حل، إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، بعد زوال يوم الجمعة 9 شتنبر الجاري، ضيفا على الملتقى الدبلوماسي للمؤسسة الدبلوماسية La fondation diplomatique بالرباط، المنظم تحت شعار "المعارضة: حقوق وممارسة ديمقراطية". اللقاء شكل مناسبة أجاب فيها الأمين العام للحزب عن تساؤلات القيمين على المؤسسة المنظمة للنشاط من جهة وكذا بعض السيدات والسادة السفيرات والسفراء الذين طرحوا بدورهم أسئلة تهم على الخصوص واقع المشهد المغربي سياسيا واقتصاديا وحضور حزب الأصالة والمعاصرة في الحياة الحزبية وآفاق انتخابات 7 أكتوبر ومضامين المشروع الانتخابي للحزب وغيرها من المواضيع ذات الصلة. إلياس العماري، وبعد أن رحب بالحضور، خاصة بالسفراء الملتحقين حديثا بالمغرب، اعتبر أن هؤلاء قد حلوا ببلد معطاء وشعبه طيب هو مزيج من الثقافات العريقة ويتمازج فيه: الأمازيغي والعربي والمتوسطي والإفريقي.. بلد هو الوحيد في شمال إفريقيا الذي استطاع أن يصنع الوحدة، أنجز الكثير من الأشياء وعازم على إنجاز أشياء أخرى في المستقبل، وهو بوابة إفريقيا ويعتبر كل أبناء القارة الإفريقية أبناءه بحكم التاريخ والجغرافيا. - ظاهرة غياب البرلمانيين بين الموضوعي وما هو غير مبرر وفي معرض جوابه على أول تساؤل مطروح في هذا اللقاء يهم غياب البرلمانيين، أوضح العماري أن الظاهرة ومع وجود نقاش حاد بشأنها خارج المؤسسة البرلمانية، ظاهرة مؤسفة تكتنفها عدة اعتبارات منها ما هو موضوعي والآخر غير مبرر، فمن حيث الشق الموضوعي فالبرلماني في بلادنا لا تمنح له إمكانية التفرغ وأغلب ممثلي الأمة يزاولون مهام أخرى وهم أيضا منتخبون على المستوى الجماعي (رؤساء جماعات، أو أعضاء مكلفين بمهام تدبيرية يومية)، والالتحاق بالبرلمان يتطلب إقامة شبه دائمة في الرباط على اعتبار أن 60 في المائة من البرلمانيين يأتون من مناطق بعيدة، ورحلة الذهاب والإياب من وإلى الرباط تتطلب وقتا طويلا، والإقامة في الرباط تعني أن يكون البرلماني متفرغا. ولتجاوز هذا العائق الموضوعي سيتقدم حزب الأصالة والمعاصرة بمقترح قانون يهم عدم الجمع بين البرلماني ورئيس جماعة. أما الشرط غير الموضوعي، فهو عبارة عن عذر غير مقبول ويهم 40 في المائة من البرلمانيين الذين لديهم أعمال أخرى: تجارة، التعليم الجامعي، الطب في القطاع الخاص، هؤلاء يفضلون في الكثير أو البعض أو القليل من الأحيان ممارسة مهامهم على حساب الحضور إلى البرلمان، هذا الموضوع، يقول العماري، يجب إيجاد الحل له لأنه لا يمكن منع الناس من مزاولة مهامهم وذلك بالنظر إلى أن المسألة تتطلب تعويضات كبيرة تعجز الدولة عن أداءها، ويجب بالتالي البحث عن طريقة لإيجاد الحلول لهذه المعضلة، وحزب الأصالة والمعاصرة من جانبه مستعد للإسهام في إيجاد الحل. - لهذه الأسباب وضعية التعليم "مخيفة" في بلادنا يرى إلياس العماري أن الوضعية المخيفة التي وصل إليها حال التعليم ببلادنا، مرده كوننا لا نسعى لربط الشغل بالتكوين والتطور كما أننا لا نملك الشجاعة السياسية لنعلن عن الخيار الاستراتيجي فيما يخص لغة التدريس وموضوع الدرس، كما أن بنيات الاستقبال ضعيفة جدا وهذا مرتبط بالإمكانيات المرصودة لقطاع التعليم، إضافة إلى أن وضعية البحث العلمي في بلادنا لا تعرف أي تطور منذ الاستقلال. - مقترحات البام للنهوض بقطاع التعليم وللخروج من هذه الوضعية، وفي حال تصدر البام للانتخابات المقبلة، يقول العماري أن الحزب سيتقدم بالتنزيل العملي للخلاصات الأخيرة التي خرج بها المجلس الأعلى للتربية والتعليم بعدما استمع هذا الأخير إلى مختلف التعبيرات مع التأكيد على التشبث بالهوية المغربية وثقافتها والانفتاح على اللغات الحية، كما أنه يجب الرفع من الميزانية المخصصة لفائدة البحث العلمي بنسبة معقولة، مع ترشيد الإمكانيات المتوفرة ماديا ولوجيستيكيا لإنشاء بنية استقبالية في مستوى الطلب، وكذا عقلنة الموارد وحسن ترشيدها والحرص مستقبلا على تنظيم وتحديث وخلق إدارة رقمية تمكن من المراقبة عن بعد وستوفر تكاليف مهمة يمكن تصريفها في مشاريع ذات نفع عام. ويؤكد الأمين العام أيضا أن الحزب سيعمل من خلال الشركاء الوطنيين والأجانب الذين يهمهم الاستثمار في المجال، وفتح أبواب المدرسة العمومية المجانية لمن يستحق مع تشجيع التعليم الخاص وفق الإمكانيات المتاحة داخل الوطن، دون إغفال تشجيع مدارس ما قبل سن التمدرس. - لماذا فشل إصلاح صندوق المقاصة وصندوق التقاعد؟ يرى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة أنه ليس ضد عملية الإصلاح، ولكن ما يؤاخذ عليه الحكومة بخصوص هذه العملية التي تحيل على إنتاج السياسات العمومية، هي أنها لا يمكن أن تتم دون إشراك المستهدفين منها، فمثلا إذا كان صندوق التقاعد يهم فئة الموظفات والموظفين فإن هؤلاء لم يشاركوا نهائيا في إنتاج الحلول لإشكالية تهمهم، فكيف نطلب من المستهدف أن يقبل شيئا لم يكن أصلا مشاركا فيه؟ يتساءل العماري. موضوع التقاعد ليس مرتبطا بالجرأة وليس متعلقا بالشجاعة أو غير مقبول، ولكن الإشكال مرتبط بطريقة الإخراج وتغييب فكرة "الموظف الشريك". نفس الشيء بالنسبة لصندوق المقاصة، حيث الحديث يتم فقط عن تحرير المواد البترولية وليس عن السكر والزيت وغيرهما، صحيح أن التحرير إيجابي لأن فاتورة البترول غير مرتفعة، ينوه العماري، ولكن في حالة ارتفاعها هل سنستمر في التحرير؟، هل سيتمكن المواطن البسيط (سائق سيارة أجرة على سبيل المثال) من اقتناء البنزين بثمن باهض ويقدم خدمة بأرخص الأثمنة؟، هل سندعم أصحاب النقل العمومي والبضائع باعتبار أهمية وحساسية القطاع في العجلة الاقتصادية والتنموية. "معالجة إشكالية صندوق المقاصة لا يجب أن تخضع لمنطق الأغلبية والمعارضة، وذلك لأنها تستهدف بالدرجة الأولى استقرار البلد ولا تستهدف استقرار فئة في هذا البلد"، يؤكد العماري، ويضيف أن مقاربة البام لهذا الموضوع تأخذ بعين الاعتبار كم من المغاربة يستحقون الاستفادة فيما يتعلق بالدعم الموجه للمواد الأساسية، لأن الملاحظ اليوم هو أن هذا الدعم لا يميز بين غني وبين فقير بسيط لا يملك حتى خيمة يسكن تحت سقفها. ولم يفت الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة التنويه ببعض التجارب الرائدة فيما يخص إصلاح صندوق المقاصة (الهند..) التي عملت على رقمنة إدارتها حتى يمكنها بذلك معرفة كل أحوال المواطنين، معرفة من المستهدف، ومعرفة الإمكانيات المتاحة لتمكين المستهدفين، رقمنة من شأنها القضاء على مظاهر الفساد وباقي أوجه الاختلال. - الكركرات ليس مشكلا بين المغرب وموريتانيا بل هو عنوان لموت كان بطيئا في الماضي واليوم أصبح سريعا شدد إلياس العماري بخصوص ما أثير أخيرا حول حراك غير عادي شهدته منطقة الكركرات المغربية، أن المغرب كان سباقا لإثارة انتباه المجتمع الدولي إلى معضلة تعد من أخطر الأمور التي تهدد الاستقرار والأمن، ويتعلق الأمر بتحالف ثلاثي تجار المخدرات والأسلحة والإرهاب، والمغرب نبه أكثر من مرة لما يحدث ليس في "الكركرات" فقط ولكن في كل الساحل كأراضي شاسعة غير مراقبة بشكل كامل ونقطة تلاقي هذه العصابات وسوق ناجح لما تعرفه المنطقة من عدم الاستقرار، وبالتالي يجب إدراك خطورة ما يحدث بالمنطقة ككل وليس التعامل مع الأشياء بمنطق الحدود الضيقة. ويضيف العماري أن المصالح الثنائية والمكاسب النفعية المرحلية لا يمكن أن تشكل عائقا في التصدي لثلاثي الموت: الإرهاب، السلاح والمخدرات، معتبرا أن ما حدث في الكركرات ليس مشكلا بين المغرب وموريتانيا بل هو عنوان لموت كان بطيئا في الماضي واليوم أصبح سريعا. - رئاسة الحكومة بين النظام الدستوري والقانون الأساسي للبام يرى العماري أن اختيار رئيس الحكومة على مستوى حزب الأصالة والمعاصرة ليس قرارا فرديا يخص الأمين العام بل هو قرار جماعي يتخذ على مستوى المكتب السياسي والمكتب الفيدرالي. أما العائق الدستوري فيتمثل في كون اختيار رئيس الحكومة مرتبط باختيار جلالة الملك، للحزب باب الاقتراح، وللملك الحق دستوريا في قبول أو رفض المقترح. - انخراط المغاربة في الإسلام ديني وليس ثقافي أو حضاري "المغرب بلد مسلم وليس إسلاميا" يقول الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ولفظة إسلامي لا وجود لها في القرآن أو السنة بل هي قراءة خاصة أو تأويل معين للإسلام. المغرب عاش الديانات السماوية الثلاث واستوعب كل الحضارات ولكنه لم يُستوعب يوما ما، وعلى سبيل المثال الدولة المسلمة تشكلت في المغرب من طرف المولى إدريس الأول الذي كان معارضا لخلافة الشرق في بغداد، وانخراط المغاربة في الإسلام كان دينيا وليس ثقافيا أو حضاريا. واسترسل العماري في شرح الحيثيات التاريخية التي رافقت ظهور ما يسمى اليوم بالإسلام السياسي والتي كانت لها تداعيات تدفع اليوم ثمنها العديد من الأقطار: سوريا، ليبيا، اليمن... - بتوظيف ما عندنا من طاقات وإمكانيات سنصل إلى مغرب أكثر تطورا ذكر إلياس العماري أن تمظهرات الأزمة اليوم في بلادنا تتجلى في كون المديونية وصلت إلى أرقام خيالية (815 مليار درهم)، والبطالة تعيش أيضا على إيقاع لا يسر فالتقديرات تشير إلى احتمال الوصول إلى 10 في المئة مع نهاية 2016، ونسبة النمو كذلك منخفضة جدا بعدما كانت الحكومة السابقة قد حققت 4 في المائة، في حين لم تتجاوز النسبة مع الحكومة الحالية 1.5 في المائة. البام يقترح في هذا الإطار لتجاوز الوضع العمل على الوصول إلى معدل نمو قدره 5 في المئة وبلغة الأرقام دائما توفير 150000 منصب شغل سنويا، والوصول إلى هذه النتائج لن يتأتى إلا بالاستثمار في الصناعة والمشاريع المدرة للدخل، وإذا كانت الحكومة قد وظفت أقل من 14 في المئة من الميزانية العامة في الاستثمار، فإن حزب الأصالة والمعاصرة يعد باستثمار قدره 21 في المائة، مع العمل على توظيف الموارد البشرية بالشكل الجيد لتحقيق، على سبيل المثال، مضامين الاقتصاد التضامني على أرض الواقع من خلال تحريك عجلة التعاونيات وتكريس سبل التضامن ودعم اليد العاملة في أفق توسيع القاعدة المتوسطة التي لا يمكن لأي توازن أن يستقيم بدونها. كما أن برامج التكوين وإعادة التكوين ستكون لها نتائج ملموسة في هذا الإطار، ويجب أيضا تفعيل المخططات الخاصة بالنهوض بالقطاع السياحي، وتطوير القدرات، والموارد الطبيعية (الفوسفاط سيلعب دوما مهما في الأمن الغذائي مستقبلا)، وكذا الاستثمار الأمثل لعائدات المغاربة القاطنين بالخارج. في المغرب، يؤكد العماري، لا يمكن لكل واحد منا بشكل فردي أن يجيب على كل المشاكل المطروحة، نحن شعب يشارك في البحث عن الحلول، ولدينا من الخبراء والطاقات الشيء الكثير بهذا الشأن، وبتوظيف ما عندنا سنصل إلى مغرب أكثر تطورا: اقتصاديا، ديمقراطيا وسياسيا، وعلى مستوى البنيات التحتية... - لا وساطة بين الخالق والمخلوق المشروع المجتمعي لحزب الأصالة والمعاصرة بني على الحداثة والديمقراطية، وإبان التأسيس أكد البام على الدفاع عن الحريات الفردية والحريات الجماعية في إطار احترام الضوابط القانونية، وعلى سبيل المثال تساءل العماري كيف لبشر أن يترجم حكم المفطر في رمضان (الحكم وارد في القرآن) في صيغة فصل ضمن القانون الجنائي، والصيام في رمضان من عدمه يندرج في إطار الحرية الشخصية، في حين أن القرآن يحسم في كون لا وجود لوساطة بين الخالق والمخلوق. ويسترسل العماري في كون حزب الأصالة والمعاصرة دافع عن حرية المعتقد ضمن نص الدستور ولم يتم الوصول إليها وسيظل مدافعا عنها، وسيكون بالمقابل ضد كل قانون لا يحترم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، من منطلق كون الدستور فيه إشارة واضحة إلى إخضاع التشريعات المحلية للمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، ومنه فالحزب لن يسمح لأي كان بأن يعبث بتضحيات الأجداد، يقول الأمين العام للبام، وسنتحالف مع من يتقاسمنا المرجعية والقيم. - كل المعطيات تشير إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة سيحقق الرتبة الأولى في انتخابات 7 أكتوبر بخصوص استحقاقات 7 أكتوبر القادم، قال العماري إن حزب الأصالة والمعاصرة يسعى للفوز، وهو اليوم يحتل الرتبة الأولى بالنظر إلى العديد من المعطيات والتقديرات الداخلية وحظوظ المرشحات والمرشحين داخل الحزب كما أن النتائج التي حققها البام الانتخابات الجماعية كان لها وقعها الإيجابي كذلك، وعلى سبيل المثال أيضا حصل البام على أكبر الأصوات في الجهات التي تقدم فيها خلال الانتخابات الجزئية ل 8 شتنبر الجاري (الخاصة بمجلس المستشارين). وفيما يرتبط بالعتبة، أضاف العماري أن المغرب اختار التعددية الحزبية ولم يقع اختياره على نظام الحزب الواحد ولا الثنائية السياسية كوجه ثان للحزب الواحد، واستمرار الثنائية السياسية في أية ديمقراطية ستتحول مع الزمن إلى بروز تيارات شعبوية وعنصرية. وأحسن الحلول في هذا السياق تعددية سياسية حقيقية تتيح الولوج إلى المؤسسات على قاعدة النسبية لكل الأحزاب، والبام عموما يدعم مبدأ الإنصاف في المشاركة. - باسم حزبنا الصغير وباسم وطننا الكبير سندافع معكم عن قيم الحياة في هذا الكوكب وختم العماري بالإشارة إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة يعمل من أجل نجاح الديمقراطية ونجاح البلاد، يسعى كيفما كان موقعه خلال الاستحقاقات المقبلة لترجمة مقترحاته المتضمنة في مشروع برنامجه الانتخابي، وأكد في حضره أزيد من 40 سفيرة وسفير حضروا أشغال اللقاء على أن الحزب يمضي في سبيل الدفاع عن السياسة الخارجية للمغرب، وسيدافع عن السلم والأمن والاستقرار في العالم. وخاطب العماري الحضور بالقول: "باسم حزبنا الصغير وباسم وطننا الكبير، سندافع معكم عن قيم الحياة التي تبصم وجودنا في هذا الكوكب". تجدر الإشارة إلى أن اللقاء الذي حضره عن حزب الأصالة والمعاصرة السيدات والسادة: غزلان دروس عضو المكتب السياسي وسهيلة الريكي عضو المكتب الفيدرالي، وخالد أدنون ود.سمير بلفقيه عضوي المكتب السياسي، اللقاء تميز بمنح شهادة تقديرية للسيد الأمين العام للحزب، منحت له من طرف السادة سفير ماليزيا الذي يشغل منصب عميد السلك الدبلوماسي المعتمد ببلادنا، والسفير الأردني عميد السلك الدبلوماسي العربي، والسفير الروسي.