1-صراع رمزي لفرض الذات بين روح المعنى ومادية المبنى إن سحر الكلمة قد يأخذ مجرى اللعب والهزل حينما نكون بصدد قراءة الحكاية العجائبية حول علي بابا وهو يتلو كلمة السر:'افتح ياسمسم،على كهف الكنوز فينفرج مدخل الكهف بفضل هكذا كلمة سحرية.لكن هذا السحر مقابل ذلك,سيزداد وزنه إذا كانت الكلمة تترنح في ميزان الجد والمسؤولية حينما يتعلق الأمر بإعطاء وعد مقدس أو الاستهزاء بشرف شخص طاهر بكلمة قادرة على توريط صاحبها سبعين خريفا في عمق الجحيم.كما يصير الضوء الأخضر ممنوحا لشرعنة علاقة بين أنثى وذكر وجعلها مؤسسة زواجية على سنة الله ونبيه من طرف العدول أو القاضي عبر كلمة واحدة.وعندما يتعلق الأمر باستصدار مرسوم أو بند يحسم مصير أمة بأكملها فهو الأهم في حسم ملامح المستقبل الوطني.أما المأساة التي تخلفها الكلمة فهو النطق بالحكم الخاطئ لإعدام متهم بريء.إن مجمل المساحة المهيمنة على فيلم الرعب هذا يلعب دور بطولته الآنسة /كلمة/ وهي متسربلة بدلال سحرها وحاملة من المعاني في طياتها ما تستطيع معه تحريك الجبال الصماء.إن كلمة/ كلب/ أو صورة حيوان اسمه الكلب لا يمكن أن يكونا نفسه ذلك الكلب الحقيقي الذي ينبح ويعض,إن معنى المدلول المنبثق عن علامة تعبيرية معينة يعتبر كتشكل ذهني على الرغم من انه تتم الإحالة من خلاله على أشياء ملموسة في العالم الخارجي كمرجعية لا يمكن لإدراك الحواس الاستغناء عنها.لهذايبقى معنى المصطلح مفهوما ذهنيا وليس الشيء المقصود في ذاته لأنه يدور في فلك الذهن المجرد,ومن بعد ذلك تستتبعها مرحلة التجسد فتنطلق عملية إسقاط المفهوم في الدرجة الثانية كي يرتدي الشيء المراد التحدث عنه رداء المعنى.فاللباس الذي تلبسه فتاة ساحرة ليس هو ما يضفي معنى السحر على ذات الفتاة،بل إن الأصل هو أن الفتاة في حد ذاتها هي المالكة لعنصر السحر ذاك والذي بفضل دلالها وكيفية توظيفه روحيا في تفعيل استراتيجية الجذب والانجذاب هو الذي يضفي طابع الجاذبية،فيلبس اللباس نفسه ذلك الرونق الفريد من نوعه و الذي من الممكن أنك قد تلمح صدفة نفس الرداء وبنفس المواصفات والألوان تلبسه فتاة أخرى لكن لسوء الحظ لا سحر فيها أو أنه اباهتة البهاء . فتقشعر علامة الاستفهام وتتساءل متعجبة كيف أن نفس الرداء قد غادرته تلك الحيوية النادرة التي سبق وفاضت عن تلك الفتاة العالية المعنويات ,ذبل سحر نفس اللباس هذه المرة للأسف لأنه تموقع على جلد فتاة باهتة المعنويات. إن العملة كورق و كنقد ليست قيمتها كامنة في نوع المعدن والورق والصور الموضوعة عليه و إنما مكمن السر يقبع في تلك القيمة الرمزية التي يضفيها سوق المال المعولم عليها كي يتم التعامل بواسطتها طبقا لقيمتها المفروضة على الجميع.إن العمل الإبداعي الفني لا يكتسب قيمته إلا على ضوء تراكم رصيد التاريخ الشخصي للمتذوق وفق سياق الذاكرة المنهمكة في الاستمتاع بثمار الجمال الابداعي.فالأغنية مثلا لن تعني لك أشياءا كثيرة إذا لم تستطع تحفيز المقموع في اللاشعور وإيقاظ المشاعر النائمة في الذاكرة.فالذوق لا يتبلور اعتباطا و إنما هو مرتبط بشكل عضوي و آلي مع ما ألفته الذات من تخشع في محراباللشعور قبل الشعور وما عاشته من صدمات عاطفية و أحداث مأساوية إبان عملية تذوق ذلك الابداع ملقيا بظلال سحره على اللامعنى العدمي ليتسربل حضوره بالمعنى.مما يعني أن لديه قوة خارقة على استحضار روح الماضي عندما يثير زوبعة ذهنية استنفارية داخل ذاكرة سادرة في خمول النسيان والتناسي، فينخرط الشخص في الاحتفالية التاريخية لذكرياته ويتجول على تضاريس جغرافيته المنسية جولة محاطة بأبهى الحلل الفرجوية تفوح بعبق الحنين والنوستالجيا.إن العلاقة بين رمز الشيء ومعناه علاقة متداخلة حد الذوبان ومن الصعب بمكان الفصل بين هذا الثنائي المتلاحم بشكل واضح للرؤية الثاقبة لكنه غامض أوغائب لدى الرؤية السطحية.وهنا يطفو الإشكال المطروح قديما حول الشكل/والمضمون أو المادة/الروح إذ من الصعب شرعنة عملية الفصل بين عنصري هذه الثنائيات.إن شبكة من الاستعارات المنسجمة فيما بينها حتما ستشكل صك نجاح للنص الذي يلعب دور الوعاء الحامل لمحتوى المعنى والمتضمن لشتى الدلالات في ثنايا الرسالة التي يريد الكاتب إبلاغها للمتلقي في إطار تواصلي ممتع.ولا يمكن للمتلقي أن يضع حركات الوضوح على حروف فهم الرسالة إلا بتفكيك تلك الشبكة الرمزية من التفاعلات العلائقية بين لائحة طويلة من الأصوات اللغوية الملفوظة والنوايا الدلالية المقصودة في عملية تفكيكية لشيفراتها المخبوءة في ثنايا التشابكات المتداخلة للعناصر اللسنية داخل البنية النصية بعيدا عن الحضور المادي لمرجعية الأشياء المشار إليها في النص.إن السعادة تكون أكمل دلالة وأعمق معنى كلما كانت وهمية نظرية راقدة في عالم مجرد من الآمال والأحلام.أي أنها كلما بقيت بعيدة المنال ولم يصل أجل تحققها بعد،كلما كانت أحلى و أكثر تحفيزا لمطارديها العاشقين لحس التحدي.لكن تذبل أوراق المغامرة وتموت متعة التحدي كلما اقتربت عملية تحقق حلم السعادة كمفهوم عام جامع وشامل وتجسدها في سلوكات مفصلة مادية محسوسة.حينذاك ينطفئ بريق السعادة كمفهوم ذهني تغتني أبعاد كيانه على طاولة النقاش النظري, لكنها تصاب بعدوى النقص وضحالة المعنى بمجرد ما تصير ملموسة بأيدينا وبمجرد نزول الصعيد الذهني للنقاش حول السعادة إلى أرضية الواقع قصد ترجمتها إلى سلوكات قابلة للقياس والملاحظة.أثناء تطبيق نظرية السعادة هذه الذي سقناها كمثال فيتعثر الادراك ويصاب الفهم بصدمة في جمجمته وتصاب البصيرة بعمى تقلص الآفاق فتختلط الأوراق ويصاب المطلق داخل المفهوم الكلي بالاختناق بعد تشظية وحدته وشرذمتها إلى أجزاء.إن النجاح في الامتحان والزواج بعد علاقة حب أوالتصفيق والابتسام أو الضحك أوالاحتفال قد تكون مظاهر نسبية للسعادة ككلمة ساحرة.لكن بمجرد انقضاء لحظات المجد والشعور بالمتعة سرعان ما يندثر معنى لفظ السعادة كما عهدناه كمفهوم مطلق على الصعيد النظري.إن قيمة الخير تعرف بضدها الشر كقيمة مجردة و إسم عام وكعنوان كبير للائحة طويلة من الأسماء الثانوية التي تندرج تحته كالنفاق والأنانية والكذب والسرقة...إلخ كمركز هوياتي تنتمي إليه و لا يحق لأحد أن يأتي هكذا اعتباطا وتصنعا فيغير العنوان الكبير للقيمة الجامعة.علاوة على هذا لا يمكن لإشارة لسنية أو علامة لغوية تدل على شيء في الواقع أن تحدث رنينا للمعنى أكثر تأثيرا في القلوب ويترتب عنها ترجيع لأصداء الدلالة من تلقاء ذاتها و لوحدها إلا إذا اصطدمت بالعلامات اللسنية الأخرى المشيرة لأشياء أخرى وذلك عبر تفاعل علائقي لا محدود.كذلك يستحيل صدور لحن موسيقي صامت كامل المبنى ممتع المعنى منسجمة المقاطع من خلال نوتة/نغمة واحيدة يتيمة.لا بد للعازف أن يقوم بتحريك شبكة العزف في شتى الاتجاهات كي تتواصل النغمات على الآلة الموسيقية فيما بينها بنجاح متفاعلة بذلك مع عناصر أخرى كالصوت البشري وسياق المقام العام مع عدم نسيان ميزان الإيقاع الزمني تجنبا للخروج عن التوازن الضروري والضامن لجمالية المقطوعة الموسيقية,وبعد ذلك يأتي دور الكلمات الساحرة الهادفة لموقعة الغصن الثقافي في مكانه الصحيح كي يرسو عليه البلبل المغرد في الوقت المناسب.لنفرض أن أحدا قد نطق كلمة وحيدة يتيمة:خبز.هكذا دونما مبرر ولا هدف.لربما سيغيب المعنى في هذه اللحظة لأن النطق بالكلمة جاء عشوائيا واعتباطيا وخارج السياق العام للمقاصد الذاتية. ولتكتمل فرحة المعنى لا بد لكلمة:خبز من عقد مجموعة علاقات زواج أبدي أو صداقة مؤقتة مع كلمات أخرى ذات وظائف لغوية تركيبية محددة:أسماء-أفعال-ظروف-نعوت-حروف جر...إلخ لتشكيل وحدة تعبيرية كافية لإظهار ملامح المعنى المتشكل ليس عبر عصف ذهني عشوائي و إنما بعد تخطيط محكم .إن الفكر يبقى معاقا أخرسا حسب علماء اللسنيات/دي سوسور و غيره/،إذ يبقى هذا الفكر غامضا لاوجهة له ولا ملامح ليفصح عن هويته ويبقى يدور في فلك العدمية وانعدام الوجود حتى يأتي الصوت رحمة ليفرج عنه كربته ويزيح عنه لعنة الخرس. فيخرجه إلى حيز الوجود المنطوق بعدما كانت أفكارا منكمشة على ذاتها,ويصبح للفكر أخيرا وجها معلوما بعدما كان مبنيا للمجهول.في الوقت الذي نجهل فيه وجه هذا الصوت نفسه لأننا لا نستطيع تحديد هويته حسب النظام الذي يستعمل فيه.أقصد أن هذا الصوت قد يكون لغويا،موسيقياأو طبيعيا...إلخ حيث تتصادم مجموعة من الإشارات في نظام صوتي معين غالبا ما ينبثق بموازاة مع محتوى الواقع نفسه.وعندما يتفاعل جانب الفكر مع الشق الصوتي بشكل كلي،تذوب معه كل تصوراتنا،فينبثق المنتوج الأخير لفهمنا فيندرج تصورنا داخل خانة المعنى بعدما كان عدميا واعتباطيا.إن الكلمة الدالة على شيء معين هي جسد المعنى ومدلول الكلمة المعنوي هو روح الشيء ذاته.ولفهم معنى الأشياء أكثر لا بد من مقاربتها بأضدادها ومزج بعضها مع البعض كي يزدهر السياق العلائقي الذي يترتب عنه تبلور ملامح إبداع صوتي/لفظي/منطوق ليدور في منطقة الإستقبال السمعي.إن المهم في الأمر كله ليس هو تفعيل عملية تسمية الأشياء في حد ذاتها لأن ما يهمنا فعلا هو جوهر هذه الأشياء و روحها،وبعد ذلك سمها ما شئت،ما دامت التسمية نفسها تبقى مجرد قشرة من القشور قابلة لأن ترمى في سلة النسيان.يقول شيكسبير على لسان إحدى شخصياته الدرامية أنه بإمكاننا استبدالنا إسم تلك الكينونة الحية التي نسميها{وردة} بأسماء عديدة وغريبة لكنها في عمق جوهرها ستبقى هي هي تلك النبتة المتميزة بروح فوحانها وعبق عطرها الزاكي الذي يعزف سمفونية الجمال الشمي في أنوفنا.وهذا هو السبب الذي دفع ببعض علماء اللسنيات للإيمان باعتباطية الأسماء والتعلق بقيمة الأشياء و الأفعال فقط،لأن- حسب ديسوسور المستشهد به في كتاب{السيميوطيقا للمبتدئين /لمؤلفه:دانييل تشاندلير} العبرة لا تكمن في استبدال يومي لأسماء الخدم والحشم والعمال والمواطنين والأشياء ولكن العبرة تكمن في أفعالهم ووظيفتهم التي يقومون بها،وهذا هو عمق وجودهم وجوهر كينونتهم.ألا يتم التعامل مع المسجونين بالأرقام وليس بالأسماء مثلا.لأن الأسماء تبقى في آخر المطاف مثل الشعارات المرحلية تزول بزوال المستجدات وتغير القيم ،وبما انها ظاهرة صوتية فإنها سرعان ما تذهب أدراج الرياح.وهنا تطفو إشكالية العالم المفاهيمي للقيم المجردة التي تعبر عن روح الوجود و أسبقية المفهوم الذهني التصوري المجرد على الشيء ذاته و ما التسمية سوى إسقاط صوتي يقلص من درجة قلقنا الوجودي للسيطرة معنويا رمزيا على الشيء ذاته وامتلاك هويته عبر تسميته ولهذا السبب نجد بأن اللغة كصوت ومعنى تلعب بملفوظاتها دورا سحريا في تشكيل لحمة الواقع ليس المادي فقط ولكن المعنوي أيضا.وحتى لا يهرب منا خيط التماسك الذهني للتركيز على هدف الموضوع،أود التذكير بانه من الصعب بمكان إيجاد خط فاصل أو فيصل حاسم بين الشيء ومعناه داخل كلمة كون المعنى كيان روحي يتسلل من اللاشعور نحو الشعور.إسم الشيء هو عبارة عن وعاء يحتوي سائل الدلالة.الكلمة أو الإشارة اللغوية قارب يطفو على أمواج اللغة بينما معنى الكلمة ومدلولها لا يعدو كونه غواصة تفضل الإبحار في خبايا الاستعارة تحت أمواج اللغة تماما مثلما يختبئ الجزء الأكبر لجبل جليدي في الأعماق لا يفصح إلا عن نسبة قليلة من كيانه ريثما تتاح له ترجمة استراتيجية التمثلات كي يركب الجزء الأكبر للجبل اللغوي ثم ليركب قارب التبلور الاجتماعي متجاوزا بذلك عاصفة الغموض والعي والتي تتجلى في التلعثم أو غياب القدرة على التعبير.وتفاعلا مع أصوات اللغة،تتشكل النواة الأولى للفكر والتفكير لاستنطاق الرموز الصامتة و إضفاء حس المقصودية عليه وذلك بفضل الشحنة الثقافية التي تزود المدلول بطاقة المعنى الإيجابي أو السلبي وذلك حسب إمكانيات الإرادة التبليغية..في بعض الإحيان يكون الانحياز السلبي فاضحا حينما يطفح كيل الإيديولوجيا المغالطة دعونا نغوص في معادلة الألوان . فاللون الأبيض مثلا عمل الناس على ترسيخه كرمز للخير وكل شيء طاهر ونقي غير ملوث بينما الأسود لسوء حظه أو ربما لخطة عنصرية إبليسية اتفق الناس أن يجعلوه رمزا لكل ماهو شرير،قذر،قبيح،مظلم وملوث.والواقع يؤكد غير ذلك إذا نحن لاحظنا أن بؤبؤ العين الأبيض مظهره يخيف لأنه يعني الموت بينما البؤبؤ الأسود فمنظره يطمئننا لأنه يعني الحياة وهنا تبرز مفارقات اللغة الاعتباطية. اللون الأحمر يرمز إلى قيمة عالمية هو الخطر.الأخضر معناه الطبيعة،الأصفر معناه الجفاف. وفي القاموس السياسي الحديث نرى بان الأحمر يرمز إلى المد الشيوعي والأخضر إلى المد الإسلامي و الأصفر إلى المد الآسيوي الصيني.. إلخ. إن اختيار الرموز ودلالاتها لو كان جزافيا اعتباطيا لتعذرت عملية التواصل السليم و لا ستحال التفاهم المثمر إذا تعنت كل واحد لفرض نظامه اللغوي الخاص به والغير خاضع لما تعارف الناس عليه واتفقوا حوله عبر قنوات التثقيف والتربية.و يبقى الرمز فاعلا في تحقيق وظيفة التعبير والتواصل على الرغم من عدم تشابهه مع الشيء المقصود والمشار إليه.والقدرة على استعمال الرموز بشكل معقد جعل الانسان أكثر المخلوقات مرونة وفعالية تعمل على تحفيز وجوده الثقافي و إحاطته بالعجائبية الوجدانية.إن تفاصيل روح المعنى الضرورية للتواصل إنما ترقد تحت رماد المبنى الفيزيائي للكلمة والشيء.إن الصينية كلغة معقدة في تركيبتها لمن يجهلها طبعا خصوصا إذا ركزت سمعك على طريقة نطقهم بحيث لن تسمع سوى أصوات حادة سريعة في متتالية من الحروف والحركات.و قد يكون ناطقها على مستوى عال من التعبير البلاغي و السحر الجمالي المليء بالحكمة الصينية التليدة،لكن مادمنا نجهلها للأسف،فإننا سرعان ما نفقد مقود التحكم الرمزي في ذلك الكنز من المعاني المتوقعة و يستحيل الحصول عليها مادام أن وجداننا لم يستطع التواصل مع روح معانيها بحيث اكتفينا بالتجربة الفيزيائية لسماع الصوات المادية المحسوسة،فغاب عنا تأثيرها و أصبح وجداننا أمام النص الصيني المربك يتخبط مع لغز لن تفهم معناه ما دامت معرفتنا بها لغويا غائبة عن الإدراك،و يبقى سحر الكلمة فيها مؤجلا إلى أجل غير مسمى أو مدفونا إلى الأبد. إن اللغة تبقى قالبا أجوفا إذا نحن لم نجد في ذواتنا ترجيعا لأصداء المعنى:معرفي/وجداني يتردد بين ثنايانا بكل حرية ووعي. والله تعالى لن يقبل من مسلم أن يتهكم عليه عبر ترديد كلماته القرآنية المقدسة بشكل ميكانيكي آلي ببغائي و بارد الإحساس كأنه محض قرع أواني لا يغني ضجيجه في تزويد قوالب الكلام الأجوف بالمحتوى الروحي للمعنى. لأن إعجاز القرآن وجاذبيته تكمن تناغم بلاغة المبنى اللفظي مع سحر المعنى الروحي في شكل عجيب ينبثق عنها طبقات متراكمة من المعاني اللامتناهية،و لهذا السبب نجد أنه في محراب الشعور بالخشوع و استحضار عظمة الله أمام تفاهة مظاهر العالم الفاني تتجلى قدرة المؤمن العابد تقمص روح القرآن أثناء تدبر سحر الكلمات القرآنية والتفكر في معانيه للتواصل مع الله بطريقة أكثر روحانية و أقل مادية تجعله يتسامى عن مستوى الحيوانات العجماء والآلات الصماء يتبع