نظمت الأمانة العامة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة تازةالحسيمة تاونات جرسيف، يوم الأحد 26/12/2010 بفضاء ميرادور بالحسيمة، لقاء دراسيا تضمن عرضين: الأول ألقاه الأخ محمد الحموتي الأمين العام الجهوي حول الوضع الحزبي العام بجهة تازةالحسيمة تاونات؛ والثاني ألقاه الأستاذ د.محمد لعرج حول قانوني الانتخابات والأحزاب. وقد عرف اللقاء حضورا مكثفا، كما ونوعا، ولقي نجاحا تنظيميا وسياسيا كبيرا ومهما. وقد تميز هذا اللقاء، الذي أداره الأخ سعيد الغزواني، بمداخلة الأخ محمد الحموتي الذي أوضح أن هذا اللقاء ينضوي ضمن سلسلة اللقاءات التي أوصت بها الكتابة الوطنية للحزب، وهي لقاءات تستهدف التواصل أكثر بين الأمانات الإقليمية على مستوى الجهة لأجل وضع الأصبع على مكامن الخلل والثغرات التي تقف حائلا أمام المساهمة الفعالة والبناءة في تخليق الحياة السياسية وتشييد مجتمع ديمقراطي وحداثي. مشيرا إلى أن تنظيم الحزب، بعد مرور سنة ونصف على الانتخابات الجماعية، لم يرق بعد إلى الطموح الذي كان يحذو الجميع، ورغم الجهود المبذولة، من قبل كافة أطرنا ومنتخبينا ومناضلينا، إلا أن الحصيلة لا تزال جد متواضعة. الشيء الذي أرجعه إلى سيادة ثقافة سياسية موروثة متشبعة بالكسل على مستوى الأداء الحزبي؛ مضيفا أن المشروع السياسي للبام كان قد جاء لأجل القطع مع هذا النوع من الممارسة السياسية البالية، لكنه ما يزال في بداية نشأته يصارع لأجل إضفاء دينامية على الهيكلة التنظيمية للحزب، ولئن كان حزبنا يقول قد حقق قفزة مهمة على هذا المستوى من حيث التنظير، فإن نتائج الممارسة اليومية تفيد وتقر بضرورة بذل جهود أوفر في هذا الإطار. وتبعا لذلك، أفاد السيد الأمين العام أن الحزب مقبل، خلال ما سيأتي، على اتخاذ إجراءات وقرارات هامة وحاسمة، منها ما يرتبط باقتراح معايير محددة لأجل انتقاء مرشحي حزب الأصالة والمعاصرة، ودعا في ذات السياق إلى ضرورة ارتباط مرشحي الحزب أكثر من أي وقت مضى بالتمثيل الحقيقي للمواطنين على مستوى القبة التشريعية، بحيث يفترض فيهم القيام بواجباتهم أحسن قيام؛ وناشد الأمناء الإقليميين على صعيد الجهة للعمل على مزيد من الضبط وتحمل المسؤولية وفق دفتر تحملات واضح حتى لا نسقط في الممارسات الموروثة والعتيقة. خالصا، في الأخير، إلى أن جهة تازةالحسيمة تاونات جرسيف تعد من أفقر الجهات على مستوى المملكة، لذلك، يردف، فإن العمل الذي ينتظر الحزب كبير جدا، إذ يجب أن تصب جهودنا على إعداد برامج تنموية شاملة ومهيكلة يمكنها أن تعود بالنفع العميم على كافة أبناء هذه الجهة الغالية. أما الأستاذ محمد لعرج، فقد اعتبر هذا اللقاء الجهوي فرصة سانحة وأرضية لفتح نقاش ديمقراطي وشفاف مع أطر وفعاليات ومناضلي الجهة حول قانوني الانتخابات والأحزاب، وبالتالي تقريب وجهات النظر المختلفة ومن ثم تقديم الاقتراحات المطلوبة. وابتدأ عرضه بطرح التساؤل التالي: هل قانون الانتخابات الحالي يساير طموحات مواطن اليوم وهل يكرس الديمقراطية التمثيلية؟ وهل حان الوقت لأجل إعادة النظر في مدونة الانتخابات الحالية؟ ليوضح أن مدونة الانتخابات التي صدرت في 2 أبريل 1997، وأدخلت عليها تعديلات مهمة فيما بعد، ما تزال تشوبها عدة ثغرات ونقائص تستدعي تكثيف النقاش حولها لتشذيبها. مشيرا إلى أن المدونة تتضمن أكثر من 300 مادة، لكن النقاط/المسائل التي تثير النقاش أكثر يمكن إيجازها في: أسلوب الاقتراع والتقطيع الانتخابي. معرجا على كون مدونة الانتخابات تقر بإلزامية التسجيل في اللوائح الانتخابية لكنها لا تلزم الناخب بالتصويت، كما أن الانتخاب يعد حقا للمواطن وليس واجبا مفروضا عليه، إضافة إلى أن التصويت حق شخصي وسري يستلزم حضور الشخص إلى صناديق الاقتراع، علما أن العديد من الدول شرعت في التصويت بالإنابة والمراسلة واستخدام البريد الإلكتروني وتوكيل الآخرين. وأشار المحاضر أيضا إلى أن مدونة الانتخابات بالرغم من تبسيط الإجراءات والمساطر التي وفرتها، فإن الإجراءات المرتبطة بتحضير عملية الاقتراع من قبيل: إعداد اللوائح ومراجعتها وعملية الترشيح والحملة الانتخابية تحتاج إلى توفير شروط أساسية ودقيقة، لأنه ليس من الممكن ضبط العملية الانتخابية والنتائج التي تسفر عنها بدون ضبط للوائح الانتخابية بما يجعلها محايدة ومستقلة عن وصاية وزارة الداخلية. مبينا، في هذا السياق، أن التقطيع الانتخابي ليس مجرد عملية تقنية خالصة، لذلك غدا من المطلوب إعادة النظر في الصلاحيات التي تخول في هذا الإطار لوزارة الداخلية، مع التشديد على وضع معايير محددة حتى لا يأتي دائما بصورة فجائية مثل مراعاة التوازن الديمغرافي. وبخصوص أسلوب الاقتراع، أبرز الأستاذ لعرج أن كل أسلوب انتخابي يتضمن وجهان: إيجابي وسلبي، فأسلوب الاقتراع الفردي يعمد إلى تقسيم الأقاليم إلى وحدات صغرى وله علاقة مباشرة بالساكنة، ويخلص من معضلة التزكيات، لكن هذا الأسلوب لا يكون مبنيا على أساس برامج حزبية بل على الولاءات والعلاقات الشخصية وبالتالي يساهم في بلقنة المشهد السياسي، ومع ذلك هناك الكثير ممن يعتقدون بأنه الأسلوب الملائم للمواطن المغربي. أما أسلوب الاقتراع اللائحي فيعتمد على البرامج الحزبية وليس على الأشخاص ويساعد على القطبية الحزبية، لكن ثمة اعتقادا بأن هذا الأسلوب لم يفض إلى ما هو مرغوب فيه، خاصة وأنه يزيد من تفريخ الأحزاب السياسية ويساهم في تزايد العزوف عن المشاركة السياسية. من جانب آخر، أكد المتدخل على أن المغرب أقر التعددية الحزبية منذ الاستقلال، إلا أن التطورات اللاحقة أدت إلى تضخم الأحزاب السياسية وبالتالي بلقنة المشهد السياسي. مختتما تدخله بالحديث عن ضرورة عقلنة المشهد السياسي، ومومئا إلى منع المغرب للأحزاب السياسية الجهوية، مع تمنيه بأن يتم التعجيل بإرساء جهوية موسعة/متقدمة والتي رأى أنها ستكون فاتحة عهد جديد لتأسيس أحزاب جهوية.