مكن المغرب موقعه في أقصى شمال إفريقيا واقترابه للقارة الافريقية 15 كلم كمسافة أدنى وملامسة أراضيه للبحرين ، المحيط الأطلسي والبحر الابيض المتوسط ، مكانة عالية في برامج الاتحاد الاروبي . لنتابع سرد الاحداث بالتتابع حتى يستوعب القارئ نسق الاحداث وأبعادها وتبعاتها ومخلفاتها . تمتدّ بين المغرب والاتحاد الأوروبي علاقات سياسية واقتصادية قوية تضرب بجذورها في عمق التاريخ، ويدعمها القرب الجغرافي. وقد تطوَّرت هذه العلاقة عبر سلسلة من الاتفاقيات المتوالية . في سنة 1963 انطلقت المفاوضات بين المغرب و المجموعة الأوربية التي آلت إلى إبرام اتفاقية تجارية تفضيلية بين الطرفين سنة 1969. سنة 1969 ، هي تاريخ التوقيع على أول اتفاقية تجارية بين المغرب و المجموعة الأوروبية، ترسخت بموجبها علاقة الشراكة الأورو - مغربية و شهدت تطورا و توطدا مستمرا . في سنة 1976 تم التوقيع على اتفاقية حصل المغرب بموجبها على هبات لفائدة التنمية الاقتصادية و الاجتماعية . في سنة 1987 تقدم المغرب بطلب الانضمام إلى المجموعة الأوربية ، غير أن هذه الأخيرة كان ردها سلبيا بدعوى أن المغرب لا ينتمي إلى القارة الأوربية . حدد إعلان برشلونة ( 1995) أسس الشراكة الأوربية المتوسطية في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الإنسانية , وعلى ضوء ذلك تم التوقيع سنة 1996 على اتفاقية الشراكة بين المغرب و الإتحاد الأوربي . في فاتح مارس من سنة 2000 شرع في تفعيل هذه الاتفاقبة. هذه المراحل أفضت الى فتح آفاق التعاون على محاور دقيقيقة منها : 1- المحور السياسي: يربط بشكل وثيق بين السلام بمنطقة الشرق الأوسط و بين خلق فضاء للسلام و الرخاء بحوض البحر الأبيض المتوسط , كما يؤكد على أهمية الحوار السياسي للانخراط في الديمقراطية و الحرية و احترام حقوق الإنسان . 2- المحور الاقتصادي و المالي: يرمي إلى خلق منطقة واسعة للتبادل الحر تستند إلى مبادئ اقتصاد السوق و النهوض بالقطاع الخاص، و ذلك في أفق العام 2010. نتيجة لذلك، ستعرف بلدان جنوب المتوسط و شرقه نقلة اقتصادية تواكبها تحولات اجتماعية بالخصوص، وهو الأمر الذي حذا بالاتحاد الأوربي إلى اقتراح دعم مالي لهذه الدول خلال عملية الانتقال هذه، و هذا ما يتجلى من خلال برنامجي ميدا 1 و ميدا 2 3- المحور السوسيو ثقافي و الإنساني: ينصب على تنقل الأفراد بين الدول، و تعزيز الأواصر بين مكونات المجتمع المدني، و النهوض بالتعاون اللامركزي و كذا التدبير المحكم لمسألة الهجرة . المعاهدة الكبرى التي تجمع الاتحاد الاروبي ودولة المغرب تسمى بعقدة الصيد البحري والتي تدوم صلاحيتها أربع سنوات قابلة للتجديد ،وبحكم أن دولة إسبانيا لها أسطول مجهز للقيام بهذه المهمة فإن الاتحاد الاروبي يمرر لها أكبر عدد من رخص الصيد البحري من خلال المعاهدة المبرمة مع دولة المغرب . قبل متم سنة 2011 ، صوت الاتحد الأروبي بشأن تمديد عقدة الصيد البحري فجاءت النتائج كالتالي : صوت 326 ضد و296 مع وامتنع 58 برلمانيا أوربيا عن التصويت . رد فعل المغرب نقلا عن خبر تم نشره بأحد المواقع مفاذه أن وزارة الخارجية المغربية عبرت في بيان لها أنه "تطورا مؤسفا" ستكون "له تداعيات خطيرة على مستقبل التعاون بين المغرب والاتحاد الاوروبي في مجال الصيد البحر. ونفس الموقع نشر تسائلا وجوابا جاء كالتالي : من المسؤول عن هذه النكسة الديبلوماسية للمغرب؟ الجواب، حسب تصريحات ديبلوماسيين مغاربة، رفضوا الكشف عن اسمهم حسب الموقع، بدون تردد هو رئيس هذه الديبلوماسية، في إشارة إلى وزير الخارجية والتعاون الحالي الطيب الفاسي الفهري . ويختتم المقال قائلا أن الدول الاسكندنافية كالسويد والنرويج والدانمارك هي الدول التي صوت أعضائها ضد الاتفاقية ، ويرجئ المقال أن السفراء المغاربة بهذه الدول لم يقوموا بأي عمل يذكر على مستوى التعريف بالمغرب وملئ الفراغ السياسي . ويذكرنا المقال أن نفس الضائقة كادت أن تعصف بالمغرب في ملف ما يعرف بأمينة حيذر ومخيم ملف كديم إزيك لولا حزب اليمين الفرنسي . ونحن على مشارف تعيين حكومة جديدة ، أرجو أن تدخل الحكومة الجديدة في الحسبان دورة تدريبية على المسائل الدبلوماسية النظرية والعملية خاصة لكبار الشخصيات الحكومية بمافيهم السفراء والقناصل حتى يكونوا أوفياء لسياسة القرب ولا البعد ، خاصة أن العالم يعرف تحركات بسرعة الضوء في ضوء العصر الرقمي . وأخيرا ليس بالعيب أن يدخل الوزراء وكبار المسؤولين في هذه التجربة التكوينية ،وكمثال مواز فزوجة الأميرالانجليزي وليام ، السيدة كيت ميدلتون أجرت تدريبا استمر أكثر من شهر على ممارسة الطقوس الدبلوماسية والتصرفات المثالية في جميع مناحي الحياة العامة . لكن بعيدا عن أخطاء الدبلوماسية المغربية هناك تفاسير عديدة من تصرفات الاتحاد الأوبي تجاه دولة المغرب أولها عقدة الصيد البحري وثانيها معاهدة التبادل الفلاحي وثالثها اتفاقية الاورومتوسطية . ترى ماهي الأسباب التي تقف وراء هذا التغير المفاجئ ؟ من غير المستبعد أن يعرقل الاتحاد الأروبي طيلة تولي التيار الاسلامي - العدالة والتنمة - زمام الأمور بدولة المغرب وذلك أملا منهم في إبعاد الرأي العربي ،خاصة المغربي عن كل ما يمث بالدين الاسلامي في تسيير شؤون البلاد ، وقد يتسائل البعض لماذا كل هذا الصداع ، الجواب بسيط ، يعتبر الجنس المغربي جد خطير في توسعاته إذا تقوى من الداخل في نظر الاروبين ،ولعل عقدة الاندلس وتوابعها لازالت شوكة في حلقهم عامة . * كاتب ومستشار ثقافي