دعت جبهة البوليساريو سكان المناطق الصحراوية إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية التي ستُجرى بالمغرب يوم الجمعة المقبل، ووصفت المشاركة فيها بمثابة "تكريس لأطروحة الاحتلال"، ومساهمة في ما سمته "إطالة معاناة الشعب الصحراوي". واعتبر خبير بقضايا الصحراء أن ادعاءات البوليساريو لمقاطعة الانتخابات ترمي إلى إفساد العملية السياسية بالبلاد، مشيرا إلى أنه لا تأثير لهذه المزاعم على الانتخابات، لكونها كانت تجري في الصحراء منذ السبعينات، بنسبة مشاركة مرتفعة جدا من طرف الصحراويين. ودشنت البوليساريو حملة إعلامية، عبر مواقعها الإخبارية ومنابرها الإلكترونية الموالية لها، سمتها "الحملة الصحراوية لمقاطعة الانتخابات"، تفيد أن أهالي الصحراء "غير معنيين" بالانتخابات المغربية، لكونها مجرد "مسرحية انتخابية مفروضة"، على حد تعبير هذه المنابر الانفصالية. ويرى الدكتور عبد الفتاح الفاتحي، المحلل السياسي المختص بقضايا الصحراء، أن ادعاءات جبهة البوليساريو هذه تأتي بعدما انخرط إعلامها في الشأن المغربي، حيث تحولت وكالة أنبائها إلى شبه وسيلة إعلام مغربية معارضة، تهتم بالحراك السياسي المغربي لا سيما مواقف حركة 20 فبراير، وجماعة العدل والإحسان، وحزب النهج الديمقراطي، وباقي الأحزاب المقاطعة للانتخابات التشريعية ليوم 25 نوفمبر. وأضاف الفاتحي، في حديث مع "العربية.نت"، أن قيادة البوليساريو تحاول بدورها الركوب على دعوات المقاطعة هذه، للمساهمة في إفساد العملية السياسية بالبلاد، في وقت تصاعد فيه نجم المغرب على الصعيد العربي والدولي، خاصة بعد الإصلاحات الدستورية التي قام بها، وأدخلته إلى مربع دول الربيع العربي، وأكد الخبير المغربي أنه لا يُتوقع أن يكون أي تأثير لادعاءات جبهة البوليساريو على المستوى الدولي والمحلي، لأن الانتخابات التشريعية والجماعية ظلت تجري في الصحراء منذ السبعينيات، وتحظى بنسبة مشاركة مرتفعة من لدن الصحراويين. وأشار الفاتحي إلى أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تصف فيها جبهة البوليساريو الانتخابات في الصحراء بأنها "تكرس الاحتلال وغير شرعية"، فقد دأبت على بعث رسائل إلى الأمين العام للأمم المتحدة تدعوه إلى التدخل لوقف إجراء الانتخابات في أقاليم الصحراء، على اعتبارها أرضا تندرج في إطار قضايا تصفية الاستعمار، وأنها قضية نزاع دولي، وأفاد الدكتور الفاتحي بأن ارتفاع نسبة المشاركة في الحياة السياسية للصحراويين في الأقاليم الجنوبية، ظل يربك الموقف السياسي للجبهة، حيث يعتبره المغرب مؤشرا قويا على نجاحه في عملية إدماج الصحراويين في قضايا الوطن ووحدته الترابية، وينزع بذلك شرعية تمثيلية الجبهة للصحراويين. وأردف قائلا "هذا ما حذا بالمملكة المغربية إلى تأسيس المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية، "كوركاس"، ليكون ممثلا لصحراويي الداخل، وقد تمكن المغرب من جعل المجلس حاضرا في مختلف المفاوضات التمهيدية التي أشرفت عليها الأممالمتحدة لحل النزاع في الصحراء". وأبرز المختص في قضايا الصحراء أن جبهة البوليساريو تعيش اليوم ارتباكا سياسيا واجتماعيا داخل مخيمات تندوف، بالتزامن مع التحضير لانعقاد مؤتمرها 13 في شهر دجمبر المقبل، يهددها بانفجارها من الداخل. وجبهة البوليساريو بذلك، يضيف الفاتحي، تحاول توجيه الرأي العام لمخيمات تندوف إلى القضايا الخارجية، وكذا بعد تراجع أدائها الدبلوماسي وانحساره بعد سقوط القذافي، فإنها تسعى إلى إعادة إثارة قضية النزاع في الصحراء على مستوى الرأي العام الدولي. وادعت ما تسميه البوليساريو وزارة "المدن المحتلة والجاليات" في مخيمات تندوف، بأن طلبة صحراويين قد نددوا، أول أمس الاثنين 20 نوفمبر ، في العاصمة الرباط بإجراء الانتخابات البرلمانية المغربية في مناطق الصحراء. وتنفيذا لخطة معاداة الوحدة الترابية للمملكة، اعتبر راديو "ميزرات" ومواقع إخبارية وإلكترونية رسمية تابعة للبوليساريو، سكان الصحراء في المناطق المتنازع عليها بكونهم "غير معنيين" بالانتخابات المغربية، وبأنهم ضد كل ما يساهم في ما سمته "تكريس الاحتلال من خلال المشاركة في هذه المسرحية الانتخابية المفروضة على سكان المناطق الصحراوية"، بحسب ما جاء في موقع "وكالة أنباء البوليساريو". ووفق مصادر مطلعة، تسعى البوليساريو منذ أيام إلى أن تعمل عناصرها المناصرة لأطروحتها التي تدعو إلى الانفصال عن المغرب، على القيام بتعبئة مكثفة وسط سكان المناطق الجنوبية، خاصة في مدينة العيون، من أجل حثهم على مقاطعة التصويت في الانتخابات المقبلة، بهدف إفشال هذه المحطة السياسية الهامة في تاريخ البلاد. وفي سياق متصل، هدد محمد عبد العزيز، زعيم جبهة البوليساريو، قبل أيام قليلة بالعودة إلى حمل السلاح في وجه المغرب، بعد مرور عشرين عاما على وقف إطلاق النار بين المغرب والجبهة، معزيا ذلك إلى ما سماه "تعنت المغرب، وفشل الجهود الدولية الرامية إلى تصفية الاستعمار من الصحراء، وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره..".