صدر في منتصف دجنبر المنصرم كتاب " ما وراء الستار: دراسة استكشافية لمخيمات تندوف من الداخل"، عن دار النشر " نيبون هيورن" اليابانية. الكتاب الذي شارك في إعداده فريق بحثي ياباني مغربي يتناول قضايا تتعلق بالوضع القانوني للاجئين الصحراويين بمخيمات تندوف، وموقف القانون الدولي من عمليات نهب المساعدات الدولية الموجهة لساكنة المخيمات، ثم التطور العام الذي تشهده جبهة البوليساريو الانفصالية. في الشق الجيوستراتيجي والأمني، يتطرق الكتاب لمختلف التقارير والوقائع التي تنسب لأعضاء جبهة البوليساريو تورطهم في ربط علاقات مع تنظيمات إرهابية، ثم في مستوى ثاني يتناول الموقع الجيوستراتيجي الحساس لمخيمات تندوف كنقطة تقاطع مؤثرة على تشويش علاقات التعاون الأمني بين دول المنطقة. أما الفصل الأخير فقدخصص لدراسة ميدانية عن الصحراويين العائدين للمغرب. لقد خصص الفصل الأول لفحص الوضع القانوني لوضعية اللاجئين بالمخيمات، مسائلا في ذلك الأنظمة والمعايير القانونية التي تضعها المفوضية الدولية للاجئين لتحديد هوية اللاجئ، حيث تقف الدراسة على مفارقة الوضع في مخيمات تندوف، التي يحاول البوليساريو تقديمها ككتلة بشرية ضحية، بينما تتم ممارسة عملية ضبط قسري لحرية التنقل والحريات الأخرى داخل المخيمات بواسطة منظومة شبه عسكرية برعاية الدولة المضيفة. وهو الواقع الذين تكشفه بالدلائل الميدانية وتشخيص عدد من الحالات، بما فيها منع اللاجئين الصحراويين من الاستفادة من مساعدات المجموعة الدولية، حيث يتم تحويلها من قبل العناصر المسلحة ل"البوليساريو". وتستنتج الدراسة أن الدولة المضيفة، بدل من أن تصحح الوضع، فإنها لجأت إلى رفض إحصاء اللاجئين المتواجدين على أراضيها. ولا يخفي الفصل مسؤولية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تفاقم هذا الوضع. ويركز الفصل الثاني على حكم القانون الدولي فيما أوردته عشرات التقارير عن وجود سرقات للمساعدات الإنسانية الموجهة للمخيمات. وبعد افتحاص الدراسة لطبيعة المواد المهربة مثل الأدوية والمواد الغذائية، ترى أن مثل هذا السلوك مناف للقانون الإنساني وللقانون الدولي ، وتحمل الدولة المضيفة مسؤوليتها تجاه أي فعل إجرامي على أراضيها.و إذا لم ينجح المجتمع الدولي في تصحيح هذا الوضع ، فإن المانحين للمساعدات يصبحون طرفا أيضا في التحريض على خرق مقتضيات التشريعات الدولية. وقام الباحثون بناء على عدد من التقارير و الدراسات بدراسة التقاطعات بين مقاتلي جبهة البوليساريو و الجماعات الإرهابية النشطة على الشريط الممتد من منطقة فزان (في الجنوب الغربي من ليبيا ) إلى الساحل. لكن الدراسة، تعتبر شهادات بعض قادة القاعدة أنفسهم باستقطاب القاعدة لمقاتلي جبهة لبوليساريو، يستحق التعامل مع هذه المعطيات تعاملا جديا على المستوى الاستراتيجي والدولي المتعلق بمكافحة الإرهاب. إذ كشفت الدراسة لأول مرة عن مقالة للجهادي أبي سعد العاملي " قاعدة بلاد المغرب الإسلامي – حقائق الواقع ووعود المستقبل-" ، و التي يقر فيها المنظرالجهادي كيف : " كان للحركة الإسلامية في مخيمات اللاجئين دور بارز في إحداث نقلة في أفكار العديد من المقاتلين الصحراويين الشباب وعقائدهم ووعيهم السياسي" ، ليعتبرها " جبهة جديدة ونقطة قوة أخرى تضاف إلى جيوب المجاهدين، لاشك أنها ستعزز صفوف القاعدة وستلعب دوراً مهماً في المنطقة من أجل تحرير الأراضي الإسلامية وتنصيب مواقع أقدام للمجاهدين تكون بمثابة النواة الأولى لدولة الخلافة القادمة." وتستفيض الدراسة في تحليل السياقات العامة التي تحدث فيها العاملي عن اختراقات القاعدة لمخيمات تندوف. ولتمثل خطورة هذا القيادي في تنظيم القاعدة، تشرح الدراسة كيف أن العاملي يعتبر واحدا من أنشط المنظرين للحركات الجهادية لفترة ما بعد مقتل أسامة بن لادن، علاوة على دوره التحريضي-التوجيهي لفترة ما بعد "الربيع العربي"، بل واعتباره من أوائل أعضاء القاعدة الحركيين الذين مهدوا للرحيل من القاعدة نحو تنظيم الدولة الإسلامية. في ختام الكتاب، خصص الباحثون فصلا موسعا لعرض نتائج دراسة ميدانية، تعتبر الأولى من نوعها، وتم إنجازها خلال الفترة مابين 2010– 2015 على عينة تمثيلية تتكون من 74 عائد. و شملت الدراسة عدة محاور أساسية، تتعلق بدراسة نماذج إنسانية من المجتمع الصحراوي للعائدين، لترصد من جهة حجم المعاناة النفسية التي رسختها إيديولوجية تغذية الكراهية و الحقد داخل المناهج الدراسية التي اعتمدها البوليساريو في بناء تنشئة اجتماعية مشوهة لأطفال المخيمات، كما رصدت الدراسة وجود حالات صدمية عنيفة يحملها الأطفال الذين تم ترحيلهم نحو كوبا قسرا. الدراسة تناولت أيضا في جلسات استماع متخصصة حالات صادمة لنساء صحراويات تعكس شراسة العنف الرمزي، والمادي الذي مارسته الألة الإيديولوجية للبوليساريو تحت مبررات كثيرة.