن الأوكرانية مؤخرا اعتداءات وصفت بالوحشية على الأجانب المقيمين في أوكرانيا بغرض العمل أو الدراسة من قبل تنظيمات مثيرة للجدل. وتحمل هذه التنظيمات طابعاً نازيا جديدا، وتلقب بألقاب مختلفة منها "باترويت – سكين هيد". وتنشط في مدن رئيسية عدة كالعاصمة كييف ومدينتي خاركوف وسيمفيروبل، وتطالب بطرد كافة الأجانب المقيمين في أوكرانيا، وترفع شعارات منها "أوكرانيا للأوكرانيين ورحلوا الأجانب عن أراضينا". ومعظم المنتمين إليها من الشباب الذين يتميزون بكونهم حليقي الرؤوس، لذلك يلقبهم البعض ب"الصلع"، حيث يقومون بنصب كمائن للأجانب للاعتداء عليهم، ويجتمعون على أحدهم ويوسعونه ضرباً وشتائم حتى يفقد وعيه أو يتمكن من الفرار. وقد كثرت في الفترة الأخيرة هذه الاعتداءات وتصاعدت حدتها، ففي مدينة خاركوف اعتدى أفراد من هذه التنظيمات ضرباً في حوادث متفرقة على طلاب عرب سوريين ومغاربة وأفارقة، نقلوا بعدها إلى العناية المركزة بسبب ما آلت إليه حالتهم الصحية من كسور وجروح، كما اعتدوا على طالبة إيرانية كانت عائدة إلى سكنها الجامعي في وضح النهار من السوق. وتعتبر خاركوف إلى حد ما مدينة طلابية لكثرة الجامعات والمعاهد فيها وتغص بالطلبة الأجانب الوافدين من دول عربية وأفريقية وآسيوية حيث يصل عددهم فيها إلى نحو 8500 طالب وطالبة. وفي العاصمة كييف تظاهر بعض "الصلع" الشهر الماضي في سوق للملابس المستعملة حيث يعمل كثير من الأجانب، ولكن المظاهرة أخذت طابعاً سلمياً بعد وصول وسائل الإعلام إلى السوق، كما اعتدوا على طلاب عرب وبنغال وأفارقة يدرسون هناك في حوادث متفرقة أيضاً. ولم تقتصر هذه الاعتداءات على الطلاب وصغار التجار، بل تعدتهم لتشمل الدبلوماسيين أيضاً، فقد علمت الجزيرة نت من مصادر موثوقة أن المستشار الأول للسفير المصري تعرض لهجوم بعد عشرة أيام فقط من وصوله إلى أوكرانيا أثناء قيامه بجولة في وسط كييف. كما اعتدي بالضرب والشتم على لاعب كرة القدم البرازيلي غليتون باربوز من قبل 14 شخصا منهم وسط العاصمة، ووبخت الفتاة التي كانت تمشي معه لأنها "تمشي مع أسود" كما قال لها أحد المعتدين. واعتبر السفير السوري سليمان أبو دياب في تصريح للجزيرة نت أن هذه مشكلة يعاني منها معظم الأجانب في أوكرانيا "وقد قمنا بالتعاون مع باقي السفارات العربية بتقديم رؤيتنا المستنكرة لهذه الظاهرة لوزارة الخارجية، التي بدورها أكدت حرصها على الحد من هذه الظاهرة وحماية الأجانب المقيمين على أراضيها". يقول سليمان. وأَضاف أن هذه مشكلة لا تخص الأجانب بل تخص أيضاً المجتمع الأوكراني أيضاً، لما لها من تأثير سلبي على السياسة والاقتصاد الأوكراني، مشيرا إلى أن "رفع شعارات كأوكرانيا للأوكرانيين ينافي الواقع والمنطق، فالمجتمع الأوكراني يحتوي على قوميات أخرى كبيرة لا يمكن إنكارها". وقد أرسل اتحاد المنظمات الاجتماعية (الرائد) رسالة إلى الرئيس الأوكراني فيكتور يوشينكو، طالبه فيها بوضع حد لهذه الظاهرة اللاإنسانية العنصرية المنتشرة، وحملت الرسالة تواقيع مئات الطلاب والتجار الأجانب وغير الأجانب الرافضين لها. وأكد السيد كريمي مسؤول جمعية الطلبة الأجانب ورئيس الجالية الأفغانية للجزيرة نت أن جهوداً حثيثة تبذل للحد من الاعتداءات، وأن الجمعية تلقت وعوداً بتكثيف وجود قوى الأمن في الأماكن التي يكثر فيها وجود الأجانب. هذا ويشكك المراقبون في حقيقة صدق السلطات وقوى الأمن في ملاحقة وضبط هؤلاء "الصلع"، فحوادث متكررة أثبتت تباطؤاً في اتخاذ أي إجراء كان من الممكن اتخاذه. كما أن السماح بتنظيم مظاهرات قرب مباني السكن الجامعية الخاصة بالأجانب وفي يوم الطالب العالمي بحد ذاته، يدعو إلى الشك. ويرى محللون أن الوضع الاقتصادي يلعب دوراً كبيراً، فشعور الشباب بأن الأجنبي يستطيع بما يملك أن يفعل ما يريد، وهم لا حول لهم ولا قوة، من أهم الأسباب الدافعة، كما أن الراتب الذي يتلقاه رجل الأمن لا يحفزه على خوض أي مغامرة أو جدية. يذكر أن عدد سكان أوكرانيا يقارب ال48 مليون نسمة، 36 مليون نسمة من الأوكرانيين، والباقون ينحدرون من دول وأعراق مختلفة، كالروس والتتر واليهود والبلاروسيين والملدافيين والبولنديين وآخرين.