رغم احترامنا لهيئة الأطباء، و لمهنة الطب التي نعتبرها مهمة انسانية نبيلة قبل أن تكون وظيفة تضمن العيش و الكفاف لحاملها، فإني و كثير من الناس مثلي يستغربون من سوء تعاطي أغلب المصحات الخاصة مع المرضى الذين يرتادونها طلبا للعلاج. إن أغلبيتنا يكون قد عايش أو عاين الغلاء الذي تفرضه المصحات.. و هو في جميع الأحوال غلاء يتجاوز الوصف و المنطق و الحدود.. أثمنة خيالية لا تسمع عنها حتى في مصحات الدول الأوروبية.. تعامل مبني على الربح المادي أكثر مما هو مبني على إنقاذ أو علاج أرواح بشرية.. حقا، إني لا أود استعمال مصطلح "جميع المصحات" تجنبا لأي ظلم قد أُلحِقه بإحداها عن غير قصد.. و لكن أغلب ما عاينته و عاينه العديد من الأهل و الأصدقاء يحيل على تشكل انطباع سيء لدى المواطنين حول مصحاتنا المنتشرة في ربوع المدينة. إن مهنة الطب أيها الأحبة هي أنبل و أعرق و أعظم بكثير من مجرد مبالغ مالية تودَع في حسابات مصحاتنا.. فكلنا على علم تام بالأوضاع الكارثية لمستشفانا الإقليمي الذي طالما نددنا بما يعرفه من فساد و اختلالات. و لهذا، فالعديد من المواطنين يتوجهون للعلاج صوب إحدى المصحات آملين أن يجدوا ظروفا أحسن و امكانيات أفضل.. و لكنهم في آخر المطاف يصطدمون بفواتير تفوق الخيال مما اضطر معه الكثير من البسطاء و محدودي الدخل إلى بيع أثاثات بيوتهم أو الاقتراض من أجل تسديد ما فُرض عليهم. إن أملنا أن تعي هذه المصحات أن أغلب مرتفقيها هم من الطبقة الفقيرة أو المتوسطة، و أن عليها إعادة النظر في مسألة تحديد أسعار خدماتها.. فلا يجب في أي حال من الأحوال أن يكون الاستشفاء داخلها بمثابة مغامرة أولها طلب للعلاج و آخرها شيك بدون رصيد قد يودي بصاحبه إلى السجن. مرة أخرى، نوجه نداء الانسانية إلى أرباب المصحات: قليلا من المرونة يرحمكم الله.. فالمواطنون لم يعودوا يستطيعون مع فواتيركم صبرا..