يعاني قطاع الانعاش العقاري بالناظور من ازمة خانقة هي اشد حدة مقارنة باقاليم اخرى بالمملكة ، ويعد هذا القطاع العصب الرئيسي في الاقتصاد المحلي من ناحية مساهمته في الناتج المحلي في غياب قطاعات انتاجية مهمة كالصناعة والسياحة والفلاحة التي بدات تنمو خلال الخمس سنوات الاخيرة لكن دون ان تصل الى المستوى المطلوب في غياب استراتيجية واضحة لنوعية المنتوجات ولمحدودية المساحات المزروعة واعتماد جزء كبير منها على العوامل المناخية وغيرها من المشاكل الادارية للقطاع التي سنعود اليها في مقال لاحق بحول الله. ويرتبط قطاع العقار بعدد من المهن والحرف ارتباطا شديدا مما ادخل هذه الاخيرة بدورها في دائرة الركود مثل تجارة بيع مواد البناء والتشطيب وقطاعات التوزيع المرتبطة بهما ، وكذلك مهن حرة مثل الهندسة والمسح الطبوغرافي والتوثيق ...ولعل موسم الصيف الفارط ابان عن حجم الازمة التي يعاني منها القطاع بتسجيله ادنى مستويات المبيعات منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود قبل انطلاق انتعاش الحركة العقارية مع منتصف الثمانينيات من القرن الماضي . وفي غياب احصائيات رسمية او تحليل دقيق لمؤسسة علمية مختصة في الموضوع ، يرى المراقبون والمتتبعون للشان الاقتصادي المحلي عدة عوامل متشابكة تتفاعل لتنتج هذا الواقع منها ما هو مستورد اقليميا كالازمة الاقتصادية العاملية المؤثرة في دول الجوار الاروبي حيث زبائن هذا القطاع من الجالية ، ومنها عوامل محلية صرفة مختلفة بين بيروقراطية ادارية وتصاميم متخلفة عن الواقع وغير منطقية ووعاء عقاري مفقود يزيد في ثمن المنتوج او يجعله في ايدي بعض المحتكرين ، وغياب مبادرات الدولة او اية شراكة لها مع القطاع الخاص ، وعدم تنفيذ سياسات القرب والشباك الوحيد ، ناهيك عن ضعف البنية التحتية ، وانعدام جاذبية الاقليم الذي اصبح يصدر رؤوس الاموال نحو اقاليم اخرى ، ولا ننسى ضعف القدرة الشرائية المحلية وعدم قدرة كتلة الموظفين على الاستثمار في شراء عقارات لان اغلبهم من فئة الموظفين المتوسطي الدخل لغياب ادارات جهوية تشغل الاطر العليا لان مراكز القرار والادارات الجهوية توجد كلها خارج الاقليم ، فاحيانا كتلة اجور الموظفين تخلق رواجا تجاريا محليا مهما كحال مدينة وجدة مثلا. كما ان عدم انتظام القطاع ومروره لعقود لمنطق عدم الهيكلة وانتشار العشوائية وعدم خضوع السوق للمعايير الاقتصادية من عرض وطلب ادى بلا شك الى الكثير من الاضرار نتيجة حدوث تضخم مبالغ فيه مستفيدا من سيولة القطاعات السوداء كالتهريب بكل اشكاله ، وهي وضعية لم يستفد منها القطاع العقاري او الاقتصاد الناظوري بقدر ما استفاد منها بعض المحتكرين فقط ، وحتى عقلية المشتغل بالميدان لم تتطور وبقيت رهينة سلوكات اغلبها غير منطقية في الوقت الذي كانت المدن الاخرى تعرف انتظاما وتدخلا للادارة لاحداث اقطاب ومدن جديدة وفرض منتوجات متنوعة وانجاز شراكات للدولة مع القطاع الخاص من خلال فتح وعائها العقاري للاستثمار في مجال السكن الاجتماعي والاقتصادي واحداث بنيات تحتية متطورة لتوفير مناخ جيد للاستثمار والعيش وكذلك تسويق المدن بالاشهار كوجهات مهمة لنمط معين من الاعمال قد يكون سياحة او استشفاء او خدمات .... واليوم اكيد ان القطاع العقاري باقليم الناظورفي ورطة كبيرة ، والمؤكد ان الخروج منها ليس في متناول يد المنعش العقاري لوحده ، فعلى الدولة اولا ان تتدخل لامتصاص المؤثرات السلبية المستعجلة التي لاتحتاج الا لقرارات بسيطة لكنها ستكون مؤثرة من قبيل توسيع نطاق تصاميم التهيئة الحضرية وتوحيدها وخلق مرونة خاصة بها ، والاسراع في انجاز البنيات التحتية الجذابة كمشروع تهيئة كورنيش الناظور ، واطلاق شباك وحيد حقيقي وانجاز دراسة اقتصادية واقعية وشفافة عن اقتصاد الاقليم ، والعمل على تشجيع الجالية على الاستثمار في قطاع السكن ومنحها امتيازات واعفاءات عن ذلك ..وفتح الوعاء العقاري للدولة لعمليات الاستثمار المربح للطرفين بدل ان تطاله العشوائية وسوء التدبير او الاحتكار ..والمطلوب من الابناك ان تكون استثمارية قبل ان تفكر في جمع الودائع وان تنجز شراكات تضمنها الدولة ..وبخلاصة المطلوب حلحلة للوضع الجامد بتدخل الدولة وابناء القطاع ولا ننسى المنتخبين بمناسبة الانتخابات التشريعية الاخيرة فهذه من صميم اختصاصاتهم فهل من مبادرات ؟؟