منتج سينمائي و فاعل جمعوي حسم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، واختار عبد الإله بنكيران وعينه رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيلها. ويأتي هذا القرار أيضا بمثابة إشارة ذات أهمية بالغة بالنسبة إلى عموم المغاربة، مفادها أن واقعا سياسيا جديدا بدأ يتشكل : ألا وهو استجابة السلطة العليا لقرار صناديق الاقتراع، التي اختارت عبد الإله بنكيران وحزبه لتحمل المسؤولية. و مواكبتا لهذه الجرأة والصراحة والوضوح، الدور يأتي الآن على عبد الإله بنكيران وحزبه و الأحزاب السياسية الأخرى التي ستتحالف معه من أجل تشكيل حكومة بخصائص جديدة. فالمغرب يحتاج اليوم إلى حكومة شابة، قليلة العدد، وذات فعالية في إنجاز مهامها. 1. عمر الحكومة : عموما حكومة شابة. حكومة شابة لأن الظرفية أي الاحتجاجات المتتالية كل أسبوع منذ تسعة شهور يتبناها الشباب، ولأن المغاربة أصابهم القرف من وجوه عمرت وهي تتربع على كراسي المسؤولية، والتي لا يؤرقها حال البلاد مما تخبطت فيه الأزمات، ولأن " زمن الربيع العربي " أزهر بنضالات وتضحيات الشباب. 2. الحكومة القادمة مقلصة العدد. المطلوب أيضا أن تكون الحكومة القادمة مقلصة العدد، ليس بالبد الاستجابة وترضية الأحزاب المشاركة في التحالف الحكومي، وبلادنا في غنى عن حكومة الترضيات، فضلا عن كون العدد القليل معناه ترشيد المال العام، ووقف النزيف الذي يشل الميزانية. 3. رئيس حكومة وطاقم وزاري جريء وواضح وصريح بلادنا في حاجة أيضا إلى رئيس حكومة وطاقم وزاري جريء وواضح وصريح.. حكومة توصل الحقيقة للمواطنين، وتصارح الرأي العام بحقيقة الأوضاع في البلاد، وتتخذ قراراتها بمسؤولية بعيدا عن ضغط اللوبييات، وتدافع عن قراراتها. حكومة تشارك الشعب في السراء والذراء وهذا ممكن لكون أن أغلبية الحكومة، وهو م أتمنى، هي اختيار الشعب لقي تزكية ملكه. 4. تحديات ضخمة للعدالة والتنمية والحكومة. تواجه العدالة والتنمية والحكومة التي سيقودها تحديات ضخمة، أولها حركة 20 فبراير. حيث يجب إقناع الحركة بإعطاء الحكومة الوقت حتى ترى نتائج عملها على أرض الواقع، وإعطاء الفريق الوزاري 100 يوم التي تتمتع بها الحكومات عادة ب«العفو والتسامح». ولا تخفى علينا مدى تغلغل العدل والإحسان في المسيرات التي تنظمها حركت 20 فبراير. يجب اذا إطلاع الراي العام المغربي بما تؤول إليه المفاوضات. وأيضا أمام هذه الحكومة تحديات اجتماعية واقتصادية في ظرفية صعبة طابعها العام «الأزمة». 5. الحكومة الجديدة والمسالة النقابية. ظل العمل النقابي حكرا على اليسار، إلى حدود التسعينات. حيث بدأت الحركة الإسلامية المغربية تتعاطى بإيجابية مع المسألة النقابية ، سواء من حيث الخطاب أو الممارسة. فالنقابة هي ممارسة مؤسساتية قانونية من أحل تحقيق مصالح آنية أو متوسطة المدى للقطاعات المنضوية تحت ذلك الإطار القانوني.و لها جذور تاريخية وفكرية. وتتمثل الجذور التاريخية للنقابة السياسية بالمغرب في كون العمل النقابي زمن الحماية ، اتخد طابعا سياسيا . فالعمل النقابي تم توظيفه بطريقتين متباينتين : - التوظيف الأول كان يتوجه لمناهضة سلطات الحماية. - والتوظيف الثاني لتهميش القوى السياسية الأخرى المنافسة. العمل النقابي زمن الحماية تم توظيفه لخدمة أهداف سياسية سواء على مستوى مناهضة الاستعمار أو على مستوى تهميش المنافسين السياسيين .هذا الطابع السياسي للعمل النقابي هو الذي سترثه الحركة النقابية بالمغرب بعد الاستقلال. أما الجذور الفكرية فإن أول تجربة نقابية للعمال المغاربة زمن الحماية والتي عاشوها في إطار الإتحاد العام للنقابات المتحدة بالمغرب ، تميزت بهيمنة النقابية السياسية . وكان ذلك مستساغا مادام الإتحاد العام كان مؤطرا من طرف الشيوعييين .وبالتالي ماكان سائدا هو التصور الماركسي للعمل النقابي. يقوم التصور الماركسي للعمل النقابي على فكرة مركزية : تبعية النقابة للحزب. إذ الحزب هو البوصلة التي تحدد مواقف النقابة وتوجه نضالاتها. هذا التصور الفكري الذي استند إليه الحزب الشيوعي المغربي ستقتبسه منه الأحزاب المغربية الأخرى : ابتداء من حزب الاستقلال 1955 بإنشائه U.M.T ثم بخلقه 1960 UGTM ومرورا بالإتحاد الإشتراكي بتأسيسه 1978 CDT وأخيرا وليس أخيرا حزب الحركة الوطنية الشعبية بإقامته النقابة الوطنية الشعبية.... هكذا أضحى كل حزب سياسي في المغرب يتوفر على تنظيمه النقابي . وأصبح القادة الحزبيون على مستوى العمل النقابي ''ماركسيين بدون ماركسية''. هل سيواصل اختزال العمل النقابي في بعد واحد هو البعد المطلبي الاحتجاجي وسيواصل تغييب البعد الاجتماعي ؟. فيجب التذكير هنا أن النقابة مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني لها مهمتين اثنتين : - مؤسسة لتأطير الفئات المهنية وقيادتها في نضالاتها من أجل حقوقها ومطالبها. - وهي أيضا مؤسسة لتوفير مختلف الخدمات الاجتماعية للمنخرطين فيها. وهنا أيضا يجب تكريس المبدأ المنشود للنقابة : الوضوح في المطالبة و الصدق في المغالبة. 6. الحكومة الجديدة (العدالة والتنمية) و حصيلة حكومة عباس الفاسي . كان دائما فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، كمعارضة، اعتبر أن حصيلة عمل الحكومة "دون المستوى المطلوب ". وأوضح أن الحصيلة كانت دون التحديات الجسام التي يتعين على المغرب مواجهتها، وهو على بعد زمن قصير من الانفتاح العالمي المقرر أواخر سنة 2012 : - تنافسية المغرب غير جاهزة: إن تنافسية المغرب يفترض أن تكون في هذا الموعد حتى تكون في المستوى المطلوب، وحتى لا يتراجع في مراتب التنمية البشرية، والتنافسية التجارية والاقتصادية ومناخ الأعمال ومجال الاستثمار. إن الحكومة لم تف بالالتزامات التي قطعتها على نفسها خلال التصريح الحكومي لسنة 2007، وخاصة على مستوى النمو، حيث إن معدل النمو لم يتجاوز 5 في المائة سنتي 2008 و2009، في الوقت الذي وعدت فيه الحكومة بتحقيق معدل نمو في حدود 6 في المائة خلال الفترة الممتدة من 2008 إلى 2012. وأبرز ضرورة الرفع من نسبة النمو إلى أكثر من 8 في المائة سنتي 2011 و2012، متسائلا عن العمل الذي يمكن أن تقوم به الحكومة لا سيما أنها لم تستطع تحقيق سوى نصف هذه النتيجة سنوات 2008-2010، خاصة وأن المغرب عرف خلال الفترة السابقة سنوات فلاحية استثنائية بكل المقاييس. - تراجع الاستثمار الخارجي بالمغرب بنحو 27 في المائة وعلى مستوى الاستثمارات، أكد فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب تراجع الاستثمار الخارجي بالمغرب بنحو 27 في المائة سنة 2009، بعدما تراجع بنسبة 14 في المائة سنة 2008، مضيفا أن المغرب لا يزال يفتقر لمدونة للاستثمار وقانون منظم لهذا القطاع. - مجال التنافسية والإنتاجية في صعوبة. وفي مجال التنافسية والإنتاجية، أكد فريق العدالة والتنمية أن المغرب يجد صعوبة حقيقية في تطوير قدرته الإنتاجية، وكذلك الرفع من التنافسية التصديرية، مسجلا العجز المتزايد للميزان التجاري مع الدول التي تم توقيع اتفاقيات للتبادل الحر معها. وأضاف في هذا الصدد، أن " الحكومة لم تستطع حتى الحفاظ على نفس مستوى العجز التجاري السابق بالمغرب، بل تراكم العجز، وأصبحت نسبة تغطية الصادرات للواردات في أدنى مستوياتها منذ 30 سنة ". - مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامن وفي ما يتعلق بمجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامن،أكد فريق العدالة والتنمية أن المغرب لا يزال البلد الإسلامي والعربي الوحيد الذي لم يرخص للمؤسسات المالية المستعملة للتمويلات التشاركية الإسلامية رغم دورها التنموي والاستثماري والاجتماعي الواضح، مشيرا إلى أن المخططات الجهوية للاقتصاد الاجتماعي التي وعدت بها الحكومة والتي تعتمد البرامج التعاقدية كأداة للتنفيذ، لا زالت لم ترى النور إلا في جهة الرباط. كما انتقد عدم قيام الحكومة بأي شيء يذكر بخصوص ملائمة الإطار القانوني لوحدات الاقتصاد الاجتماعي (التعاونيات والجمعيات أساسا)، رغم مرور عدة سنين على تقديم وعد بذلك. - إصلاح النظام الضريبي أكد فريق العدالة والتنمية أنه كان على الحكومة أن تضع برنامجا متكاملا لتنزيل إصلاح النظام الضريبي بالموازاة مع تنفيذ ما تعهدت به في التصريح الحكومي، مشيرا إلى أن " غياب إستراتيجية في هذا المجال كان مقرونا بغياب تام لمعالم هذا الإصلاح الذي ورد في التصريح الحكومي ولم يتم تنزيله عمليا، ولم يرد في التصريح ، بما يفيد تخلي الحكومة عنه بعد تخبطها في تنزيل مجموعة من التعديلات في الضرائب والجبايات العمومية " . من جهة أخرى، أبرز فريق العدالة والتنمية أنه إذا كانت الرؤية تتجه فعلا نحو جهوية متقدمة حقيقية تكون أساس هذا الإصلاح، فقد كان يتعين بصفة قبلية اعتماد مقاربة أو منهجية واضحة تكون إحدى أسس إصلاح المالية العمومية، لكن على الرغم من أهمية هذا الورش الوطني الكبير ، جاء التصريح الحالي متجاهلا لأية نية في اعتماد المقاربة المالية لتنزيل الجهوية المتقدمة. كما انتقد فريق العدالة والتنمية غياب قوانين إطار تضمن استمرارية الاستراتيجيات القطاعية بمعزل عن العمر الافتراضي للحكومات لتمكين المؤسسة التشريعية من دورها في مراقبتها، وكذا غياب مخطط وطني تنتظم فيه هاته الاستراتيجيات بما يكفل لها التنافس المطلوب. من جانب آخر، أكد فريق العدالة والتنمية أن التصريح جاء ضعيفا في بيان ما حققته الحكومة للنهوض بالهوية الدينية وتجديد إشعاعها وتحقيق الانسجام بين مقتضياتها وبين مجموع السياسات الثقافية والإعلامية والفنية والتعليمية المتبعة في البلاد. الواقع الآني بالأرقام: • تشكل نسبة 6°/° العجز من الناتج المحلي، ويطمح الحزب إيصاله إلى 4°/°. • تشكل نسبة 4°/° متوسط نمو اقتصاد البلاد سنويا، وهذا الرقم غير كاف لتخفيض نسبة البطالة التي هي 9°/° وفي صفوف الأقل من 34 سنة تصل إلى34.4 °/°. • أوروبا أكبر شريك اقتصادي للمغرب حيث تشكل نسبة الصادرات نحوها ب70°/° وهي أكبر مستثمر حيث أن فرنسا لوحدها يصل مجمل استثمارها 14 مليار أورو، واوروبا هي اكبر مساهم السياحة التي تشكل نسبة 10°/° من حجم الاقتصاد. • تشكل تحويلات الجالية (2مليون) في أوروربا حوالي 8°/° من الناتج المحلي للمغرب. إن ارتفاع أسعار النفط و تنامي أزمت منطقة اليورو وعدم استقرار الاقتصاد الأوروبي والمطالب الشعبية يبدو الاستحالة للتصدي لها بالموارد الحالية. فخطة الحزب التي تصبو إلى توفير ما لا يقل عن 3000 منصب سنويا يتطلب نموا اقتصادي يفوق 6°/°. كما أن الحزب لا ينوي خفض مساهمة صندوق المقاصة. إن محاربة الفساد الاقتصادي سيمكن المغرب من توفير أكثر من 20 مليار درهم سنويا، وكذلك ترشيد النفقات سيعود بالخير على صناديق الخزينة. وتخفيض الضرائب الجبائية وتعميمها سيمكن من ضخ مقادير لا يستهان بها من الأموال في صناديق الخزينة. فالطريقة التي نهجتها الحكومة التركية الحالية خير دليل على ذالك ولا شيء يمنع من ذلك في تفعيله في المغرب. إن التفاتة الحكومة المقبلة للجانب الإعلامي، وترشيده سيمكنها من تثمين شتى الأعمال المنوطة بها. ويجب تبنى الصناعة السمعية البصرية لكي ستساهم بشكل فعال في تخليق الحيات العامة الذي هو عماد المجتمع المتكامل.