قالت منظمة الدفاع عن حقوق الانسان " هيومن رايتس ووتش " أمس أنه ينبغي على المغرب أن يكف عن التدخل في حق مواطنيه في إعطاء أسماء أمازيغية لأبنائهم ، مشيرة إلا أن العديد من المغاربة المقيمين بمدن وقرى المملكة وفي خارج الوطن، والذين اختاروا أسماء أمازيغية لمواليدهم، ووجهوا برفض مكاتب الحالة المدنية المحلية تسجيل تلك الأسماء. وسبق ل هيومن رايتس ووتش أن راسلت وزير الداخلية السيد شكيب بنموسى، بتاريخ 16 يونيو 2009، تفصل فيها خمس حالات من هذا القبيل، وتطلب تفسيرا لذلك، لكن لم يصل إليها أي رد. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "لقد اتخذ المغرب خطوات للاعتراف بالحقوق الثقافية الأمازيغية"، مضيفة: "وهو يحتاج الآن إلى توسيع نطاق هذا الاعتراف ليشمل حق الوالدين في اختيار اسم طفلهما". وينص قانون الحالة المدنية المغربي على أن الاسم الأول يجب أن يكون ذا "طابع مغربي". وعلى ما يبدو فإن المسؤولين المحليين يفسرون هذا الشرط بأنه يعني الأسماء "العربية-الإسلامية"، ويمنح القانون للآباء الحق في استئناف الرفض أمام المحكمة أو اللجنة العليا للحالة المدنية. وعلى مر السنين، نظرت اللجنة في عشرات من الأسماء الأمازيغية، والأوروبية، وغيرها من الأسماء غير العربية-الإسلامية، وقبلت البعض ورفضت البعض الآخر. وفي رسالتها إلى وزير الداخلية شكيب بنموسى ، كشفت "هيومن رايتس ووتش" عن خمس قضايا موثقة تشمل كلا من المقيمين في المغرب أو المهاجرين الذين يعيشون في الخارج، أسفرت في النهاية عن انتصار الوالدين. لكنهم لم ينجحوا إلا بعد تأخيرات بيروقراطية وطعون مطولة، وأحيانا تحملوا أسئلة عدائية أو مهينة من طرف موظفي الحالة المدنية المغربية وافتقاد الأمن لأن الأطفال حديثي الولادة ظلوا بلا هوية قانونية لعدة شهور. وقالت سارة ليا ويتسن: "نحن سعداء بأن هؤلاء الآباء والأمهات انتصروا، ولكن لا ينبغي أن يكون الزوجان مضطرين للصراع ضد حكومتهم، خاصة في هذا الوقت من حياتهم، لكي يكونوا قادرين على تسمية طفلهما". وفي 26 غشت الماضي، وافقت المحكمة الإبتدائية بتهالة (إقليمتازة) على اسم أمازيغي، في حالة سادسة، والسماح للسيد عبد الله بوشناوي والسيدة جميلة عراش، بأن يطلقا على ابنتهما البالغة من العمر خمسة أشهر اسم "تيريزي"، الذي يعني "القمر" في اللغة الأمازيغية. ولم يأت النصر إلا بعد أن عاش الزوجان، اللذان يقيمان في جماعة زراردة بالأطلس المتوسط، عدة شهور من عدم اليقين. وبالنسبة للزوج السابع، فإن عدم اليقين لا يزال مستمرا. ففي 11 مارس ، ذهب رشيد مبروكي إلى مكتب الحالة المدنية بمقاطعة السعادة في مدينة مراكش لتسجيل ابنته البالغة من العمر يومان تحت اسم "كايا". وقال السيد مبروكي ل هيومن رايتس ووتش إن الموظف المناوب رفض قبول الاسم، معتبراً أنه "ليس مغربيا". فذهب السيد مبروكي إلى مكتب الحالة المدنية بعمالة المدينة، فقط ليُقال له نفس الشيء. ولما أوضح أن اسم "كايا" أمازيغي وبالتالي مغربي، استمر الموظف المناوب في رفضه، وصرخ "أنتم الأمازيغ كلكم متعصبون"حسب قول مبروكي. ورفع السيد مبروكي وزوجته لوسيل زروست، وهي فرنسية ، دعوى لدى المحكمة الإدارية، حيث لا تزال القضية معلقة. "كايا" اسم أمير بربري قديم. قد يواجه والدا الطفل الذي رفض مكتب الحالة المدنية تسجيله صعوبات عند التقدم بطلب الحصول على جواز سفر للطفل، وتعويض التأمين الطبي، أو غيرها من الخدمات. والآباء الذين يصرون على مطالبة الحكومة بتسجيل الأسماء الأمازيغية يميلون إلى أن يكونوا من الأمازيغ الناشطين سياسيا. يقولون إنه في مقابل كل زوجين مثلهم، هناك آخرون ممن يتجنبون إعطاء أبنائهم أسماء أمازيغية، خوفا من الرفض المهين من طرف المسؤولين المحليين، تعقبه مشاكل إدارية. ويوجد اليوم أكبر تجمعين سكانيين للأمازيغ في المغرب والجزائر، حيث ينخرط بعضهم في المطالبة بالحقوق الثقافية واللغوية والسياسية. وفي عام 2001، أنشأ ملك المغرب محمد السادس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وبدأ برنامجاً لتدريس اللغة الأمازيغية في المدارس. وصرح العديد من المغاربة ذو الأصول أمازيغية ل هيومن رايتس ووتش أن موظفي الحالة المدنية، عندما ترد عليهم أسماء غير مألوفة، يسترشدون بقوائم تُعد دورياً من قِبل اللجنة العليا للحالة المدنية. هذه القوائم تشمل عشرات من الأسماء غير العربية-الإسلامية، يحمل كل واحد علامة "مقبول" أو "مرفوض". ولدى ى هيومن رايتس ووتش نسخ من بعض هذه القوائم. ووفقا للقانون، تتكون اللجنة العليا للحالة المدنية من ممثلين عن وزارتي الداخلية والعدل والمؤرخ الرسمي للمملكة. والفقه القانوني الدولي يدعم حرية اختيار الأسماء. وقضت لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان في قضية عام 1994 "كويريل وآخرون ضد هولندا" قائلة، "المادة 17 [من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية] تنص، من بين أمور أخرى، على أنه لا يجوز تعريض أي شخص، على نحو تعسفي أو غير قانوني، تدخل في خصوصياته أو شؤون أسرته أو بيته أو مراسلاته. وتعتبر اللجنة فكرة الخصوصية عائدة على دائرة حياة المرء التي يمكنه داخلها التعبير عن هويته بحرية ... [وهذا] يشمل الحماية من التدخل التعسفي أو غير القانوني في الحق في اختيار وتغيير المرء لاسمه الخاص". وقالت سارة ليا ويتسن: "ما دام الاسم ليس مهيناً أو بغيضاً أو ضاراً بمصالح الطفل، فليس من شأن السلطات تقييد حق الآباء في اتخاذ هذا الإختيار الشخصي جدّاً - لاسيما عندما يأخذ هذا القيد شكلاً من أشكال التمييز العرقي".