كما كان مقررا له منذ ما يربو عن ثلاثة أشهر ونيف، عرضت مجموعة مواهب الطلبة المسماة إختصارا فرقة (ج.ت.س) متم الأسبوع المنصرم، فيلمها السينمائي القصير الناطق باللهجة الريفية "الطالب المنحوس" المصنف ضمن أفلام الهواة، للفرجة أمام حضور وازن يتكون من طلبة وأساتذة، إلى جانب طاقم القناة الوطنية الثانية الذي حلّ بغية إعداد تقرير بخصوصه تمّ إدراجه ضمن نشرة الأخبار الرئيسية لظهيرة أمس الأربعاء، وذلك بكلية الآداب التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، كأول خروج له رسمي إلى النور، بعدما تمّ الإفراغ من مراحل إعداده في غضون الأسابيع الفارطة. "الطالب المنحوس" هو عنوان حلم "فيلم" صغير، راود مليا طلبة ينضوون تحت لواء بوتقة ثقافية طلابية ينحدر أغلب منخرطيها من أقاليم الريف، أسموها اختصارا ( ج.ت.س ) أي مجموعة مواهب الطلبة.. كبر الحلم معهم إلى أن تبلور على أرض الواقع فأضحى حقيقة يلامسونها.. وذلك بفضل ما بذلوه من مجهودات ذاتية، سعيا منهم وراء إخراج مولودهم السينمائي هذا إلى الوجود، لمعانقته الفن والإبداع في أرقى صورهما عبر شاشة التلفزيون والأضواء الكاشفة لكليشهات الفن السابع. ذات الفيلم كان مثار جدال واسع على ساحة جامعة محمد الأول بوجدة، إذ خلال فترة سابقة تمت فيها مباشرة إجراءات عملية تصوير أجزاء من مشاهده داخل الفضاء الجامعي عموما، رافقتها أحداث ضجة، كادت تداعياتها حينها أن تؤدي إلى اندلاع "أزمة" بين تنظيمات طلابية بعينها داخل أسوار الجامعة بعدما أخذت تعرف منحى خطيرا وتطورات كان من شأنها أن تؤدي على الأرجح إلى منزلق مواجهات حادة توّقع الجميع أنها على الأبواب، لولا عمل بعض هذه التنظيمات على ضبط النفس بغية تغليب صوت العقل وترجيح خيار منطق الحوار، وذلك على خلفية أن الشريط هذا يعدّ شكلا جديدا ودخيلا على الأشكال النضالية المتعارف عليها جامعيا، وباعتباره أول فيلم يصوّر داخل جامعة مغربية وبإشراف طلابي مستقل عن أي من الاتجاهات الفكرية التي ينبغي إشراكها تفيد إحدى التنظيمات المعارضة لفكرة انجاز شريط سينمائي يعنى بهموم الطالب المغربي، سيم أن كتاب السيناريو لم يطلعوهم على فحوى موضوعه مسبقا قبل البدء في إجراء التصوير، بالإضافة إلى تجاهلهم مسألة إشراك الفصائل حتى يعملوا سويا بنسق جماعي، يضيف التيار القاعدي. الأمر الذي إستدعى دخول مكوّن جامعي آخر على الخط هو الحركة الثقافية الأمازيغية، قصد تبني العمل الفني باعتباره -يقول- عملا أوطاميا يتسنى إدراجه ضمن الأشكال النضالية الأخرى ما دام يرصد معاناة الطالب المغربي بشكل نزيه ومحايد يخلو من أي أيديولوجية، علاوة عن أن الجامعة فضاء علم ودراسة وتحصيل كما هي ساحة لابراز المواهب الفنية والثقافية والإبداعية أيضا، حسب التنظيم المؤيد. وتفاديا لنشوب صراع بين جميع الأطراف المعنية عبر إنتهاج سياسة ابتلاع الأزمة التي من شأنها أن تؤدي إلى احتقان الوضع وبالتالي إنفجاره، تمّ مبدئيا عقب حلقيات نقاش مستفيضة، الإقرار حينها بخلاصة حلّ مؤقت استوجب ضرب رقابة صارمة على حيثيات سير العمل السينمائي أثناء الاشتغال عليه مع التحفظ من إبداء الرأي وإرجاء إصدار حكم مسبق بخصوصه إلى حين الحسم فيه مجددا، غداة عرضه أول مرة أمام أنظار ممثلي كافة التيارات بجامعة محمد الأول هذا واعتبر طلبة بثّ فرقة (ج.ت.س) شريط "الطالب المنحوس" رسميا أمام الطلبة نهاية الأسبوع الماضي، موقفا منسجما مع القرار الذي ألزمت به من قبل التنظيمات. فيما الى حدود الآن لم يصدر من جانبه أي طرف بلاغا أو توضيحا يقضي بمنع "الفيلم" عن الانتشار خصوصا وأن التشكيلة المشرفة على إعداده تتوخى من خلاله المشاركة في المسابقات المعنية بهذا المجال، كما يبحثون سبل إمكانية تسويقه لفائدة القناة الأمازيغية الثامنة. وحسب بعض المدعووين ممّن وجهت الجريدة إليهم السؤال عن إرتساماتهم حول الشريط، فإن "الطالب المنحوس" يستحق حسبهم ميزة "لا بأس به" بالنظر إلى محدودية إمكانيات الإشتغال عليه والتي تراوحت بين البسيطة والمنعدمة أحيانا، مضيفين أنه لقي استحسانهم، بينما آخرون لم ينل اعجابهم كما يجب، قائلين كونه لا يعدو أن يكون تجربة حميدة للطلبة القائمين عليه، ستتمخض عنها لاحقا تجربة سينمائية حقيقية أكثر حنكة وحبكة، كما صفقوا فقط تشجيعا للطاقم على مجهوده لا تنويها بمنجزهم، على حدّ تعبيرهم.