... حين كان لنبض الكلمة سطورا مضيئة لا يجيدها الا القليلون متى ستعود لتخرس صوت الناعقين وصوت الحزن حتى لا يحطم أحلامنا الصغيرة ، و يرتفع صوتك مجددا لتصم أذننا عن غيره .. وتخرس كل الأصوات النشاز .. ويسكت نعيق الضفادع وتسكت من حولنا نعيق الغربان.. . فقد آن لهذا العبث أن يتوقف محارب من أجل غد مذاب في خيالنا ... لماذا طال غيابك .. حزينة و شاحب وجه المدينة ، ينقصها حضورك واكتمال الأغنية ... ؟ طرحت السؤال بعفوية ، فلم يتردد في الإجابة : "أنا لست غائبا .. أنا هنا حاظر أراقبكم وانتم ، تعايشون عمركم المليء بالأنتصارات الصغيرة هناك ، وأعايش انا هنا عمرا آخر مليئا بخيباتكم الكبيرة بكبر الوطن ". حاولت أن التقط له صورة فأشاح بيده رافضاً ، وما لبثت الابتسامة أن عادت إلى وجهه حين سألته عن اي عُمْر يتحدث . قال : "عن عُمرٍ تغَرَّب قبل الأوان بأوان , و قبل الغربة بعمر". ذاك ما كان يلفت نظري ونظر محبيه ... ذاك الغياب الذي سجله في السنوات الأخيرة ، فسألته عن سره ؛ أجاب والابتسامة كانت ما زالت على شفتيه: "كان لا بد لي من مسافة ما لأمتهن الرحيل في عوالم خاصة بي ... وانا الآن لا زلت اغني واكتب واقرأ ... و ستموت كل الأشياء معي ذات يوم. و حتى ذلك الحين ... وحتى ينتهي السفر و أمتهن الأستقرار سأبقى معلق بجسد مغترب و روح متمردة عسى أن امتلكهما يوما ما ... وأعود.